تجّار دمشق "يبقون البحصة": ماذا وراء سياسات المركزي؟

قرّرت غرفة تجارة دمشق أن "تبقّ البحصة"، وعبر صحيفة الوطن "المخلوفية" ذاتها، لتتحدث، بلسان نائب رئيس الغرفة، عن شكوكها وريبتها، وإن بصورة مُبطنة، حيال إجراءات مصرف سوريا المركزي في ضبط سعر صرف العملة الأجنبية.

بهاء الدين حسن، نائب رئيس غرفة تجارة دمشق، تحدث بصراحة عن استغراب التجار حيال قرار المركزي رفع سعر صرف الدولار الخاص بتمويل المستوردات إلى 162 ليرة، بعد ما كان يتراوح بين 150 ليرة و152 ليرة. متسائلاً عن الأسباب التي حدت بالمركزي لاتخاذ هذا القرار.

وأكّد حسن بأن إجراءات المركزي هي التي اضطرت التجار للجوء إلى السوق السوداء بشكل أكبر، خاصةً أن إجراءات المركزي المشددة على شركات الصرافة، دفعت تلك الأخيرة إلى الامتناع عن تمويل المستوردات بحجة عدم امتلاكها للدولار، إلى جانب التعقيدات التي تطلبها المصارف، التي لا تموّل التجار إلا إن كان لهم حسابات فيها استناداً لتعليمات المركزي، الأمر الذي حدا بالتجار إلى اللجوء للسوق السوداء، مما أدى إلى ارتفاع سعر صرف الدولار.

ولم يُخفِ حسن حقيقة أن لجوء التجار للسوق السوداء، الذي ارتفعت فيه أسعار العملة الأجنبية، سيضطرهم إلى رفع أسعار السلع والمواد المُباعة للمُستهلك.

وأوضح نائب رئيس غرفة تجارة دمشق أن المستوردات الحالية التي تدخل سوريا لا تعادل 30% مما كان سابقاً، وعليه لا يمكن لدعم المستوردات أن يؤدي إلى ارتفاع الدولار، والمفروض أن يتم تمويل المواد الأساسية والغذائية والأدوية، وتمويلها لا يكلف أكثر من مليونين دولار باليوم، ومن ثم فإن المصرف المركزي لا يتجاوز السقف الذي يمول به، وخصوصاً أنه كان يمول أحياناً بأقل من هذا الرقم.

ووصف حسن السياسة الاقتصادية بأنها ضعيفة، فالمركزي لم يتدخل خلال الأسبوعين الأخيرين اللذين شهدنا فيهما ارتفاع سعر الدولار حتى وصل إلى هذا المستوى.

وهكذا يبدو أن تجار دمشق أعلنوا صراحةً تشكيكهم بغايات وأهداف استراتيجيات المركزي،...لماذا رفع الأخير سعر صرف دولار تمويل المستوردات 10 ليرات، خلال عشرة أيام؟

تُرجعنا تشكيكات التجار تلك إلى حديث المحلل المالي السوري، د.إلياس نجمة، منذ أشهر، والذي حذّر فيه من عدم جواز متاجرة المركزي بالدولار على حساب جيوب السوريين، خاصة أن التجار تحدثوا بصراحة أنهم سيرفعون الأسعار كانعكاس للتكاليف التي تكبدوها في شراء الدولار من السوق السوداء.

ومما يعزّز من النظرية القائلة بأن المركزي يُتاجر بالدولار على حساب السوريين، هو أن مجرد اجتماع تحدث فيه حاكم مصرف سوريا المركزي عن تدخلٍ مُرتقب خلال أسبوع، كان كافياً لهبوط سعر صرف الدولار إلى 176 ليرة، أي أكثر من ست ليرات، خلال بضعة ساعات فقط.

بكلماتٍ أخرى، فإن مجرد التلويح بالتدخل وتحديد مواعيد وأرقام دقيقة له، كان كفيلاً بهبوط سعر الدولار، فالمركزي تحدث عن ضخ 20 مليون دولار في سوق العملة يوم الاثنين القادم 21/4/2014. كما وقرّر المركزي في اجتماع أمس ترك 20 بالمئة من الحوالات الشخصية الواردة إلى سوريا يومياً، وتتراوح قيمة المبالغ فيها بين /1.5/ إلى /2.5/ مليون دولار، ليتم طرحها في السوق بشكل فوري من شركات الصرافة كي تستطيع أن تتصرف بها وتبيعها حسب احتياجات السوق.

وهكذا يبدو أن تشكيك نائب رئيس غرفة تجارة دمشق بسياسة المركزي كان في مكانه، فهو أشار إلى أن المركزي ترك السوق أسبوعين دون تحركٍ جديّ، ارتفع خلالهما سعر صرف الدولار أكثر من عشرين ليرة دفعة واحدة...فلماذا انتظر المركزي هذه المدة حتى يتحرك؟...ولماذا ترك التجار يتمولون بالدولار من السوق السوداء قبل أن يتخذ أي إجراء لتخفيف وطأة تمويل المستوردات عليهم، وبالتالي تخفيف وطأة ارتفاع سعر الدولار على أسعار السلع والبضائع في السوق، وعلى جيبة المواطن بالمحصلة؟!

ماذا وراء "أكمة المركزي"؟...هل هي سياسة "التاجر" التي تحدث عنها إلياس نجمة، والتي يعتمدها المركزي مع السوريين، معتبراً الخزينة التي يتحكم بها، رأس مال خاص به؟!

ترك تعليق

التعليق