"القدس العربي" تصور مشاهد اللاجئين بموريتانيا بعين الإساءة !!

تلاحق جريدة القدس العربي اللندنية من تسميهم المتسولين السوريين الذين حطوا رحالهم في مدينة المليون شاعر، فشوارع نواكشوط تعج بسوريات مشردات رمتهن الأقدار "للتسكع في شوارعها يجرجرن الصبية ويرفضن عروض الزواج ويتسولن بمهارة، ولم توضح الصحيفة المذكورة علاقة الزواج بالتسول الماهر.

منظر الأسر السورية بنسائها وفتياتها البيضاوات وحتى برضّعها أثار حفيظة مندوب الصحيفة ولكنه رأى فيها "مشاهد تصدم كل من يتعظ" فالسوريون تحولوا بنظره إلى درس قاسٍ لكل من"لا يتعظ" ويرضى بالديكتاتوريات المفصلة على قياس الموريتانيين، وجموع السوريين النازحين الذين رمتهم الأقدار في أقصى الغرب، حيث الجو المغبر بأتربة مناخ صحراوي جاف مغاير لطقس الشام ونسائمه العليلة تحولوا بنظر كاتب التقرير إلى مجلبة للتعاطف والمواساة. والمتسولات السوريات في موريتانيا يرفضن تعريف أنفسهن بل إنهن يهربن من الصحافة وبدلاً من الرد على أسئلة فضوليي الإعلام، يفضلن من يقدم قطعة خبز أو "كبشة" سكر أودريهمات معدودة.

وتلجأ "القدس العربي" إلى بائع فواكه يذبُّ الحشرات عن معروضاته ليعطي رأيه في سبب تناقص أعداد المتسولين والمتسولات" من أشقائنا في سوريا "فأكثرهم كما يقول غادر إلى الصحراء الغربية وإلى المغرب وبعضهم للسنغال" وعلى الأغلب ستلاحقهم الصحيفة العتيدة إلى هناك، فالتسول كما يبدو تحول إلى "صناعة سورية بامتياز".

وبكثير من اللامهنية يذكر كاتب التقرير أنه "طارد سيدة تجرجر صبيتها الثلاثة وأصغرهم في شهره السابع- ولكم أن تتخيلوا طفلاً في الشهر السابع من عمره تجرجره أمه - وهي تلاحق ركاب سيارات خصوصية عند ملتقى طرق موريتل حيث يفضّل "المتسولون السوريون" الوقوف لرفاه ذلك الحي وساكنيه. وحينما أنهى الصحفي مطاردته لـ"امرأة تجرجر صبيتها الثلاثة" رفضت أن تعطي له اسمها الكامل ولكنها اكتفت بذكر الأحرف الأولى منه، وأشارت إلى رجل يلاحق سيارة تويوتا قائلة إنه أبو أولادي وهو "مهندس" ولأن وجبة الصحفي المسمومة لا تكتمل دون توابل يضيف على لسان تلك المرأة المسكينة التي وقعت في براثنه (لقد شردتنا حرب الإسلاميين مع الأسد ومررنا بخمس دول قبل أن نستقر هنا).

وبلغة غير صحفية تليق بمجلات الحائط التي كان تلاميذ المدارس يبتدعونها من ذاتهم يمضي كاتب التقرير واصفاً حال من يسميهن "المتسولات السوريات" فـ (قرب الملعب الأولمبي (؟) وسط الفيلات(؟) الميسورة ترابط منذ أشهر ثلاث سوريات أعمارهن دون الثلاثين. وتقول له إحداهن وهي غجرية بدا على وجهها الشحوب وكساها ذل الترحال والتشرد: "ساعدونا بشيء نتقوت به بدلاً من سين جيم".

المتسولات الفرادى اللواتي لم يسلمن من مطاردة الصحفي المتقصي اتضح بعد قليل أن لهن قائدة الحروف الأولى من اسمها “ا.ع.ع″ كما أخبرته وهي "تدفع عربة تحمل عليها رضيعان مغبرّا الوجنات).

وأضافت " عرض علينا البعض الزواج هنا في موريتانيا بل وعرض علينا بعضهم أشياء يأباها شرفنا لكننا نرفض خيانة أزواجنا الموجودين إما في مقابر الشهداء وإما في صفوف المجاهدين".

وللمفارقة فإن كاتب التقرير يقع في تناقض عجيب في ختام تقريره حينما يذكر ناسباً إلى مصدر ديبلوماسي سوري في نواكشوط قوله (لا يوجد نازحون سوريون في موريتانيا)، مضيفاً أن "هناك جالية سورية تعمل بشكل عادي". وبحسب مكتب وكالة غوث اللاجئين في نواكشوط فإن "اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى موريتانيا حتى الآن لا يتجاوز عددهم 200 فرد، وقد فضل الكثيرون منهم العيش في المدن الداخلية الموريتانية التي يجدون فيها تعاطفا كبيراً بدل العاصمة.

ترك تعليق

التعليق