النظام يخرج محاصري حمص من مولد "جنيف2" بلا حمُّص، ومخاوف من تكراره سيناريو الغدر في "المعضمية"

أصبح مصير نحو 2500 سوري محاصرين في حمص القديمة مرهونا بالمفاوضات المعقدة بين النظام السوري والمعارضة فيما تواجه وكالات الإغاثة معضلة أخلاقية وسط تقارير عن الموت جوعا.

وعبر وسيط الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي الذي أدار محادثات استمرت أسبوعا عن أمله في التوصل إلى اتفاق يمهد الطريق لتوصيل الإمدادات الغذائية والطبية إلى حمص وإجلاء النساء والأطفال من المدينة التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. وانتهت المحادثات دون احراز تقدم يوم الجمعة.

وقدم الجانبان طلبات تحول دون إحراز تقدم مما يضع وكالات الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر في موقف لا تحسد عليه.

ونقلت "رويترز" عن مسؤول بالأمم المتحدة -طلب عدم نشر اسمه- إن الوضع "بالغ التعقيد. لم يتحقق مكسب سريع هذا الأسبوع."

وقال الإبراهيمي إن وفد النظام السوري قال إن بإمكان النساء والأطفال مغادرة حمص القديمة لكن يتعين على الرجال تسجيل أسمائهم قبل أن يسمح لهم بالخروج ووصف الوسيط الدولي هذا الطلب بأنه "شرط مسبق".

وأثار هذا الطلب قلق وكالات الأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر لأن نشطاء يقولون إن المخابرات السورية اعتقلت على الفور الرجال الذين تم إجلاؤهم بموجب اتفاق سابق من بلدة المعضمية المحاصرة.

* مذبحة بتصريح
وقال مسؤول الأمم المتحدة عن المعضلة في حمص "من المحتمل أن تكون مذبحة بتصريح."

وتابع قائلا "سيقع النساء تحت ضغط كي لا يغادرن وإذا قدمن أسماء أزواجهن أو آبائهن فإن ذلك سيكون حكما بالإعدام عليهم."

وبموجب القانون الدولي الإنساني يتعين على كافة الأطراف في أي صراع أن تسمح للمدنيين في المناطق المحاصرة بالمغادرة إلى مناطق أكثر أمانا على أساس طوعي. ويكون على الأطراف أيضا حماية المدنيين الذين يبقون وتسهيل المرور الآمن للمساعدات.

وتقول المعارضة السورية إن عرض الحكومة سيجبر النساء والأطفال على أن يصبحوا مشردين مقابل الغذاء.

وعبرت منسقة شؤون الإغاثة بالأمم المتحدة فاليري آموس عن إحباطها لانتهاء الجولة الأولى من المحادثات يوم الجمعة دون التوصل إلى اتفاق على ترتيبات لوقف القتال لفترات محددة لتوصيل المساعدات الإنسانية.

وقالت آموس "لا يزال ممثلو الجانبين يعملون على بحث كيفية توصيل المساعدات إلى حمص القديمة وإجلاء النساء والأطفال والمسنين. يجب أن يحدث هذا فورا."

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في إشارة إلى حصار حمص في وقت سابق هذا الأسبوع "رأينا النظام يفعل هذا من قبل في إطار حملته الخسيسة لإجبار الناس على الركوع أو الموت جوعا."

وقال الهلال الأحمر العربي السوري في صفحته على "فيسبوك" هذا الأسبوع إنه مستعد للمساعدة بما يتفق مع مبادىء الحياد التي يتبناها لكنه عبر عن بعض التحفظات. ويقوم متطوعو الهلال الأحمر بتوصيل معظم المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة ووكالات اخرى في سوريا.

وأضاف "إن الهلال الأحمر لا يعتبر أصلا أن الحل المناسب هو إخراج النساء والأطفال لأن هذا قد لا يشمل بالضرورة جميع المدنيين وسيؤدي إلى تفتيت العائلات وزيادة الضغط على من بقي من المدنيين بالداخل."

وقال وزير خارجية الأسد وليد المعلم للصحفيين بعد اختتام المحادثات في جنيف يوم أ أمس"جرت ثلاث محاولات لإخراج المدنيين من حمص القديمة وفشل الصليب الأحمر في ذلك."

وأوضح أن ما يؤخر إرسال تلك المساعدات أن "أحد متزعمي المجموعات المسلحة هناك هدد بأنه سيطلق النار على شحنات المساعدات إذا دخلت لأن مطلبه ليس وصول هذه الشحنات بل الخروج مسلحا مع المدنيين عبر ممر آمن إلى قرية أخرى ولدينا توثيق لما قاله لمن يريد أن يسمع."

وتقول المعارضة إنها قدمت للأمم المتحدة كل الضمانات اللازمة وإن إتاحة الوصول للمناطق المحاصرة تقع بالكامل على عاتق الحكومة.

وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف ديبا فخر إن الصليب الأحمر لا يستطيع دخول حمص القديمة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012.

وقالت لرويترز يوم الجمعة "منذ ذلك الحين وعلى الرغم من محاولاتنا الكثيرة لم نتمكن نحن والهلال الاحمر العربي السوري قط من الحصول على الموافقات والضمانات اللازمة من جميع الأطراف المعنية لدخول حمص القديمة لتوصيل المساعدات التي توجد حاجة ماسة لها وبحث الإجلاء المحتمل للمدنيين الذين كانوا سيعبرون عن رغبتهم في المغادرة."

وأقر الإبراهيمي الذي كان يتحدث للصحفيين يوم الخميس بأن قضية دخول حمص قضية شائكة.

وقال "ماذا يحدث، أولا هل ندخل الإمدادات ثم نسمح للناس بالخروج؟ أم نخرج الناس أولا ثم ننظر في أمر إدخال المساعدات؟ للأسف هذه هي الحرب الأهلية."

ترك تعليق

التعليق