بلديات أردنية تشتكي من تكاليف اللجوء السوري

نشرت صحيفة "الغد" الأردنية تقريراً يفصّل شكاوى مسؤولي البلديات الشمالية في الأردن من تبعات اللجوء السوري إليهم.

فمع استمرار تدفق اللاجئين السوريين، إلى العديد من محافظات الأردن، خصوصاً محافظات الشمال، يؤكد رؤساء بلديات في هذه المحافظات أن تكلفة اللجوء السوري تتجاوز بكثير ما تم تخصيصه من الجهات المانحة للبلديات المتضررة.

وفي ظل عدم كفاية الدعم المالي للبلديات من الجهات المانحة، والمقدر بنحو 53 مليون دولار، يقول رؤساء هذه البلديات لـ”الغد”، إن دراسة متخصصة، أعدت في وقت سابق، كشفت عن حاجة المملكة لنحو 200 مليون دولار من المانحين في الخارج، لتتمكن من تقديم الدعم اللازم لمختلف القطاعات الصحية والخدماتية للاجئين السوريين.

ويؤكد هؤلاء الرؤساء "أن البلديات المتضررة من هذا اللجوء السوري، ومن بينها إربد الكبرى والمفرق والزرقاء، لم تتلقَّ أي دعم مالي من مشروع الخدمات الطارئة والتكيف الاجتماعي للبلديات المستضيفة للاجئين السوريين".

وأشاروا إلى أن عبء اللجوء السوري، يحد كثيرا من قدرة البلديات على تقديم الخدمات والقيام بأعمال البنية التحتية، "بل يساهم في تدهورها"، متسائلين عن سبب عدم طرح العطاءات الخاصة بشراء الآليات تنفيذا لقرارات سابقة لوزارة الشؤون البلدية وبنك تنمية المدن والقرى.

ووصل عدد اللاجئين السوريين في الأردن المسلجين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى نحو 600 ألف، في حين تشير التقديرات الحكومية إلى أن عددا غير المسجلين رسميا يصل إلى 700 ألف.

ومن أبرز تحديات وتبعات اللجوء السوري على البلديات، وفق رؤساء البلديات، هي القدرة على تقديم الخدمات، كالنظافة العامة للشوارع والأحياء، مشيرين إلى حجم النفايات الكبير الذي تتعامل معه البلديات والذي يقدر بـ1500 طن.

وأكد رئيس بلدية الزرقاء الكبرى المهندس عماد المومني أن وجود اللاجئين السوريين، في محافظة الزرقاء، الذين وصل عددهم لنحو 150 ألفا، أدى إلى حدوث مشكلات بيئية واجتماعية واقتصادية من بينها ارتفاع حجم النفايات اليومي إلى 170 طنا، ما يشكل عبئا إضافيا على البنية التحتية في المدينة، والمقدرة تكلفته بنحو مليوني دينار سنويا.

ويعد هذا المبلغ ضخما بالنسبة لبلدية الزرقاء التي تبلغ ميزانيتها حوالي 24 مليون دينار يذهب نحو 20 مليون منها رواتب للموظفين، عدا عن مديونية تصل إلى 15 مليونا، بحسب رئيسها المومني.

وأشار المومني إلى أن "تخلّي الحكومة"، بحسب وصفه، عن وعودها في تقديم الدعم المالي لبلدية الزرقاء من مشروع الخدمات الطارئة والتكيف الاجتماعي، سيسهم في تردي الخدمات المقدمة للمواطنين وتدهورها.

وتشهد محافظة الزرقاء، في الفترات الماضية، انتشار ظاهرة البسطات التي يمتلكها اللاجئون السوريون، التي أدت هي الأخرى إلى حدوث مشكلات مع التجار، بل وصلت إلى حد الاعتداء على الأرصفة، وفق المومني.

وأكد أن "البلدية لم تتسلم أي فلس حتى الآن" لشراء الآليات اللازمة للنظافة والقيام بأعمال البنية التحتية اللازمة.

وكان رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور وافق على إدراج بلدية الزرقاء ضمن المناطق المتضررة من اللجوء السوري خلال اجتماعه مع رئيس وأعضاء مجلس بلدية الزرقاء في شباط (فبراير) الماضي بحضور النائب وصفي الزيود ووزير البلديات وليد المصري.

ولم يذهب وزير الشؤون البلدية المهندس وليد المصري، في تصريحات صحفية سابقة بعيدا عما تحدث به رؤساء البلديات "في أن حجم المساعدات وأشكال الدعم المختلفة التي يتلقاها الأردن جراء تدفق اللجوء السوري ما تزال ضعيفة، ولا يغطي كلفة اللجوء التي بلغت 250 مليون دولار على مستوى بلديات المملكة".

وأشار الوزير إلى أن الضغط الكبير على البنية التحتية والخدمات والمزاحمة على فرص العمل المتاحة، يضاعف من آثار اللجوء السوري على البلديات.

وبين أن تقديم المنح المالية من بعض الدول، أصبح ضرورة قصوى لمواجهة فاتورة استقبال الآلاف من اللاجئين السوريين على أرض المملكة.

ورغم تخصيص نحو 4 ملايين و300 ألف دولار لبلدية المفرق الكبرى من مشروع الخدمات الطارئة كدفعة أولى لشراء آليات لرفع مستوى الخدمات البيئية والبنية التحتية المقدمة للمنطقة، إلا أنها لا تعد "كافية"، وفق رئيسها أحمد المشاقبة.

