سرقة المواطن جهاراً نهاراً.. هكذا يفهم النظام إعادة توزيع الدعم لمستحقيه!!

مفهوم إعادة توزيع الدعم لمستحقيه بدا جديداً على المواطن خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة، التي حاولت تمرير رفع أسعار المواد تحت غطاء هذا المفهوم، والآن تعود حكومة النظام إليه من جديد عبر "عقلنة الدعم".

آخر ما جاء على لسان مسؤولين من النظام في هذا الشأن قاله رئيس هيئة تخطيط الدولة، همام الجزائري والذي لخص مفهوم عقلنة الدعم بأن من يأكل ربطتين من الخبز يومياً لماذا لا يوفر ويأكل ربطة ونصف؟.

لم يكن ما قاله الجزائري كلاماً عابراً إنما يمكن قراءته على أنه تلخيص لفكرة النظام فيما يخص إعادة توزيع الدعم لمستحقيه.

غالباً ما كان بند الدعم في الموازنات الحكومية مرتفع، لكن من خلفه تجمع الأموال وتملأ جيوب الفاسدين، وهذا ما يفسر بعض الأرقام التي يذكرها المسؤولون بين الحين والآخر عن الدعم وتكون حتى أعلى مما رصد لها في الموازنة.

ولعل آخر الضربات التي تعرض لها المواطن وأكثرها قساوةً معنوياً أكثر منه اقتصادياً هو رفع الدعم الأخير عن الخبز وفيه مثال على الأرقام المتناقضة، وغير الواقعية، حيث قفز مبلغ الدعم من 138 مليار ليرة مرصودة في موازنة العام 2014 إلى 176 مليار ليرة جاءت على لسان مسؤولي النظام خلال حملة الترويج لقرار رفع الدعم، مع العلم أن الرقم الأخير من شأنه أن يغطي تكلفة شراء 4.6 مليون طن من القمح، في حين أن الرقم " 138 مليار ليرة" الوارد في الموازنة والذي يعتبر أيضاً رقما ضخما جدا، من شأنه أيضا أن يغطي ما يقارب 3.6 مليون طن قمح ما يعني أن لكل مواطن حصة 156 كيلو من القمح سنوياً وبشكلٍ مجاني.

الدعم يعتبر أحد الوسائل الخاصة بحماية المهمشين اجتماعياً واقتصادياً، كما يستخدم لدعم قطاع اقتصادي معين من أجل تحسين أدائه وتطويره، وفي سوريا كان يتم استخدام الدعم بشقيه السابقين، على اعتبار أن الدولة هي الراعية عن كامل النشاط الاقتصادي في البلاد تحت مسمى الاشتراكية، وهنا يشير خبير اقتصادي، فضل عدم ذكر اسمه، أن الاشتراكية لم تصل يوماً من الأيام إلى سوريا، فما كان يحدث هو رأسمالية من قبل الدولة، تغيرت في عهود التوجه الليبرالي لتتحول إلى رأسمالية أشخاص.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أنه باعتراف الحكومة التي بدأت فعلياً بشعار إعادة توزيع الدعم لمستحقيه ومهندسها عبد الله الدردري فإن ثمار النمو كانت من نصيب 10 % فقط من السوريين، في حين بقي السواد الأعظم خارج دائرة التنمية، وكانت هذه الشريحة هي أكبر المتضررين من قرارات رفع الدعم، التي جاءت في زمن الدردري متدرجة وغير صادمة، أما في زمن الحكومة الحالية التي يفترض بها أن تكون حكومة أزمة فقد تم فضح كل المفاهيم التي سبق وحاول النظام ترويجها، عن استمراره في دعم المواد الأساسية، ليظهر جلياً تملصه منها وكأنها أحد العطايا التي يحق له سحبها من الناس، ويعتبر أن عقلنة الدعم هي في تخفيض استهلاك المواطنين من المواد المدعومة.

وغالباً ما ذهبت أموال الدعم إلى غير مستحقيها، كما سبق وحدث في تجارب رفع أسعار المازوت وتوزيعها سواء عبر الشيكات أو القسائم، وهنا ينوه الخبير إلى أن حكومة العطري على الأقل حاولت أن تقدم الدعم بشكلٍ آخر حتى وإن كان بآليات سيئة تفتح الباب واسعاً أمام الفساد، لكن حكومة النظام حالياً تسحب الدعم ولا تقدم شيئا مقابل ذلك، وترافق رفع الأسعار السابق بشائعة زيادة الرواتب التي ورغم عدم نفعها إلى أنه لم يقدم على هذه الخطوة.

ويرى الخبير الاقتصادي أن أرقام الدعم مبالغ فيها لا سيما عندما يتم احتساب السلع المنتجة محلياً بسعرٍ عالمي ويحتسب الدعم وفق هذا الأساس، لذلك يعتبر باب الدعم في الموازنات أحد طرق الفساد، وبالتالي سرقة أموال المواطن.

ويؤكد الخبير على أن فكرة الدعم مشوهة للاقتصاد لكن في الحالة السورية الدعم هو حق من حقوق المواطن في ظل دخل لا يتجاوز 100 دولار شهرياً.

ترك تعليق

التعليق