المنشار بديلاً عن الأدوية والصفائح ..أطراف الجرحى مهددة بالبترفي المناطق المحاصرة

تزداد المعاناة الإنسانية التي تعيشها المناطق المحاصرة، فإلى جانب ما يهدد حياة أبنائها بفعل الجوع، هناك ما لا يقل أهميةً وهو نقص الدواء والعلاج، الأمر الذي أدى في الآونة الأخيرة إلى ازدياد حالات بتر الأطراف، وحصول الإعاقات الدائمة.

جميع المناطق المحاصرة في الهم سواء، فحال الغوطتين الشرقية والغربية ليس بأفضل من حال جنوبي دمشق، الملامح العامة هي نقص في عدد المشافي والنقاط الطبية المجهزة، ونقص في عدد الكوادر الطبية التي لم يبقَ منها في الغوطة الشرقية منذ بدء الحصار سوى 10 % فقط، وفي كل مخيم اليرموك لا يوجد إلا نقطة طبية واحدة غير مجهزة بشكلٍ كامل، والمشافي الميدانية المتوفرة في الغوطتين تعاني من نقصٍ في الأجهزة، إلى جانب الشح الكبير في الأدوية.

في جنوب دمشق تناوب ممرضان على تنظيف إصابة أحد المواطنين ممن أصابه القصف في قدمه، ويخبرنا أحدهم "فضل عدم ذكر اسمه" أنهم يقومون بعملية التعقيم هذه منعاً من انتشار العفن والتقرحات في المنطقة المصابة، ولا يمتعهم من فعل ذلك صرخات المصاب الذي يعاني من ألمٍ شديد، فلا مجال أمامهم حسي ما يخبرنا الممرض إلا الاستمرار في هذه المحاولة، حتى لا يضطرون إلى بتر القدم.

وإذا استطاع الكادر الطبي على قلته من إحداث المعجزة وتجنيب ذلك المصاب من عملية البتر، فهذا الأمر غير ممكن بالنسبة للعديد من الحالات الأخرى، ويخبرنا أحد الأطباء الذي فضل عدم ذكر اسمه، بأن جميع الناس هنا باتوا معرّضون إلى إصابة أطرافهم بشظايا القذائف التي تهطل يومياً وبشكلٍ عشوائي، كما أنهم معرّضون للإصابة بالأعيرة النارية التي يطلقها القناصون، وغالباً ما نقف عاجزين أمام هذه الحالات، والسبب هو فقدان الأدوية اللازمة، وكذلك عدم توافر الصفائح المعدنية، فحتى لو توفرت وتم تأمينها هي مرتفعة الثمن، ولا يمكن تأمين كل الصفائح للأعداد المتزايدة من المصابين.

والمشكلة الثانية التي لا تقل أهميةً عن نقص الأدوية والصفائح تتمثل في قلة الأطباء الأخصائيين في مجال جراحة الأعصاب والأوردة والشرايين والعظام.

لا يمر يوم على المشافي الميدانية إلا وهناك حالات بتر لأحد الأطراف، التي تؤدي إلى إعاقاتٍ دائمة، وهذا ما سيواجهه المجتمع السوري بعد سقوط النظام، ورغم عدم توافر الإحصائيات الكافية لمعرفة حجم المشكلة، إلا أنه ووفق الشهادات الطبية فإن حالات البتر تزداد يومياً بعد يوم، ويمكن ملاحظة ذلك عبر مشاهدة الناس في شوارع المناطق المحاصرة، ويتنوع البتر بين أطرافٍ علوية وأطراف سفلية أو كليهما معاً.

ويشير الأطباء إلى أنه يلتقي نقص الأدوية والكادر والتجهيزات، مع نقص الغذاء المطلوب، حيث لا يوجد حليب ولا بيض ولا وجبات غذائية تتناسب مع الحالات المرضية، فمعظم غذاء المناطق المحاصرة يتمثل في المواد الزراعية، لا يوجد أي بروتين أو كالسيوم، إلا النباتي، وحتى البقوليات باتت مفقودة بسبب نفاذ المؤن.

ترك تعليق

التعليق