المأساة تلاحق أكثر من مليوني لاجئ سوري والشتاء يفاقم المعاناة

أكثر من مليوني سوري فرّوا من الغارات الجوية والقصف بحثا إلى ملجأ من الحرب التي يشنها النظام على الشعب السوري منذ 33 شهرا، الا أن المأساة تبعتهم أينما حلوا، أكان في مخيمات متواضعة في دول الجوار، او خلال ترحالهم القاتل نحو شواطئ أوروبا.

في لبنان، وجد عشرات الآلاف من اللاجئين أنفسهم في مخيمات عشوائية على أراض غمرتها المياه والثلوج مع بدء فصل الشتاء، بينما واجه أقرانهم في مصر ملاحقة السلطات الرسمية والخطر الداهم بالترحيل.

قلة محظوظة تمكنت من نيل اللجوء في أوروبا، في حين وجد الكثيرون أنفسهم مقيمين في ملاجئ مكتظة بائسة.

وسلك اللاجئون السوريون بدورهم دروب الباحثين عن فرص اقتصادية ومعيشية أفضل، أكانوا من النيجر أم إريتريا أم دول صغيرة مماثلة.

واجتمعت مصائر هؤلاء على متن مراكب هشة من أفريقيا إلى أوروبا، أو من آسيا في اتجاه أوروبا، مقابل آلاف الدولارات يدفعونها لمهربين.

وتتوقع المنظمات الدولية والاغاثية ان تزداد الازمة سوءا في العام 2014.
وفرض تدفق اللاجئين ضغوطا هائلة على الدول المجاورة لسوريا، ومنها لبنان الصغير الذي يتحمل العبء الأكبر.

وبحسب أرقام الأمم المتحدة، يستضيف هذا البلد الصغير ذي الموارد المحدودة أكثر من 825 ألف لاجئ سوري مسجلين، في حين تقدر السلطات العدد بأكثر من مليون، ما يوازي ربع عدد السكان.

وإذ لقي لبنان ترحيب المجتمع الدولي لإبقائه الحدود مفتوحة أمام تدفق اللاجئين السوريين، إلا أن الخلافات السياسية تحول دون إقامة مخيمات رسمية لهم.

إزاء ذلك، يقيم هؤلاء في منازل عائلات مضيفة أو شقق مستأجرة، بينما لجأ قسم كبير منهم إلى مخيمات عشوائية وموقتة غالبيتها في منطقة البقاع ، مؤلفة من خيم بلاستيكية مثبتة بأعمدة خشبية، ومقامة على أراض ترابية تستحيل وحلا بمجرد تساقط المطر.

وقال صقر وهو فتى في الثالثة عشرة في أحد مخيمات البقاع بعد أن ضربت عاصفة قاسية لبنان "لا نتحمل البرد. البرد شديد  ،لا يوجد تدفئة في خيمتنا. عندما يذوب الثلج يدخل إلى الخيمة وتفيض المياه في كل مكان. والبراكيات (الخيام) تهبط علينا".

وتقول المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين روبرتا روسو إن حجم تدفق اللاجئين إلى لبنان هذه السنة فرض تحديات جمة. "في كانون الاْول العام الماضي، كان العدد اْقل من 200 ألف لاجئ، وحاليا يقارب 830 ألفا"، في حين اْن "التمويل (للمساعدات) لم يتضاعف بالنسب نفسها".

اْما الاْردن فأقام مخيمات اْبرزها الزعتري  الذي يضم 130 ألف شخص، في منطقة صحراوية، ما يولد رغبة لدى الكثيرين بالمغادرة، مثل حسن نشوى الذي قال "الحل الوحيد هو العودة إلى سوريا لاْن هذا المخيم هو مجرد سجن كبير".

وسجلت اْبرز موجات النزوح هذا العام خلال شهر آب أغسطس، مع عبور اْكثر من 50 الف شخص الحدود من شمال سوريا في اتجاه مناطق الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق.

وفي تركيا، يتوزع اْكثر من 600 الف لاجئ على مناطق واسعة من البلاد، ربعهم فقط في مخيمات.

في اسطنبول، تفترش عائلات واْطفال الشوارع والحدائق العامة، حيث يتوسلون للحصول على لقمة العيش، وينامون في العراء في بلد يصعب عليهم العثور على فرص عمل فيه نظرا إلى عدم معرفتهم اللغة.

في مصر، وجد السوريون اْنفسهم محط انتقادات وهجمات بعد عزل الرئيس محمد مرسي مطلع تموزيونيو، وهو الذي كان داعما بشدة للمعارضة السورية.

وفي اْوروبا، اْعلنت السويد منح اللجوء لكل سوري يصل إلى اْراضيها.
بين هؤلاء عائلة خالد الهدل التي وصلت إلى البلد بجوازات سفر بلجيكية مزورة. وقال خالد إن الاْمر كان يستحق العناء. واْضاف "بامكاننا الاقامة هنا، والحصول على الجنسية، "مشيرا إلى اْنه بات في إمكانه اْن يحلم بأن تصبح ابنته طبيبة.

إلا أن بريق اللجوء إلى القارة العجوز انعكس خيبة أمل بالنسبة إلى الكثيرين الذين حاولوا دخولها عن طريق بلغاريا، اْكثر الدول الاوروبية فقرا، إذ ضاقت المنشآت المخصصة للاجئين سريعا بأعداد كبيرة منهم باتوا يعيشون في ظروف مزرية، وسط برد قارس ونقص الاْدوية والحاجات الاْساسية.

كما كان البحث عن ملجأ بعيدا من الحرب، مغامرة قاتلة للعشرات الذين صعدوا على متن مراكب صغيرة في مسعى للوصول إلى شواطئ أوروبا بطريقة غير قانونية.

وتقاطعت سبل هؤلاء مع مهاجرين من دول اْخرى في الشرق الاوسط واْفريقيا، يبحثون عن "نعيم اقتصادي" في اْوروبا. إلا اْن العشرات منهم لاقوا حتفهم مطلع تشرين الاْول أكتوبر في غرق مراكب صغيرة قبالة سواحل إيطاليا ومالطا.

وفي حين دفعت هذه المآسي الدول الاوروبية إلى البحث عن حلول تقي المهاجرين خطر الموت، لا تزال دول عديدة ذات موارد محدودة مترددة في فتح حدودها اْمام موجات الهجرة المتزايدة.

ومع استمرار النزاع السوري، تحذر المنظمات الانسانية من تزايد التوترات التي ترافق ازمة اللاجئين، لا سيما بينهم وبين المجتمعات المحلية كما حصل مطلع كانون الاول أكتوبرفي لبنان.

فقد اْقدم سكان بلدة في شرق البلاد على إحراق خيم للاجئين السوريين وطردهم بعد اتهام عدد منهم باغتصاب شاب، علما اْن تقرير طب شرعي نفى حصول اْي اعتداء.

وتوضح روسو اْن جهود المفوضية العليا للاجئين ستتركز السنة المقبلة على الحد من توترات مماثلة "إذا استمرينا على هذه الحال، سيتصاعد التوتر ويمكن للوضع اْن يتدهور".

ترك تعليق

التعليق