فالبلدية "لغاية هذه اللحظة لم تتلق اي آلية منذ أن أعلن، في منتصف شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي عن تخصيص 53 مليون دولار كمنح للبلديات المستضيفة للاجئين السوريين"، بحسب المشاقبة.

ولفت إلى أن بنك تنمية المدن والقرى أطلعهم أن سبب التأخير في طرح العطاءات الخاصة بشراء الآليات هو "الحاجة للحصول على موافقة من البنك الدولي ووفق شروط محددة لتلك الغاية، الأمر الذي يأخذ فترة زمنية طويلة".

وأكد المشاقبة أن حاجة البلدية الفعلية للتعامل مع عدد اللاجئين السوريين المتزايد والذي وصل لنحو 120 ألفا، وتقديم الخدمات لهم وللمواطنين تقدر بـ 10 ملايين دينار.

وأعرب عن أمله في أن يقوم المسؤولون بزيارة المحافظة والاطلاع على واقعها بشكل مفاجئ ودون ترتيبات مسبقة، باعتبار أن المحافظات التي يتم زيارتها غير متأثرة باللجوء السوري ولا تحتاج لدعم كبير مثل تلك المتأثرة.

وتعاني البلدية من مديوينة مرتفعة بلغت 60 مليون دينار، فيما تشكل أجور العاملين فيها البالغ عددهم 600 موظف 78 % من الموازنة.

ويتفق رئيس بلدية إربد الكبرى حسين بني هاني مع سابقيه «في أن حجم الدعم المالي المقدم لبلديته من مشرع الخدمات الطارئة والمقدر بخمسة ملايين و500 ألف دولار، غير كاف للقيام بأعمال النظافة والبنية التحتية في المحافظة»، مشيرا الى انه تم تخصيص نحو 400 الف دينار من المبلغ المخصص لغايات القيام بأعمال البنى التحتية.

ولفت إلى أن البلدية بحاجة لنحو 30 مليون دينار لشراء اسطول جديد من الآليات الخاصة بأعمال النظافة والبنى التحتية، لافتا إلى أن سكان المحافظة يلقون 650 طنا من النفايات يوميا. ولفت إلى أن ارتفاع عدد اللاجئين السوريين في محافظة اربد والذي بلغ 200 الف، ساهم في التأثير سلبا على مستوى الخدمات المقدم للمواطنين من تعليم وصحة وكهرباء وبيئة وغيرها.

واستطاعت البلدية، بحسب بني هاني تحصيل مليوني دينار كإيرادات، ما ساهم في دعمها لتقديم الخدمات، في وقت تبلغ موازنتها 30 مليون دينار، يذهب منها 18 مليونا رواتب وأجورا، وحوالي 4 ملايين و500 ألف لفاتورة الكهرباء.

وأعرب عن أمله في أن يتم تخصيص مبالغ إضافية للبلدية من مشروع الخدمات الطارئة لدعمها في تقديم الخدمات على الوجه الأفضل.

على أن مدير عام بنك تنمية المدن والقرى المهندس هيثم النحلة أعلن أن البنك تلقى 10 ملايين دولار من ضمن 53 مليونا للبدء بتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الخدمات الطارئة والتكيف الاجتماعي للبلديات المستضيفة للاجئين السوريين.

وسينفق هذا المبلغ، بحسب نحلة، على عدة خدمات شملتها المرحلة الأولى من المشروع، تتضمن 9 بلديات تضررت بشكل كبير جراء اللجوء السوري، بينما ستدخل مستقبلا بلديات أخرى ضمن خدمات المشروع.
وبين أن البنك هو القائم على إدارة وتنفيذ المشروع، الذي يستمر لمدة ثلاثة أعوام، بينما ستستدرج شركات متخصصة، تعمل على التأكد من تنفيذ خدمات البلديات المعنية.

ورغم ما تم تخصيصه من مبالغ مالية لدعم البلديات المتضررة من اللجوء السوري، إلا أنها غير كافية لسد احتياجتها من الآليات ومشاريع البنى التحتية، إذ تحتاج لحوالي 250 مليون دولار للقيام بمهامها على أكمل وجه.

وأكد نحلة أنه تم طرح نحو 80 % من العطاءات، أي حوالي عشرين عطاء، لشراء الآليات والقيام بأعمال البنى التحتية للبلديات التي شملتها المرحلة الأولى من بينها المفرق والرمثا، وإربد الكبرى. وأوضح أنه ستتم إعادة تقييم أعداد اللاجئين السوريين كل عام، ما سيؤثر في قائمة البلديات المستوفية للشروط وحجم المنح لكل منها.

وتم توقيع الاتفاقية الأولى بين الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة التخطيط والتعاون الدولي والبنك الدولي للإعمار والتنمية في 12 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لتنفيذ مشروع الخدمات الطارئة والتكيف الاجتماعي للبلديات المستضيفة للاجئين السوريين.

ويهدف المشروع إلى مساعدة البلديات الأردنية والمجتمعات المستضيفة للاجئين السوريين والتي تقوم بتقديم خدمات مباشرة للاجئين المتدفقين، من خلال بناء وتقوية القدرات البلدية ودعم التنمية الاقتصادية المحلية، وفق للنحلة.

وإضافة إلى تعزيز الخدمات البلدية والبنية التحتية في كل من المفرق وإربد، سيقوم المشروع بتزويد المناطق المستهدفة بآليات تحسين فرص الحصول على الخدمات البلدية الأساسية الفعّالة، بما في ذلك إدارة النفايات الصلبة، ودعم البلديات لتحديد الاحتياجات الطارئة للخدمات البلدية الأساسية خصوصاً في مجال إدارة النفايات الصلبة.

ترك تعليق

التعليق