سوق الشهادات الجامعية المزورة...بين الضحايا والمستغلين

 انتشرت ظاهرة تزوير الشهادات الجامعية بكثرة، حيث لاقت رواجاً كبيراً لدى عدد من السوريين الراغبين في الهجرة إلى الدول الأوروبية، وأولئك الراغبين في تأمين عمل لائق في دول اللجوء العربي، خاصة بعد أن فقد الكثير من الشباب السوري فرصته لإكمال تحصيله الجامعي بسبب ظروف الثورة وما أتبعها من ملاحقات أمنية للمشاركين فيها.

وقد أجرى "المركز الصحفي السوري" تحقيقاً صحفياً حول هذه القضية الشائكة، تحدث فيه إلى أحد مروجي هذه الشهادات المزورة، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، قائلاً: "يتوفر لدينا شهادات هندسة وشهادات حقوق واقتصاد وأدب عربي وشهادات طب وصيدلة للطلاب الذين لم يتمكنوا من إكمال دراستهم في هذين الفرعين، بشرط أن يكون الطالب قد بلغ السنة السادسة في دراست". وأضاف بأن الشهادات تحمل جميع الأختام والتواقيع النظامية، بالإضافة إلى وجود أختام وزارة الخارجية عليها للمصادقة، ويستلم الشخص الشهادة مختومة ومصدقة وبمعدل عالٍ لا يقل عن 80% وهو معدل ممتاز حسب اللائحة الداخلية للجامعات، وكل شهادة لها سعرها الخاص بها.

وأكد بأن هذه الشهادات غير صالحة للاستخدام داخل سوريا، وإنما هي مخصصة للاستخدام في بلدان غير سوريا، وهي تفيد السوريين في بلاد الاغتراب، على حد قوله، كما أنه لا يوجد لها أساس في سجلات الجامعة.

ولم يقتصر الأمر على الدول الأوروبية بل حصل عدد كبير من السوريين في لبنان، وفي دول الخليج على شهادات جامعية، ولكن لم يثبت أنهم استخدموها بعد، خوفاً من التنسيق والتواصل القائم بين الجهات الحكومية السورية وحكومات الدول العربية، بموجب اتفاقيات موقعة بينهم سابقاً.

"الشاب إبراهيم 28 سنة" يحمل اليوم إجازة مزورة في الرياضيات ويعمل الآن مدرساً في إحدى المدارس التي أقيمت للاجئين السوريين في تركيا، وقد قال: "أنا من طلاب السنة الثالثة في قسم الرياضيات. لم أستطع الذهاب إلى الجامعة منذ بداية الثورة لأني أصبحت مطلوباً نتيجة مشاركتي بعدة مظاهرات، لذلك قمت بشراء شهادة مزورة لكي أعمل بها".

يبرّر أحد الطلاب المستفيدين من تلك الشهادات الأمر، وقد رفض الإفصاح عن اسمه، بالقول "حين يتوقف تخرجك على مادة واحدة في إحدى الجامعات السورية، وتتوقف حياتك كلها بسبب حرب لم يكن لك فيها أي دور سوى أنك ضحية، يُصبح الإحباط رفيقك اليومي من لحظة اضطرارك لمغادرة وطنك، هرباً من الخدمة العسكرية، إلى لحظة انعدام الحيلة في بلد اللجوء". إلا أن الطالب يستنكر في الوقت ذاته، حصول أي شخص على شهادة جامعية، فهو يرى أنه، يجب ألا يحصل على الشهادة سوى من يثبت أنه كان في سنوات دراسته الأخيرة، وتوقف حلم تخرجه بسبب ظروف الحرب.

وهنا يقول "خالد"، وهو خريج جامعي حصل على شهادته في العام الماضي، إنه لشيء محزن أن ترى أشخاصا ربما لا يستطيعون أن يكتبوا اسمهم، وهم يحملون شهادات تضاهي الشهادات التي درسنا أكثر من عشرين عاماً للحصول عليها، كما إنهم يتسببون بالضرر لنا في الخارج، حيث أصبحت شهاداتنا مشككا بها إلى درجة كبيرة".

وأضاف خالد "لا أستبعد أن يصدر قرار في الدول الأجنبية ينص على عدم الاعتراف بالشهادات الصادرة من الجامعات السورية خلال الأزمة. وربما يحصل طالب "طب أو صيدلة" لم ينتهي من دراسته بعد على شهادة مزورة، ويعمل بموجبها في إحدى المشافي ويشكل خطراً على حياة المرضى لعدم اكتمال معرفته ببعض الأمور التي تخص المرضى، لذا يجب إغلاق مكاتب التزوير من قبل الجهات المعنية بالأمر".

ترك تعليق

التعليق