حرب الأسد تقطع الأوصال بين عائلات اللجوء وأطفالهم !

دلت الصورة -رغم فبركتها- التي تناقلت وسائل الإعلام العالمية منذ أسابيع صورة للطفل السوري مروان الذي قيل إنه عبر الصحراء -دلت- على تفاقم مشكلة فقدان الأطفال لعائلاتهم أثناء الهروب من جحيم الحرب في سوريا إلى بلدان اللجوء.

وتشير مصادر بعثة الأمم المتحدة إلى أن هناك نحو 8 آلاف طفل سوري فقدوا الاتصال بعائلاتهم من أصل مليون طفل لاجىء.

وأشار تقرير لمفوضية الأمم المتحدة صدر في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 إلى أن الاضطرابات في سوريا أدت إلى تفكك العائلات، حيث إن ما يزيد عن 3,700 طفل في الأردن ولبنان يعيشون دون أحد آبائهم أو كليهما، أو دون وجود أي شخص بالغ يقدم الرعاية لهم على الإطلاق.

وبحلول نهاية سبتمبر/أيلول 2013، قامت المفوضية بتسجيل 2,440 طفلاً غير مصحوب بذويه أو منفصلاً عنهم في لبنان، و1,320 آخرين في الأردن.

وفي بعض الحالات يكون الآباء قد لقوا حتفهم، أو تعرضوا للاحتجاز أو أرسلوا أطفالهم إلى المنفى وحدهم بدافع الخوف على سلامتهم.

وتقوم الوكالات التابعة للأمم المتحدة وشركاؤها بالمساعدة في وضع ترتيبات للمعيشة الآمنة للأطفال غير المصحوبين بذويهم أو المنفصلين عنهم، أو لم شملهم مع عائلاتهم أو إيجاد عائلة أخرى تعتني بهم.

ورغم أنهم يعيشون الآن في ظروف مكتظة، إلا أن العائلات السورية اللاجئة تواصل فتح أبواب منازلها لكل من الأقارب والغرباء.

"عدي" طفل سوري فقد أهله بعد أن خرج من منزلهم في درعا أثناء مداهمة قوات النظام للمدينة، وكانت المفاجأة في العثور عليه في مخيم الزعتري بعد أكثر من عام كامل على فقدانه، وهو الآن يعيش بعيداً عن عائلته التي تعيش في الجزائر لعدم توفر ما يثبت شخصيته.

فهد الحموي والد الطفل الذي لا يزال يقبع في مخيم الزعتري لتعذر إلحاقه بأسرته بسبب عدم وجود وثيقة شخصية له يقول لـ"اقتصاد" أنا أب لخمسة أطفال هاجرت مع عائلتي من سوريا إلى الجزائر بسبب الحرب الطاحنة، ولكن أصغر أولادي "عدي" 7 سنوات لم يأت معي لأنني فقدته في الحرب أثناء المداهمات التي طالت المدينة ويضيف الحموي بقينا نبحث عنه طوال عام كامل دون جدوى، وفي أحد الأيام كانت قناة الجزيرة تبث برنامجاً حول اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري، وللمصادفة رأيت ابني في أحد مقاطع البرنامج.

ويضيف والد الطفل الضائع "تأكدت من الخبر وبالفعل تحدثت إليه عبر الهاتف وأسرعت بالتوجه إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وإبلاغهم بالأمر مطالباً إياهم بإعطائي وثيقة تمكنني من إحضار ابني إلى الجزائر. فقالوا لي انتظر بضعة أيام ليتم دراسة ملفك، علماً أنني أعطيتهم كل الأوراق التي تثبت بأن "عدي الحموي" هو ابني الموجود في الأردن وللعلم فإن "عدي" مسجل لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين السوريين في الأردن ومن المفروض أن يسهّل هذا مهمة إلحاقه بأسرته في الجزائر، ولكن طال انتظاري من بضعة أيام إلى ستة 6 أشهر.

أما أمل العثمان التي هربت مع عائلتها من مدينة حمص تحت القصف باحثة عن مأوى لها ولعائلتها، ولكن عند اجتيازها الحدود السورية -الأردنية فقدت اختها الصغيرة (منى) 6 سنوات كما تقول.

وتضيف: لدى محاولتنا اجتياز الحدود بدأت قوات النظام تطلق علينا النار من كل الجهات ولم نعد نعرف إلى أين نهرب، وفجأة لم أجد أختي الصغيرة أمل التي لم تتجاوز السادسة من عمرها، ولأن طريق العبور محفوف بالموت اضطررنا أن ندخل إلى الأردن من دونها ولكن القدر شاء أن نجتمع بها ثانية بعد أن أحضرها بعض اللاجئين إلى مخيم الزعتري وتعرّف عليها اقارب لنا وكانت فرحة العائلة لا توصف بعد شهر من غيابها.

فقدان الأطفال “نتيجة بديهية” للأزمات كالحروب والزلازل كما يقول أستاذ علم الاجتماع سري ناصر، فمثل هذه الظروف تفرز مآسٍ كثيرة جدا ومنها فقدان الأطفال من قبل أهاليهم ولأن هؤلاء الاطفال لا يعرفون إلى أين يتجهوا نجد أن الكثير منهم يتجهون نحو أناس أو مجموعات قريبة منهم" حسب ناصر.

خيمة المفقودين !
الناشط الإغاثي سالم السردي من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين يشير إلى أن هناك الكثير من حالات الأطفال المفقودين من اللاجئين السوريين سواء داخل الأردن أو خارجها على الحدود، وهناك الكثير من الأطفال الذين عثر عليهم دون أن يكونوا مع عائلاتهم وحتى كان هناك رضع يتم إدخالهم مع عائلات أخرى وتثبيت وقائع فقدانهم، ويوضح السردي أن رجال الدرك يحاولون التعامل مع الأطفال في هذه الحالات كأي مواطن عادي اضطر للجوء يتم الحاقه مع العائلات المعنية داخل مخيم الزعتري ويتم إرفاقه بخيمة يطلق عليها اسم خيمة المفقودين.

ويضيف السردي: (تم التعامل مع العديد من حالات الأطفال المفقودين من اللاجئين السوريين سواء داخل الأردن أو خارجها على الحدود، ويحاول رجال الدرك في الحدود الأردنية التعامل مع الأطفال كأي مواطن عادي اضطر للجوء يتم إلحاقه مع العائلات المعنية داخل مخيم الزعتري ويتم إرفاقه بخيمة يطلق عليها اسم خيمة المفقودين وهي أكثر من خيمة في كل قطاع من المخيم. وتم العثور على الكثير من الأطفال، ومنهم رضّع على الحدود دون أن يكونوا مع عائلاتهم الذين فقدوهم بسبب القنص أو إطلاق الرصاص من قبل قوات النظام السوري أو حالة الهياج التي تخيم على اللاجئين لدى عبورهم الحدود السورية الأردنية.

يذكر أن الأطفال يشكلون 52% من إجمالي تعداد اللاجئين السوريين، الذي يتجاوز الآن 2.2 مليون شخص. وتعيش الغالبية في البلدان المجاورة لسوريا، ويستضيف كلٌّ من الأردن ولبنان معاً أكثر من 60% من إجمالي عدد الأطفال السوريين اللاجئين.

واعتباراً من 31 أكتوبر/تشرين الأول 2013، فإن هناك 219,238 طفلاً سورياً لاجئاً يعيشون في الأردن، فيما يعيش 385,007 أطفال سوريين لاجئين في لبنان.

ترك تعليق

التعليق