أرقامٌ تبخرت وأخرى مأمولة...مؤتمر المانحين بالكويت بين تجربتين

ما بين مطلع العام 2013، ومطلع العام 2014، جرت مياهٌ كثيرةٌ في مجرى مأساة السوريين، فضاعفت من صعوبات حياتهم، وفاقمت من حجم مُصابهم، ليُعقد من أجلهم مؤتمر دولي جديد للمانحين، بترتيب من منظمة الأمم المتحدة، في أكبر عملية تمويل في تاريخها حتى اليوم.

منذ سنة طلبت المنظمة الدولية 1.5 مليار دولار لإغاثة 3.7 مليون سوريّ متضرر، منهم أكثر من 700 ألف لاجئ في دول الجوار، وحوالي 3 ملايين نازح في الداخل السوري. لكن المنظمة الدولية لم تحصّل إلا 70% فقط من تعهدات الدول المانحة، التي تعهد الكثير منها، ولم ينفّذ. وكانت الإمارات وروسيا من أقل الدول التزاماً بتعهداتها، حسب منظمة العفو الدولية.
يُكرّر التاريخ نفسه، لكن بمرارةٍ أكبر، وبوقعٍ أوجع...اليوم تطلب المنظمة الدولية 6.5 مليار دولار، أي أكثر من 330% مقارنةً بالتمويل المطلوب من جانبها العام الماضي.

وتسعى المنظمة لإغاثة 8.6 مليون سوريّ متضرر، حسب الحدود الأدنى للتقديرات المُختلفة على هذا الصعيد، بينهم 2.6 مليون لاجئ، أي بزيادة تقارب 300% مقارنةً بالعام الماضي، و6 ملايين نازح في الداخل السوري، أي بزيادة 100% مقارنةً بالعام الماضي.

وتذهب تقديرات غير رسمية إلى اعتبار أكثر من نصف السوريين، في حاجة ماسة للمساعدة، أي حوالي 13 مليون نسمة في الداخل والخارج.

حصّلت الأمم المتحدة حتى الآن أقل من 25% من طلبها، بمقدار 1.5 مليار دولار، ثلثهم من دولة الكويت المستضيفة، لكن ذلك الرقم ما يزال تعهدٌ نظريٌ لا نعرف إن كان سيجد طريقه للتنفيذ العملي، أم سيبقى في إطار التعهدات النظرية غير الجدية.
أبرز ما يمكن أن نلحظه في حال التدقيق في الطلب التمويلي الذي قدمته المنظمة الدولية، أنها رفعت من نصيب الفرد السوري "المتضرر" من حجم التمويل المطلوب، مقارنةً بالعام الماضي. ففي مطلع العام 2013، كان النصيب النظري للفرد السوري من التمويل الذي طلبته المنظمة الدولية لا يتجاوز 405 دولار، بينما نجد أن هذا النصيب ارتفع في المؤتمر الدولي الراهن إلى أكثر من 950 دولار، أي 100% زيادة.

لكن تبقى تلك الأرقام نظرية فقط، ذلك أن مشكلتي: التزام الدول بتعهداتها، والقدرة على توزيع المساعدات والدعم التمويلي بالصورة العادلة والمنصفة للسوريين المتضررين، ما تزالا كبيرتين على صعيد جهود الأمم المتحدة لإغاثة الشعب السوري.

وعلى هذا الصعيد، يبدو أن أبرز المشكلات الجاثمة على صدر المساعدة الدولية للسوريين، هي كيفية إيصال المساعدات للمناطق المحاصرة، والأكثر تضرراً، ذلك أن مثال "مخيم اليرموك" حيث حالات الموت جوعاً، تبقى أكبر دليل على أن القضية لن تقف عند جمع التبرعات والتعهدات المأمولة، إن تم جمعها بالفعل.
وبيقى أن ننتظر الساعات القليلة المتبقية قبل انتهاء المؤتمر، لينجلي الغبار عن الخطوة الأولى في مسعى المنظمة الدولية والمتمثلة بـ: كم ستجمع الأمم المتحدة من تعهدات نظرية من جانب الدول والمنظمات المانحة؟

افتتاح مؤتمر المانحين والكويت تتبرع بـ500 مليون دولار دعما للاجئين السوريين 

افتتح اليوم الأربعاء في الكويت وبمبادرة من الأمم المتحدة مؤتمر المانحين الدوليين الثاني لدعم الشعب السوري . المزيد

 

نسبة الإلتزام "مخزية" ولم تتجاوز 25%.."اقتصاد" تنشر كشف حساب بما نفذته الدول المانحة من تعهدات "مؤتمر الكويت" 

غوتيريس: مستوى المعاناة والدمار لا يمكن تمويله بميزانيات المعونة الإنسانية المعتادة. صندوق مواجهة الطوارئ في المزيد

ترك تعليق

التعليق