في "قرحتا" نازحون يقطنون البيوت على الهيكل

ليست فقط مخيمات اللاجئين خارج سوريا هي التي تعاني من الظروف السيئة ونقص الخدمات، فأيضاً قرحتا البلدة الفقيرة النائية القريبة من بلدة الغزلانية في الريف الدمشقي، يأتي إليها الهاربون من الموت في المناطق المشتعلة، لكنهم لا يجدون إلا ما يبقيهم على قيد الحياة.

البلدة المهملة تضم اليوم ما يزيد عن 120 ألف نازح يقطنون في شققٍ مازالت على الهيكل، ولا أحد يتوجه إليهم لا بسللٍ غذائية ولا بمواد معيشية، ولا يقيهم من الشتاء سوى بعض الأغطية والشوادر لتغطية الشبابيك والأبواب، وهي التي قام أصحاب الأبنية بتأمينها للاجئين كل حسب استطاعته، كما لا يتقاضى أصحاب الأبنية أي إيجاراتٍ من اللاجئين. 

النازحون يقطنون في أبنيةٍ ما زالت على الهيكل لم تصل إليها تمديدات الكهرباء ولا الماء ولا الصرف الصحي، وهو ما جعل جميع القاطنين يعتمدون على حمام خارجي استطاعوا بناءه لقضاء حاجاتهم الأساسية، وهذا ما دفع اللجنة الدولية للهلال الأحمر إلى تبني عملية تمديد الخزانات لهذه الأبنية، وبناء الحمامات الخارجية، بعد رفض أصحاب المباني أن يتم العمل على حمامات داخلية.

أبو محمد رجل بالخمسينات من عمره قدم وعائلته من العتيبة وكان من أول القاطنين في هذه الأبنية، بعد اشتداد المعارك هناك، يخبرنا أنه ترك داره ولا يعرف ماذا حل بها، ولا يملك المال الكافي لاستئجار منزلٍ في المناطق الآمنة الأخرى والتي وصل فيها إيجار البيت غير المفروش إلى 15 ألف ليرة.

أما رجاء والتي مازالت تنتظر أي خبرٍ عن زوجها الذي اعتقل على أحد الحواجز، فهي الأخرى تقطن مع أبنائها وعائلة أختها في نفس الشقة، وكل يوم تذهب إلى بعض المناطق في دمشق لتعمل في تنظيف البيوت، وتدفع أكثر من 200 ليرة فقط للتنقل، من وإلى قرحتا، وتحاول أن تؤمن خبزها وخبز عيالها بسبب انقطاع الخبز في بلدة قرحتا في أيامٍ كثيرة.

وفي ظل عدم توافر الخدمات فالنازحون هنا لا يجدون ما يشعلونه للتدفئة أو لإعداد الطعام، ويستطيع المحظوظون فقط تأمين بعض الحطب لإشعال النار.
ورغم قرب قرحتا من المناطق المشتعلة إلا أنها استطاعت أن تكون حضناً آمناً للنازحين، على الرغم من النقص الشديد في الخدمات، أما المساعدات التي تصل فهي غير منتظمة، ومحدودة لا تكفي مع حجم الحاجة المتعاظم، لا سيما وأن أعداد اللاجئين إلى هذه الأبنية تزداد يوماً بعد يوم.

ترك تعليق

التعليق