المهن والحرف بحلب على حافة الانقراض

يعاني أصحاب الورشات المهنية والحرفية من الغلاء وارتفاع أسعار المواد الخام، ما انعكس سلباً على مهنهم وصناعاتهم التي تدهورت بشكل كبير في ظل الحرب التي يشنها نظام الأسد لقمع ثورة الشعب السوري.

وفي تحقيق خاص لوكالة "مسار برس"، تحدث أبو عبيدة صاحب ورشة تصنيع ألبسة عن المقارنة بين الوضع قبل انطلاق الثورة بالوضع الحالي وقال: “بالنسبة لصناعة الألبسة فقد كان مختلفاً، مثلاً كانت القطعة الواحدة تكلف ما يقارب 450 ليرة سورية، أما الآن فقد تتجاوز تكلفة القطعة 1000 ليرة سورية". ويعزو أبو عبيدة هذا الارتفاع في التكلفة إلى ارتفاع أسعار السلع والمواد الخام بشكل عام.

أما عملية تسويق الإنتاج فقد أصبحت اليوم أصعب من قبل، فالتسويق الآن –بحسب أبو عبيدة– يستهدف السوق المحلية لمحافظة حلب فقط، بينما كان التسويق في السابق يستهدف كافة المحافظات، بل ودول الجوار أحياناً، كما أن المعاناة في تسويق الإنتاج لا يقتصر على ضآلة السوق المستهدفة، فمنذ شهرين تزايدت صعوبات التسويق المحلي داخل مدينة حلب بسبب الطيران المروحي الذي أمطر الأحياء الواقعة تحت سيطرة الثوار بعشرات البراميل المتفجرة بشكل يومي، مستهدفاً الأسواق المكتظة بصورة خاصة، ما أحدث تخوفاً لدى الناس من النزول إلى الأسواق.

ويضاف إلى ما سبق مشكلة نقل المواد الخام من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الأسد، يقول أبو عبيدة “نحن نواجه في نقل هذه المواد الخام مشكلة فرض أتاوات على المواد أثناء مرورها على حواجز قوات الأسد، وهو ما يضاعف التكلفة ويعيق انسياب هذه المواد وبالتالي يقلل كمية الإنتاج”.

وتتشارك جميع الحرف في نفس المشاكل والصعوبات التي تواجهها، فأبو عيسى –وهو صاحب ورشة أحذية– أجمل وضع المهن في حلب في حديثه مع “مسار برس” بالقول “إن الإنتاج تناقص، وعدد ساعات العمل تقلصت، كما أن الآلات الصناعية كانت جميعها تعمل على الكهرباء العامة، أما اليوم فهي تعمل على المولدات الخاصة التي تعمل بدورها على الوقود، وهو غير متوفر بصورة دائمة”.

وانعكس جميع ما ذكر سلباً، كما يقول أبو عيسى، على الإنتاج وعلى ارتفاع أسعار المنتج ما أدى إلى كساد نسبي، كما تراجعت جودة الإنتاج، لعدم توفر كافة المواد الخام التي يحتاجها الصناعيون.
من جانبه، أشار صلاح –وهو عامل في إحدى الورشات– إلى أن العاملين في هذه الورشات باتوا يرضون بالأجور المتدنية على الرغم من كونها لا تتناسب مع الظروف المعيشية والغلاء، وذلك مقابل البقاء في البلاد وعدم تحمل مشاق السفر إلى خارجها، مع ما يرافقه من ضغوط وأعباء عدة.

لكن مراسل “مسار برس” أكد أن العديد من أصحاب الحرف والورشات هاجروا بالفعل إلى خارج سوريا للحصول على حياة كريمة بعيدة عن الواقع البائس الذي عصف بالبلاد، وهذا الأمر بات يهدد –وفقاً لأبي عبيدة صاحب ورشة ألبسة– عدداً من الصناعات والحرف بالانقراض إذا استمرت الظروف والواقع المعيشي والاقتصادي على ما هو عليه.

ترك تعليق

التعليق