الأداء الإغاثي للأمم المتحدة داخل سوريا.. في قبضة الأسد

كشفت رسالة بعثت بها منظمات إغاثة دولية غير حكومية تعمل في سوريا، أن الأمم المتحدة لا تبذل جهوداً كافية وجديّة لإيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها.

وفي الرسالة التي أُرسلت إلى عدة دولٍ أعضاءٍ في مجلس الأمن الدولي، هذا الشهر، فإن منظمات الأمم المتحدة العاملة في سوريا عادةً ما تخضع لإملاءات حكومة نظام الأسد، ما يؤدي إلى دخول كم أكبر من المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

وفي التحقيق الذي أجرته "رويترز" بهذا الخصوص، قال ممثلو منظمات إغاثة دولية إن منظمة الأمم المتحدة تسبب ضرراً أكبر من النفع الذي تجلبه في عملية توزيع المساعدات الإنسانية بسوريا، الأمر الذي يُعتبر مثار قلق.

وفيما يلي نص تقرير "رويترز" كما ورد من الوكالة:
تؤكد منظمات إغاثة تعمل في سورية انها تشعر بـ"الإحباط إزاء أسلوب تعامل الأمم المتحدة مع أكبر أزمة إنسانية في العالم"، وتتهم المنظمة الدولية بـ"استبعادها وحجب معلومات حيوية لمساعدة ملايين المحتاجين".

وقالت منظمات دولية غير حكومية تعمل في سورية، في رسالة أرسلتها إلى عدة دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي هذا الشهر وحصلت "رويترز" على نسخة منها إن "غياب التنسيق من قبل الأمم المتحدة يتسبب في عدم وصول المساعدات إلى بعض المدنيين في المناطق ذات الأولوية". وجاء في الرسالة إن "الأمم المتحدة لا تبلغ منظمات الإغاثة الأخرى حين تقوم بإدخال المساعدات إلى مناطق من البلاد، ما يؤدي إلى احتمال حدوث تكرار في تقديم المساعدات". وتسبب الصراع السوري في مقتل 150 ألف شخص وفرار 2.5 مليون إلى خارج البلاد. ويمثل الصراع تحدياً ضخماً للعاملين في مجال الإغاثة، إذ يحتاج تسعة ملايين شخص داخل سورية للمساعدة. ويؤدي نقص التمويل والقيود، التي تفرضها دمشق وتلك الناجمة عن القتال إلى عرقلة جهود الإغاثة. لكن المنظمات غير الحكومية تشير إلى أن أوجه القصور في عمليات الإغاثة تزيد من خطورة الموقف ودعت الأمم المتحدة إلى "إظهار قدر أكبر من الزعامة وتحسين التنسيق والمطالبة بتسهيل الوصول إلى المناطق التي تحتاج للمساعدات". ورفض مسؤولون بالأمم المتحدة في نيويورك وجنيف ودمشق التعليق على تقرير المنظمات غير الحكومية، عندما طلب منهم ذلك لكن منسقة الإغاثة في حالات الطوارىء بالمنظمة الدولية "فاليري آموس" قالت مراراً إن "الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة لم يبذلوا جهداً كافياً للسماح بوصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة". 

وتواجه قوات بشار الأسد ومقاتلي المعارضة اتهامات بمنع وصول المواد الغذائية والأدوية إلى ربع مليون شخص في مناطق محاصرة في إطار سياسة التجويع التي يمارسها كل جانب لإجبار المناوئين له على الخضوع. ويقول عمال الإغاثة إن "السلطات السورية غالبا ما تملي كيفية توزيع المساعدات من قبل منظمات الأمم المتحدة الملزمة قانونا بالعمل مع الحكومة، وهو ما يؤدي إلى كم أكبر من المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة". وفي مسعى لتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية اتفق مجلس الأمن الدولي في شباط (فبراير) على أنه يجب على الجانبين تسهيل دخول منظمات الإغاثة إلى المناطق المحاصرة، لكن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال الأسبوع الماضي إن "الجانبين المتحاربين في سورية لم يلتزما بالطلب". وتحدثت "رويترز" إلى ثلاث منظمات إغاثة دولية أعدت التقرير، الذي أرسل إلى أعضاء مجلس الأمن. وطلبت هذه المنظمات عدم الكشف عن هويتها خشية أن يؤثر الإعلان عنها سلباً على عملها في سورية.

وقال التقرير:"منظمات الأمم المتحدة. تحتاج أن تضمن تحسين التنسيق والقيادة". وأضاف "التنسيق بين منظمات الإغاثة التي تعمل من الدول المجاورة وتلك الموجودة في دمشق مازال يواجه صعوبات في ظل ضعف نظام الأمم المتحدة وقدرتها المحدودة المتاحة حالياً". وأكد التقرير أن "في دمشق غالباً ما يتم استبعاد المنظمات غير الحكومية من عمليات صنع القرار المتعلقة بالتخطيط لقوافل الإغاثة ومن المناقشات الخاصة بآليات تقديم المساعدات". وأوضح التقرير أن "منظمات الإغاثة لم تشارك في اجتماعات الحكومة والأمم المتحدة خلال عمليات إجلاء المدنيين من المناطق المحاصرة في مدينة حمص هذا العام"، وأضاف أن "هذا النوع من الاستبعاد يعني أن المعلومات والتحليلات التي ترد من مجموعة واسعة من العاملين في مجال الإغاثة لا يعتد بها". واعتبر التقرير أن "الأمر يتطلب تحركاً أكبر من الأمم المتحدة للضغط من أجل الحصول على دعم ديبلوماسي فيما يتعلق بقضايا رئيسة تتصل بدخول المناطق"، التي تحتاج للمساعدات في تكرار لانتقاد قديم بأن الأمم المتحدة لا تعبر عن بواعث قلقها بقوة كافية عندما تعرقل السلطات السورية عملها وتضع قيوداً على توصيل المساعدات إلى المناطق المحاصرة. ومن المقرر أن ترفع آموس تقريراً إلى مجلس الأمن يوم الأربعاء، وتناشد المجلس منذ أكثر من عام تقديم المساعدة لتسهيل دخول مناطق الصراع لتقديم مساعدات إنسانية. لكن ديبلوماسيين يقولون إنه "سيكون من الصعب على المجلس اتخاذ مزيد من الإجراءات".

وقال ممثل عن منظمة دولية غير حكومية تعمل في سورية والدول المجاورة إن الأمم المتحدة "يجب أن تكمل العمليات الجارية لا أن تقوضها"، وأضاف "نقص التنسيق بين الأمم المتحدة والمنظمات التي تعمل على الأرض بالفعل يعني أنها في أحيان ستسبب قدرا من الضرر أكبر من النفع وهذا مثار قلق في الوقت الحالي".

ترك تعليق

التعليق