"في العراء: مخيم باب السلامة ومأساة الأطفال النازحين المنسية"

أكثر من 15 ألف سوريّ، ثلثهم أطفال، يعيشون في خيمٍ متهالكةٍ، ينتظرون "كابوس" الشتاء المُرتقب، وسط إهمالٍ لمأساتهم من جانب المجتمع الدولي، وعجز عن إيجاد حلول نهائية لمشكلاتهم من جانب المنظمات والمؤسسات الراعية لمخيمهم.

هذه حال، مخيم باب السلامة، على الجانب السوري من الحدود مع تركيا، حيث المستنقعات الناتجة عن نقاط توزيع مياه الشرب، وبدائية شبكة الصرف الصحي، تُنذر بالمزيد من الأوبئة والأمراض، التي بدأت طلائعها تنهش بأجساد الأطفال الغضة.

ففي تقرير بعنوان "في العراء: مخيم باب السلامة ومأساة الأطفال النازحين المنسية"، يرصد المكتب الإعلامي للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، تفاصيل ما تعانيه العائلات السورية النازحة في هذا المخيم، حيث ظروف الحياة صعبة هناك، ولا تتوفر وسائل للعيش أو التعليم للأطفال النازحين.

يقع مخيم باب السلامة الحدودي داخل الأراضي السورية بجوار المعبر الحدودي بين سوريا وتركيا في ريف حلب الشمالي غير بعيد عن مدينة اعزاز الواقعة شمال مدينة حلب. ويسيطر الثوار على المعبر منذ سنتين تقريباً.

ويشير تقرير الائتلاف، الذي اطلعت "اقتصاد" على نسخة منه، إلى أن المخيم أُنشئ منذ أكثر من عامين، على أرض زراعية، وتبلغ مساحته 8 هكتارات، ويضم 2341 خيمة، و100 كرفانة.

ويعتمد التقرير المذكور على أرقام جمعها فريق صحفي من مركز حلب الإعلامي لصالح المكتب الإعلامي للائتلاف الوطني السوري، من خلال قيام الفريق بزيارة المخيم ورصد حالته.

يبلغ عدد العائلات في المخيم 2441 عائلة بما يعادل 15600 شخص، موزعين على 12 قطاع داخل المخيم.

ويحصل سكان المخيم على المياه من خزانات كبيرة موزعة داخل المخيم وموصولة بأنابيب إلى 30 نقطة يحصل الأهالي على الماء من خلالها، فهناك نقاط خاصة بالرجال وأخرى بالنساء، لكن بدائية شبكة نقل مياه الشرب تؤدي إلى تشكل مستنقعات قرب الخيم مسببةً أزمة نظافة، تزيد من معاناة الأهالي، خاصة أن الأرض طينية.

ويوجد محطة تحلية للماء التي يتم استجرارها من الآبار، لكن توزيع نقاط الحصول على ماء الشرب، لا يشمل كامل المخيم، مما يخلق معاناة في الحصول على مياه الشرب لبعض سكان المخيم.

يصل عدد الطلاب في المدارس داخل المخيم إلى 1600 طالب من بينهم 1200 ابتدائي، وهو ثلث عدد الأطفال الموجودين في المخيم الذين يقدر أعدادهم بنحو 5 آلاف طفل، مما يؤسس لحالة أُمية مُستشرية.

يقدم المخيم وجبات طعام يومية (فطور وغداء لأهالي المخيم)، لكن الأهالي يشتكون من سوء ونقص الطعام المقدم إليهم، والذي يفتقر لوجود مادة اللحوم الضرورية لتغذية الأطفال، وكذلك يشتكون من الجودة.

يشرف على تقديم الطعام مطبخ تابع لمنظمة "ihh" التركية، لكن لا يوجد طعام خاص بالأطفال، كما أن إدارة المخيم لم توزع حليباً للأطفال أو طعاماً لهم منذ نحو 3 أشهر، لعدم تواجد هذه المواد، وهو أمر يقلق إدارة المخيم، بسبب تأثيره على صحة الأطفال ونموهم الجسدي والفكري.

