المحاكم المصرفية...سيف مسلط على من بقي من صغار المقترضين

بعد هروب بعضٍ من كبار المقترضين في سوريا خلال السنة الأولى من الثورة، باتت المحاكم المصرفية المُنشئة مؤخراً سيفاً مُسلطاً على من تبقى من المقترضين داخل البلد، ممن عجزوا عن السداد بسبب الظروف الاستثنائية التي لا تساعدهم على تنفيذ المشاريع والأهداف التي اقترضوا الأموال من أجلها.


منذ بضعة أشهر، أصدر نظام الأسد قانوناً جديداً بإنشاء محاكم مُختصة بتسوية النزاعات المصرفية، بعد زيادة نسب التهرب من سداد القروض في سوريا، رغم كل المراسيم والقوانين التي أصدرها النظام لتشجيع المقترضين على سداد قروضهم.


أبرز السلطات التي تملكها المحاكم المصرفية حيال المقترضين، هو منع السفر، الذي فصل حاكم مصرف سوريا المركزي، أديب ميالة، حالات فرضه، وهي ثلاثة: "وجود مقترض متعثر أو يرفض السداد، أو متعامل مع المصارف مخالف للقرارات والقوانين المصرفية، أو وجود خطأ من المصرف كحالات تشابه أسماء المقترضين، وبإمكان أي متضرر مراجعة المصرف مباشرة".


بدوره، أوضح وزير العدل في حكومة الأسد، نجم حمد الأحمد، أن "قرار منع السفر يدخل ضمن السلطة التقديرية للقاضي، وأن من يقدم الضمانات ويقوم بتسديد القروض المترتبة عليه لا داعي لمنعه من السفر".


وأضاف الأحمد أنه "إذا طلب أحد المصارف إصدار قرار بمنع سفر مقترض بعد تهربه أو نكوله عن التسديد أو قيامه بتهريب أمواله إلى الخارج، فإن بإمكان القاضي المختص إصدار مثل هذا القرار كيلا يفلت المقترض من المساءلة القانونية".


وكان وزير العدل، نجم حمد الأحمد، أصدر بداية الشهر الجاري قراراً يتضمن تشكيل المحاكم المصرفية "البدائية والاستئنافية"، في محافظات "دمشق وريف دمشق وحلب، وحمص وحماة وإدلب واللاذقية وطرطوس، ودير الزور ودرعا والسويداء والقنيطرة"، مع غياب لمحافظة الرقة التي خرجت بأكملها عن سيطرة النظام.


ويبقى السؤال هنا: هل سيتغلغل الفساد في أوساط المحاكم المصرفية بحيث يتمكن المقترض القادر على الدفع من الفرار خارج البلاد، بما اقترضه، ويقع العاجز عن الدفع تحت براثن "العدالة".
سؤال تبدو الإجابة عليه واضحة في سياق معرفة القاصي والداني بواقع الفساد المُستشري في أوساط القضاء السوري.


في السياق نفسه، يُطرح تساؤل آخر: هل من العدالة محاسبة المقترضين قبل بدء الثورة على الواقع القائم اليوم، حتى لو ترافق ذلك مع قوانين تسُهل عليهم ظروف السداد، فسبب اقتراضهم الأصلي لم يُلبى على الأغلب؟


بكل الأحوال، تبدو المحاكم المصرفية أداة جديدة من الأدوات التي يعتزم نظام الأسد من خلالها الحصول على موارد مالية جديدة، بصورة قانونية وشرعية كما يظهر للعيان.

ترك تعليق

التعليق