القامشلي أكثر الطرق أمناً لتهريب الأشخاص إلى تركيا.. سوريّ يروي لـ "اقتصاد" مخططاته للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا

عقد حسام (اسم مستعار بناء على طلب صاحبه) عزمه منذ فترة على الهجرة إلى أوروبا، مهما كلّف الثمن، فقد أُغلقت في وجهه أبواب الحياة الكريمة في دول الخليج، وهو لن يقبل بأقل من الخيار الأوروبي لمستقبل رغيد، له ولعائلته.

ولأن زوجته فلسطينية، عانى حسام كثيراً لنقلها مع ابنه الوحيد إلى تركيا. سألنا "حسام" بخصوص القرار الأخير في تركيا بمنح الفلسطينيين الفارّين من سوريا حق الإقامة، فأكد لنا أنه لا يغيّر شيئاً من حيثيات المشكلة الخاصة بالفلسطينيين الراغبين بدخول الأراضي التركية، إذ لم تكن المشكلة في الإقامة هناك، حتى لو كانوا مُخالفين، المشكلة في كيفية دخول الأراضي التركية فالفلسطينيون، على خلاف السوريين، بحاجة إلى فيزا (تأشيرة) لدخول الأراضي التركية، وهو ما يصعُب الحصول عليه من سفارات تركيا بدول الجوار، ومنها لبنان.

بكل الأحوال، حلّ حسام هذه المشكلة بالطريقة الصعبة المتوفّرة، فقد هرّب زوجته عبر القامشلي إلى الأراضي التركية. 

ويؤكد لنا حسام أن التهريب من سوريا عبر القامشلي إلى تركيا، بالتعاون مع ميليشيات كردية، يُعتبر الطريق الوحيد الآمن، ويُكلّف 35 ألف ليرة سورية على الشخص الواحد (أقل من 300 دولار تقريباً)، انطلاقاً من القامشلي إلى المالكية، ومن ثم إلى "نصيبيين" داخل تركيا.

لكن المرحلة الآتية تبدو أكثر صعوبة بالنسبة حسام، وهي الهجرة من تركيا إلى داخل أوروبا. ويفكّر حسام بخيارات عديدة، ليس من أحدها أن يقوم بهذه الرحلة مع أسرته، فهو يخشى عليهم من مخاطر هذه الرحلة، لذا قرر أن يقوم بها هو أولاً، ومن ثم، حالما يستقر في أحد الدول الأوروبية، يطلب لمّ الشمل مع أسرته.

ويوضح حسام لنا خلاصة ما وصل إليه بعد بحث مختلف الخيارات المُتاحة له للهجرة غير الشرعية عبر تركيا إلى داخل أوروبا. ويخبرنا حسام بأن أقل المخاطر تلك التي تواجهها مع الدرك التركي، فهم حتى لو ألقوا القبض عليك، سرعان ما يُفلتونك دون أية تداعيات، ولا تقوم تركيا بالترحيل في هذه الحالة. لكن العبور برّاً من تركيا إلى دول أوروبا الشرقية خطر للغاية، فهناك أسلاك شائكة، ودوريات حرس الحدود في هذه الدول تطلق الرصاص على العابرين، مما يجعل العبور خطر للغاية وشبه مستحيل، لذا يبدو أن العبور بحراً أفضل بكثير، خاصة أنه في حال توفّر السيولة المالية فهو يصبح أكثر أمناً، إذ تستطيع أن تصل إلى أوروبا بالقوارب المطاطية، أو في يخت كبير، حسب "الدفع".

وبعد أن راجع حسام الكثير من "المهرّبين" ومحترفي هكذا نشاطات، وصل إلى خلاصة أن التهريب من تركيا إلى اليونان يكلّف وسطياً على الشخص الواحد 2500 يورو، ومن ثم من اليونان إلى إحدى دول أوروبا الغربية حوالي 6500 يورو، أي ما مجموعه 9000 يورو، وقد أخبره أحدهم أن تهريب زوجته وابنه معاً يكلفه ما مجموعه 15 ألف يورو، لكنه يخشى أن يتعرضا للخطر في هذه الرحلة، لذا يفضّل أن يقوم بها بنفسه، ومن ثم يستدعيهما لاحقاً.

المشكلة الأبرز التي تواجه حسام، وهو يعمل في دبي حالياً بصورة مُخالفة لأنه لم يحصل على تجديد إقامة، أنه حالما يقوم بهذه الرحلة، سينقطع المصروف عن زوجته وابنه، وهو سيحتاج عدة أشهر كي يتمكن من استدعائهما عبر "لمّ الشمل" لاحقاً في أوروبا الغربية، لذا يفكر حسام بتأمين مصروفهما مُسبقاً قبل انتقاله إلى أوروبا، وهو يعمل على ذلك بكدّ ليلاً نهاراً.

بالنسبة لخيارات حسام كشاب، فهي كثيرة حسبما أخبرنا، إذ إنه يستطيع العبور داخل إحدى الشاحنات التي تُحمّل على السفن من اليونان مثلاً، لكن بالنسبة للعائلات، الخيارات تصبح أقل، وأكثر خطورة. 

أخبرنا حسام أنه حسب اطلاعه ومتابعته، بحكم إتقانه للغة الإنكليزية، لاحظ أن السويديين مثلاً مندهشون من سويّة المهاجرين الذين باتوا يصلون إليهم بصورة غير شرعية، فهم اليوم يستقبلون أطباء ومهندسين وكُتّابا، بينما سابقاً كانوا يستقبلون سويّات فاشلة من الناس نسبياً. ومردّ استغراب السويديين، أن هذه السويّة المتعلمة والمثقفة من المهاجرين ليسوا مضطرين للهجرة غير الشرعية ومخاطرها وتكاليفها لو لم تكن البدائل الأخرى أكثر سوءاً.

وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قد حذّر مؤخراً من حصول موجة نزوح جديدة للاجئين السوريين والفلسطينيين الفارّين من سوريا إلى دول أوروبية عبر البحر، مما يرفع من احتمالات موت بعضهم غرقاً في مياه المتوسط، كما حصل في حالات سابقة مؤلمة، مطالباً الأوروبيين بتأمين طرق آمنة للفارّين من جحيم النزاع السوري.

ترك تعليق

التعليق