أما بالنسبة للوضع الصحي فهو سيء للغاية، فتردي خدمات المخيم وانتشار المستنقعات وبدائية شبكة الصرف الصحي، وكون الأرض طينية، يعزز فرص انتشار الأوبئة والأمراض السارية.

يتوفر في المخيم نقطة طبية واحدة فيها 8 أطباء، لكن النقطة لا تسد حاجة المخيم. وقد لوحظ انتشار اللشمانيا الجلدي، وسُجلت أكثر من ألف حالة إلى الآن، بسبب وجود شبكات صرف صحي مكشوفة منتشرة في قلب المخيم، وهناك تخوفات من انتشار أمراض معدية أخرى منها مرض الكوليرا والتيفوئيد، كما أصيب العشرات من سكان المخيم بالإسهال.

يبلغ عدد الأيتام من الأطفال 400 طفل، وعدد المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة 250 حالة. لا يتلقى الأيتام أي رعاية ويضطر الكثير منهم للعمل وتحصيل معيشتهم بدلاً من تلقي التعليم، ويعمل معظم هؤلاء الأطفال في نقل وحمل البضائع في معبر باب السلامة، وهي أعمال لا تتناسب مع أعمارهم وأجسادهم الغضة.

يكون العمل للطفل ليوم واحد في الأسبوع على الأغلب، ويتقاضى العامل مبلغ 2000 ليرة سورية، فنظراً لكثرة العاملين الموجودين سواء كانوا أطفالاً أم شباباً يتم منح يوم عمل واحد في الأسبوع لكل منهم.

يوجد في المخيم 200 امرأة أرملة و200 مطلقة، لا تتلقين أي مساعدة وتضطر معظمهن للعمل في الاراضي الزراعية المجاورة للمخيم برواتب قليلة وبساعات عمل مطولة مبتعدات عن أطفالهن لفترات طويلة الأمد.

وكمثال، يذكر التقرير حالة طفل عمره 15 سنة هو المعيل الوحيد لعائلته التي فقدت كلا والديها، ولديه خمسة أخوة أربعة منهم أصغر منه، والخامسة فتاة تكبره بسنتين، يعمل يوماً واحداً في الأسبوع في المعبر الحدودي لقاء 2000 ليرة.

قامت وزارة الاتصالات والنقل في الحكومة السورية المؤقتة بعملية تعبيد للشوارع في مخيمي باب السلامة وأطمة، حيث فرشت طبقات من المود الحصوية مع الدحل والتمهيد في شوارع المخيمات، حيث بلغت كلفة المشروع في مخيم السلامة 24 ألف دولار، بينما بلغت الكلفة في مخيم الكرامة (أطمة) 50 ألف دولار، ويبلغ طول الشوارع المعبدة في المخيمين بحدود 5.2 كم.

وقام الأهالي بأخذ حصة من المواد الحصوية لفرش أرضية خيمهم خوفاً من تداعيات الشتاء حيث تتحول الأراضي إلى كارثة حقيقية.

وقد ذكر المكتب الصحفي لوزارة الاتصالات، في تصريح لمعدّي التقرير، أن تعبيد طرق المخيمات بالمواد الحصوية بأتي لإنقاذ اللاجئين السوريين في المخيمات من كابوس الوحل والمستنقعات بسب أمطار فصل الشتاء ولفتح كافة الطرقات لتسهيل إيصال المعونات والمساعدات الإنسانية اللازمة.

كان رئيس الائتلاف، هادي البحرة، قد طالب سفراء دول "أصدقاء سوريا"، منذ فترة، بـ "ضرورة تسليح النازحين واللاجئين والمحاصرين في المدن السورية وخاصة غوطتي دمشق بالمدافئ والمعاطف والخيام لتمكين هؤلاء الناس من مواجهة البرد القارس الواقف على أبواب الشتاء"، مشيراً إلى الكارثة الإنسانية التي تشهدها مخيمات أطمة على الحدود السورية والتركية وغيرها من المخيمات الأخرى.

ترك تعليق

التعليق