في شمال لبنان.. أطفال سوريون بسواعد رجال

 هربا من الحرب المستعرة في سوريا، حط الأطفال السوريون رحالهم في لبنان، ونتيجة لضيق حال هؤلاء، تمركز معظمهم في مخيمات عشوائية في المناطق النائية، كمحافظتي عكار شمالي لبنان والبقاع (شرق).

أغلب الأطفال السوريين هجروا مقاعد الدراسة، وفقدوا براءة الطفولة، بعدما جعلهم النزوح يعملون وهم صغارا، وتحولوا الى أطفال بسواعد رجال، بحسب مراسل الأناضول.

ويعمل أطفال النازحين السوريين في بيع أوراق المحارم (مناديل ورقية)، والثياب والأقراص المدمجة، وغيرها من المواد سهلة الحمل.

يتنقلون يوميا من مخيماتهم المنتشرة في "جرود محافظة عكار على الحدود مع سوريا" الى مركز المحافظة في مدينة حلبا، حيث "زحمة" الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

وبحسب إحدى الإحصاءات غير الرسمية في عكار، يظهر أن نحو ٦٠٪ من أطفال النازحين السوريين يعملون في حقول شتى لضمان بقائهم على قيد الحياة، فضلا عن تعرضهم لمختلف انواع الاستغلال.

يحمل صالح ابن السنوات العشر كيسا ضخما من الثياب يضعه على ظهره حينا، وبين راحة يديه حينا اخر. تقرأ على وجهه الصغير ملامح الخجل عند اقتراب عدسة الكاميرا منه.

ويقول للأناضول "تهجرنا من حلب منذ نحو 4 سنوات. تركنا كل شيء نحبه في سوريا". المدرسة والرفاق، ودراجتي الصفراء الصغيرة".
 يقيم الطفل صالح في مخيم سهل عكار، يغادر في كل صباح إلى مركز المحافظة؛ سيرًا على الأقدام يحمل كيسا مليئا بالثياب، بغية بيعها "يشتري مني عدد كبير من الناس، إلا أنني أبيع بسعر زهيد جدا".

يرفع عيناه إلى السماء قائلا "اشكر الله على كل شيء. فإن بعت بألف ليرة لبنانية يوميا (0,66 دولار أمريكي)، يكفيني لكي اطمأن أن إخوتي وأمي لن يناموا جائعين، وسيفرحون عندما اعود إلى الخيمة وفي يدي ربطة خبز".

على الرصيف، يتجمع عدد من الأطفال السوريين وعند سؤالهم عما يفعلون، يجيبون بخجل "نعمل" لكل منهم "مهنة"، حسب وصفهم.

ينتظرون زحمة السير لكي يتسنى لهم المرور بين السيارات وعرض بضائعهم، يبيع الطفل عبد الرحمن شبلي أقراص الأغاني المدمجة (CD). يتنقل من سيارة إلى أخرى، سائلا "شو بتحب تسمع أغاني يا حلو".

بذكاء شديد يقنع الطفل البالغ من العمر ثماني سنوات، سائقي السيارات بشراء ما لديه قائلا "لا نستطيع العيش ان لم نعمل. نتعرض في الكثير من الأحيان لإذلال ومضايقات من كثيرين، ولكننا نتحمّل لنعيش. حيث لا يمكننا ان نتكل على المساعدات التي من المفروض ان نحصل عليها عن طريق الامم المتحدة.

مسألة عمالة الأطفال والاحداث من النازحين السوريين كانت مادة دسمة على طاولة النقاش في بلدية حلبا مرارا، الا ان ضعف إمكانيات الاخيرة، وعدم وجود فرص للتعاون مع المنظمات الدولية أدت إلى تضاعف أعداد الاطفال العاملين بدلا من تقلصها.

من جهته، قال رئيس بلدية حلبا سعيد شريف الحلبي ان "قضية عمالة الاطفال هي من مسؤولية كل الأطراف المحلية والدولية. الا أن القسم الصعب في المسألة يكمن في تعرض جزءا لا بأس به من الأطفال لاستغلال من قبل مافيات خطيرة، يقومون بتشغيلهم أو يرسلونهم للتسول، ويسلبون منهم ما يجنون من اموال".
 ودعا الحلبي الأمم المتحدة والجهات المانحة إلى "مساعدتهم في إيجاد الية يتم من خلالها الحد من هذه الظاهرة، وإعادة الاطفال الى المداس، لان هناك مكانهم الطبيعي وليس في الشوارع والأزقة".

وأعلنت منظمة الامم المتحدة للطفولة والأمومة "يونيسف" الاربعاء الماضي أن حوالي ألفي طفل سوري لجأوا الى لبنان هربا من النزاع في بلادهم يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية.

ترك تعليق

التعليق