رحلة عائلة سورية عاشت ويلات الحرب وصولا إلى "كليس" التركية

اكتمل لمّ شمل عائلة "المصري "في المنفى هذا الأسبوع بعدما هرب أفرادها من ويلات الحرب في سوريا وصولا إلى بلدة "كليس" التركية قرب الحدود.
نزح أبو علي مع زوجته وأولادهما الأربعة في آذار/مارس 2012 بعدما سمع أن أنصار النظام طعنوا عشرات النساء والأطفال حتى الموت في الحي الذي يقيم فيه بمدينة حمص.
وآخر الواصلين أبو عمار وهو من صفوف مقاتلي المعارضة. وقد فر من مدينة الباب بشمال سوريا هذا الأسبوع. 

وعائلة المصري ضمن تسعة ملايين شخص - أكثر من ثلث عدد سكان سوريا - نزحوا بسبب الحرب التي ازدادت وحشية وتعقيدا مع اندلاع معارك في الاسابيع الماضية بين مقاتلي المعارضة وعناصر الدولة الإسلامية في العراق والشام، الذين كانوا في السابق في خندق واحد ضد نظام بشار الأسد.
وفيما يجتمع دبلوماسيون في سويسرا الأسبوع المقبل مع انعقاد مؤتمر جنيف-2 الهادف لإيجاد حل سياسي للنزاع في سوريا، تحاول عائلة المصري جاهدة تأمين معيشتها في كليس.

وتقول أم علي التي طلبت على غرار بقية افراد العائلة عدم ذكر اسم عائلتها لأنه لا يزال لديهم أقارب في سوريا "يجب أن نعود لكننا لن نفعل طالما أن النظام مستمر". وتضيف "بعد كل ما رأيناه، هذا أمر مستحيل".

ويتذكر أبو علي الماضي حين كان يشاهد المتظاهرين يمرون في الشارع الرئيسي في منطقته في حمص أمام المحل الذي كان يملكه مع شقيقه.

ويقول إنه لم يشارك أبدا في التظاهرات السلمية ضد نظام الأسد التي اندلعت في آذار/مارس 2011 وتصدت لها القوات النظامية بقمع قاس. ويضيف "كانوا يقتلون الناس في المستشفيات".

ويتابع "جرى إطلاق النار على متظاهر وأصيب في ساقه ونقل إلى المستشفى، لكن بعد وفاته وحين ذهبت العائلة لتسلم جثته عثروا على آثار اصابة اخرى بالرأس".
لكن بعد ذلك حصل ما هو أسوأ.

وفي آذار/مارس 2012، أفيد أن مجموعة "الشبيحة" الموالية للنظام قامت بقتل عائلتين في محاولة لتطهير الحي الذي كان يقيم فيه أبو علي وحيث الغالبية سنية.
وفرت عائلة أبو علي تلك الليلة وانتقلت إلى منطقة أخرى قرب حمص.

وقال أبو علي إن الأشخاص القليلين الذين بقوا في الحي قتلوا ورميت جثثهم في الشوارع حيث بقيت مكانها وتحللت، ولم يجرؤ أحد على دفنها حتى بعض مضي عدة أشهر.

وبعد اشتداد المعارك في محيط مكان إقامته الجديد قرر عبور الحدود إلى لبنان مع عائلته. ثم اضطر للرحيل مجددا إلى تركيا لأن أسعار الإيجارات في لبنان مرتفعة.

والآن أبو علي الذي كان لديه محله الخاص، يتشارك الإقامة في شقة مؤلفة من أربع غرف نوم مع 16 شخصا آخرين ويجني عشرة دولارات في اليوم من عمله في مقهى.
وحول الفرق بين حياته في السابق والآن يقول "إنه مثل الفرق بين الأرض والجنة".

وأبو عمار (29 عاما) غادر حمص في نفس الوقت مع "أبو علي" وتوجه إلى بلدة "الباب" الاستراتيجية شمال البلاد حيث انضم إلى مجموعة من المعارضة.

وقبل أسبوعين انضمت مجموعته إلى أخرى في المعركة ضد داعش المرتبطة بتنظيم القاعدة والمتهمة بخطف وتعذيب وقتل عشرات الناشطين والمعارضين.

وفي وقت سابق حاصر مقاتلو داعش مدينة الباب وقصفوها بالمدفعية.
وفيما كان أبو عمار والمقاتلون معه يحاولون صد الهجوم، قصف طيران النظام البلدة بالبراميل المتفجرة.
وقال "لا يمكن تصور كم من الأشخاص أصيبوا، وكم منهم قتلوا".
وأضاف "كان هناك مقاتل معي، توفي بين يدي".

وفيما انسحبت كتيبته، سارعت زوجته ووالدته للتوجه شمالا خوفا من أن يصلوا إلى حاجز نقال ينصبه عناصر داعش.
وقال "إذا عثروا على شخص ما يظنون أنه من الجيش السوري الحر فسيقتلونه على الفور".
والآن أصبح في منزله الجديد في كليس وانضم إلى أقاربه بعد سنتين على فرارهم من حمص.

وتأمل العائلة في العودة لكن فيما أصبح مقاتلو المعارضة يخوضون معارك على جبهتين، مع نظام الأسد ومع داعش، وفيما تراوح الجهود الدبلوماسية الدولية مكانها، لا أحد يعلم متى سيأتي هذا اليوم.

ويعود أبو علي بالذاكرة إلى بدايات الانتفاضة قبل أقل من ثلاث سنوات قائلا "التظاهرات الأولى في حمص كانت تخرج للاحتجاج على الفساد والرشوة".
ويختم بالقول "كل ما كانوا يريدونه، هو محافظ جديد".

ترك تعليق

التعليق