"أضحية العيد" تخفف عن اللبنانيين واللاجئين السوريين

"أضحية العيد" باتت فرصة جديدة لتخفيف وطأة الفقر والعوز اللذين أصبحا يطولان شريحة أوسع من اللبنانيين بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد، وتشاركهم بها الأعداد المتزايدة من اللاجئين السوريين، و"ضيوفهم" الأوائل من اللاجئيين الفلسطينيين.

"المعاناة واحدة والمصيبة تجمع"، جملة تختصر أوضاع الكثير من اللبنانيين واللاجئيين وهم يستعدون للاحتفال بـ"عيد الضحى" المبارك.

وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الأضاحي "نسبيا" هذا العام، إلا أن استقرار عدد المضحين والمتبرعين إلى حد كبير ساهم بتمكين الجمعيات الخيرية من مساعدة أكبر عدد ممكن من المحتاجين.

وبحسب مراسل الأناضول، فإن أسواق الأضاحي في لبنان تشهد هذه الأيام حركة نشطة على عكس الجمود في الأسواق الأخرى، حيث تعرض الأنواع المختلفة من الخرفان الصغيرة والمتوسطة والأكباش، إلى جانب الماعز والأغنام والعجول، في أماكن مخصصة لذلك وعلى الطرقات في بيروت وضواحيها.

وقال خضر الطايع، أحد تجار الأغنام والماعز في منطقة الجناح على مدخل بيروت الجنوبي إن "من يريد أن يضحي في العيد يشتري الأضحية سواء كانت رخيصة أو غالية"، مشيرا إلى أن أسعار الأضاحي هذا العام "مرتفعة نسبيا".

وعزا الطايع ارتفاع الأسعار الى إغلاق الحدود بين لبنان وسوريا وعدم إمكانية استيراد الأضاحي من وعبر سوريا.

وأشار الى أن سعر الأضحية حاليا يتراوح بين 200 إلى 500 دولار أمريكي، موضحا أن الخروف البلدي هو الأغلى ثمنا، حيث يصل سعر الكيلو الواحد منه الى 6.5 دولار أمريكي، ثم في الدرجة الثانية الخروف الذي يتم استيراده من تركيا، وفي الدرجة الثالثة خروف "البيلا" الذي يتم استيراده من أستراليا.

وفي ظل "قلة حيلة" الكثيرين من اللبنانيين والفلسطينيين المقيمين في مخيمات اللجوء في الكثير من المناطق اللبنانية، واللاجئين السوريين الذين تجاوز عددهم المليون و200 ألف في لبنان، تسعى العديد من الجمعيات الأهلية والخيرية والاجتماعية للتخفيف عنهم من خلال المبادرة بـ"مشاريع الأضاحي" بجمع التبرعات من الميسورين وشراء الأضاحي وذبحها وتوزيعها على المحتاجين في أيام العيد.

أحمد خضر، مسؤول العلاقات العامة في جمعية "تكافل لرعاية الطفولة" (أهلية)، قال إن مشروع الأضحية الذي تقوم به الجمعية خلال عيد الأضحى لهذا العام سيشمل 3 آلاف أسرة ستحصل كل منها على حصص من لحوم 500 أضحية، مشيرا الى أن الجمعية بدأت أيضا بمشروع "كسوة العيد" لتوزيع الملابس على المحتاجين والفقراء "عسى أن ندخل الفرحة إلى قلوب المحتاجين والفقراء".

وقال خضر في مقابلة مع "الأناضول"، إن المستفيدين من مشروعي الأضاحي وكسوة العيد هم لبنانيون واللاجئون السوريون والفلسطينيون، لافتا إلى أن الجمعية تتلقى التبرعات المادية والمالية ممن وصفهم بـ"أصحاب الأيادي البيضاء".

وأوضح أن أسعار الأضاحي ارتفعت هذا العام عما كانت عليه في الأعوام الماضية، مشيرا إلى أن هذا الأمر ادى إلى خفض عدد الأضاحي التي عادة تستلمها الجمعية.

من جانبه، قال علي عزام، مدير مكتب الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية "إنتربال" في لبنان، إن المؤسسة بصدد توزيع مساعدات مالية لـ760 مستفيدا تتكفل المؤسسة بهم، من أطفال أيتام وأسر محتاجة وكبار سن ومحتاجين، مشيرا إلى أن المبلغ سيتراوح بين 50 إلى 100 دولار أمريكي لكل مستفيد.

وأشار عزام خلال مقابلة مع "الأناضول"، إلى أن مشروع الأضاحي الذي تنظمه المؤسسة هذا العام سيشمل 3 آلاف مستفيد، بقيمة 20 دولار أمريكي لكل منهم، موضحاً أن الأكثر استهدافا في هذا المشروع هي التجمعات الفلسطينية في لبنان واللاجئين السوريين داخل التجمعات الفلسطينية.

و"إنتربال" مؤسسة غير سياسية أو ربحية تأسست عام 1994، وتهدف لدعم العمل الخيري في فلسطين، ومركزها الرئيسي في العاصمة البريطانية لندن.

وأضاف مدير المكتب أن تمويل مشاريع المساعدات ومشروع الأضاحي يأتي من المكتب الرئيس لـ"إنتربال"، لافتا الى أن تمويل "إنتربال" هو من عموم الناس وفاعلي الخير الذين "يتمتعون بحس إنساني وميول وتعاطف مع القضية الفلسطينية" في لندن.

وأكد عزام أن حاجات اللاجئين والفقراء المقيمين داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان "أكبر من أن تلبيها مؤسسة أو مجموعة مؤسسات"، مستشهدا أن عمل "وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"(أونروا) التابعة للأمم المتحدة "في تراجع.. فكيف بالمؤسسات الأصغر؟".

وقال إن مساعدات المؤسسات الاجتماعية والخيرية للمحتاجين خاصة في ظل وجود أزمة سورية وأزمة عراقية "ما هي إلا تدخلا ومساهمة وليس حلاً للمشكلة".

يذكر أن أعداد اللاجئين السوريين بلبنان، بحسب إحصاءات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فاق المليون ومئتي ألف، ورجّحت المفوضية أن يتجاوز عددهم المليون ونصف المليون في نهاية العام الجاري.

ولجأ مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى لبنان في عام ١٩٤٨ مع "النكبة" الفلسطينية وقيام دولة (إسرائيل)، وما زالوا، بعد مرور أكثر من 66 عاماً، يتواجدون في 12 مخيماً منتشرا في أكثر من منطقة لبنانية، وتقدر الأمم المتحدة عددهم بحوالي 460 ألفا.

وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" أشارت إلى أن 170 ألف لبناني سيصبحون في عداد الفقراء نهاية عام 2014، عدا المليون لبناني الذين يعيشون دون خط الفقر حالياً.

ترك تعليق

التعليق