صحيفة أمريكية: سوريا تغرق في ظلام دامس

نشرت صحيفة "ذا اتلانتيك" الأمريكية، تقريراً أمس الأحد، حول انقطاع الكهرباء شبه الدائم عن معظم المدن السورية، باستثناء دمشق والقنيطرة، نتيجة للصراع الدائر منذ قرابة 4 أعوام، تناولت فيه مختلف آثار ذلك على جوانب الحياة في هذا البلد.

ومن الصعب تقدير حجم الدمار الذي تسببت به الحرب في سوريا، ليس بسبب ارتفاع عدد الوفيات وحسب، بل لأن الأعداد ذاتها غامضة، وعلى سبيل المثال، ذكرت تقارير أن أكثر من 200 ألف شخصاً ماتوا خلال 3 سنوات ونصف من الصراع، ولولا أن تلك المعلومات، صدرت عن منظمة غير شفافة مقرها إنجلترا، لا تطلع أحداً على مصدر معلوماتها، أو المنهجية التي تعتمدها في كتابة سجلاتها، لكان الجميع صدق ما ورد منها.

ومن جانب آخر، تلجأ جميع أطراف الصراع للمراوغة حول الرقم الفعلي للقتلى، ولكن لا تتوفر بدائل كثيرة، كما توقفت الأمم المتحدة عن إحصاء القتلى.

نهج غير تقليدي

وأشار "ذا اتلانتيك" إلى أن الباحثين في جامعة ووهان في الصين، اعتمدوا نهجاً غير تقليدي في تقدير حجم الدمار، إذ ظهر من خلال دراسة أجريت لصالح مجلة الاستشعار عن بعد، وأعدها إكس آي لي وديرين لي، كيف تجنب الباحثون ذكر إجمالي أعداد الوفيات، ولجأوا عوضاً عنه إلى الأقمار الصناعية الأمريكية التي تحوم على ارتفاع يزيد عن 800 كم فوق سطح الأرض.

وبحسب الدراسة، فأن صورة سوريا من الفضاء، تقدم أحد مصادر المعلومات الموضوعية القليلة المتوفرة عن الأزمة في هذا البلد، ومن خلال تقييم الصور المأخوذة عبر الأقمار الصناعية، استنتج الباحثان أن توفر الإضاءة الليلية تراجع بنسبة ٧٤٪ عبر الأراضي السورية من آذار 1974 إلى شباط 2014.

ويبقى الاستثناء هو العاصمة دمشق، والقنيطرة القريبة من الحدود مع إسرائيل، والتي انخفض فيها معدل الإنارة الليلية بنسبة 35٪ تقريباً، وبكلمات أخرى، يمكن القول أن سوريا تسطع حالياً خلال الليل بما يعادل ربع ما كانت عليه قبل الحرب.

الفارق الكبير

وعرضت "ذا اتلانتيك" صوراً التقطت عبر الأقمار الاصطناعية لسوريا ذات ليلة من آذار، قبل بدء الانتفاضة، إلى جانب صوة أخرى التقطت في شباط 2014، ويمكن ملاحظة الفرق الواسع في حجم وانتشار الإنارة، وكيف أن مدناً كبرى كحلب أظلمت، وأخرى عديدة عبر مساحة الأراضي السورية، وخاصة عند مقارنة هذه الحالة مع الدول المجاورة كتركيا ولبنان والأردن، بقيت أنماط الإنارة على ما كانت عليه طوال مدة الأعوام الثلاث.

وبحسب الدراسة، تراجع معدل الإنارة الليلية مدينة حلب التي تعرضت لقصف شديد، بنسبة 88٪.

الإنارة والنزوح

وبحسب الصحيفة فعندما يسود الظلام فوق مدينة ما، فذلك لا يشير للموت والدمار كتراجع النشاط الإنساني وانخفاض موارد الطاقة والمباني المدمرة وحسب، بل للنزوح أيضاً، فإن قرابة نصف السوريين هجروا منازلهم، منذ عام 2011، والإنارة تختفي عندما تفرغ البيوت من أصحابها، ووجد الباحثون صلة بين عدد الأشخاص الذين نزحوا إلى مناطق أخرى داخل الأراضي السورية، وبين حجم فقدان الإنارة الليلية.

جبهة جديدة ضد الإرهاب

وتشير الصحيفة إلى الحملة الأمريكية ضد الإرهاب، وتحول الأراضي السورية إلى جبهة جديدة في هذه المعركة، إذ لم يعد يوجد إلا قلة من الصحافيين داخل البلد، ووفرت الأقمار الاصطناعية بديلاً لصور هؤلاء، وإن كانت الصور التي تلتقطها بعيدة وغير واضحة تماماً، إلا أنها تراقب كل شيء بدءاً من نقل الأسلحة الكيماوية وصولاً لتوسع مخيمات اللجوء ودمار المعالم التاريخية.

ترك تعليق

التعليق