عازف ناي سوري يبيع الحزن لمن يشتريه في شوارع المفرق الأردنية

في شوارع مدينة المفرق الأردنية وأزقتها الضيقة يتجول اللاجىء السوري حسن حلاونة حاملاً جعبة قماشية تضم عدداً من النايات وفي يده إحداها يعزف عليها ألحاناً شجية ولسان حاله يردد مع جبران خليل جبران (أعطني الناي وغنّي فالغنى سر الوجود وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود) .. حسن الخمسيني الذي فرّ من مدينة درعا منذ عامين، ابتكر أسلوب العزف على آلاته البسيطة هذه لاستدراج الزبائن ليشتروا بضاعته معولاً على عذوبة صوت النغم ليدغدغ مشاعر المارة بتعلم العزف على آلة طالما اكتنزت بين ثقوبها الحزن والشجن.

عشق هذه الآلة الحزينة منذ صغره، فحينما كان في العشرين من عمره كان يذهب إلى الأعراس ويعزف على الناي مشاركاً مجموعة من الشبان الغناء والعزف –كما يقول- ومن الفنانين الذين غنوا وراءه "فرج قداح".

وأوجد حلاونة لنفسه مهنة يعتاش منها في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها اللاجئون السوريون في الأردن، ومن خلال هذه المهنة أشبع حلاونة عشقه لعالم النايات، وحول كيفية صنعه للناي والمراحل التي تمر بها هذه الصنعة يقول: نأتي بالقصب العادي نأتي به من الحمة أو من وادي الزرقا ويتم تعريضه للشمس حتى يجف ويتم تثقيبه بالموس أو بالنار بمقاسات فيعطي صوتاً شجياً وللناي –كما يقول– نوعان، منه القصير ومنه الطويل.

وتتكون هذه الآلة من تسع عُقَل بها ستة ثقوب على استقامة واحدة وثقب آخر من الخلف يتحكم به الإبهام.

امتهان “حلاونة” لبيع النايات والعزف عليها منذ لأكثر من ثلاثين عاماً كان كفيلاً بأن يجعل منه عازفاً متمكناً ومع ذلك فإن إتقانه للعزف لم يرافقه تعمق في عالم الموسيقا ومقاماتها فبقيت علاقته علاقة فطرية –كما يقول– وكل المقطوعات التي يرددها يعزفها بشكل سماعي: "الأغاني التي أعزفها كثيرة كالدلعونا والنايل والسويحلي شو بدك أغاني بجيبلك اياها".

وحول قواعد العزف على هذه الآلة يقول حسن حلاونة: يوضع الناي على جانب الفم وينفخ الهواء بزاوية ٤٥ درجة في حافة الآلة وعلى حسب قوة النفخ يمكن التحكم في طبقة الصوت للنغمات. مثال على طبقة النغمات عند العزف على الناي العقلة الدوكه: عند غلق جميع الفتحات تكون النغمة هي الدو أو الرست ويتتابع رفع الأصابع حتى نصل لنغمة الصول أو النوى. النفخة الأعلى مع غلق جميع الفتحات تبدأ بنغمة النوى وتنتهي بنغمة الري أو الدوكه الجواب. النفخة الأعلى تبدأ بنغمة الرست جواب وتنتهي بالنوى الجواب. ويمكن النفخ بدرجة السلف أقل من النفخة الأولى للحصول على الرست القرار والانتهاء بالنوى قرار ولتكملة السلم يستخدم الإبهام الأيسر للحصول على نغمتي الـ (لا والسي).

ضيق الوقت والحاجة للعمل حالا دون أن يعزف ”حسن حلاونة” للثورة السورية أو أن يعكس تجربة اللجوء في عزفه وحول ذلك يقول بلهجته الحورانية: "ما قدمت معزوفات للثورة السورية مع الأسف أنا بروح على الأعراس والوقت ضيق، بدنا نشتغل لنعيش".

ترك تعليق

التعليق