معاناة النازحين والمُهجَّرين.. أعداد متزايدة وحاجة متفاقمة.. ومغيثون لا يملكون الموارد

زاد عدد المهجرين داخل سوريا عن الستة ملايين نازح، وفق إحصائيات الأمم المتحدة، وبعد ما يزيد عامين ونصف من عمر الثورة، كيف يعيش هؤلاء ممن خسروا ثرواتهم وأشغالهم وبيوتهم وربما أيضاً من يعيلهم؟.

"أم أحمد" أتت منذ أكثر من سبعة أشهر إلى أحد مناطق ريف دمشق الآمنة، قادمة من مخيم اليرموك، لديها ثلاثة أولاد وبنت واحدة أكبرهم عمره تسع سنوات، لكن والدهم لا يجد عملاً يعينه، بسبب تقدمه في العمر، ويقطنون في أحد المحلات التي استأجروها بمبلغ 8000 ليرة شهرياً، لأن أجارات الشقق في هذا المكان غالية جداً.

"كانت أحوالنا سيئة قبل خروجنا من المخيم، رغم أننا كنا نسكن في بيتنا، ونعتاش من محل بقالةٍ صغير"، هذا ما تخبرنا به "أم أحمد" وهي تحضر بعض الطعام لصغارها، وتضيف، "بدأت أعمل في المنازل، وإلا فلن نجد طعاماً نأكله، وأولادي عليهم الذهاب للمدرسة يومياً ولم أستطع تسجيلهم في هذه المدينة فهم يذهبون إلى الزاهرة وباب مصلى للدراسة".

وإذا كانت "أم أحمد" قادرة على العمل في المنازل، فهناك أخريات لا يستطعن القيام حتى بهذا العمل، ولا رجل يعينهم، "سمر" التي أتت من حي جوبر تعاني من مرض السرطان، وزوجها معتقل منذ أكثر من ستة أشهر لا تعرف عنه أي شيء وذنبه الوحيد أنه دخل إلى "جوبر" ليحضر بعض الثياب والأغراض ليأخذوها معهم قبل النزوح، ومرض "سمر" يمنعها من إعالة ابنها الوحيد وعمره 12 عاما، كل أسبوع لديها زيادة إلى الهلال الأحمر في شارع بغداد، ويطلب منها الصور والتحاليل، ولا يوجد فعلياً مستشفيات يمكن العلاج بها، علاوةً عن عدم توافر الأدوية اللازمة، هذا ما تخبرنا عنه "سمر" التي تقطن اليوم مع عائلة أخيها النازح أيضاً مع زوجته وأولاده الخمسة من "عين ترما".

في بعض المناطق الآمنة من ريف دمشق وصل عدد العائلات النازحة إلى 24 ألف عائلة، أي ما يقارب 150 ألف شخص مسجلة لدى الهلال الأحمر، وإلى جانب العوز الذي يعاني منه غالبية هؤلاء هناك من يتعرض للنصب والاحتيال، حسب ما يخبرنا "أبو وليد" القادم من "النشابية" في ريف دمشق، حيث يقول: "قال لي أحد سكان هذه المدينة إنه سيساعدني في الحصول على سلة غذائية من الهلال الأحمر، وأعطيته دفتر عائلتي واقتادني إلى مركز الاستجابة التابع للمنظمة، وفعلاً استلمت حصتي لكن عندما رجعنا إلى منزله أفرغ السلة من السيارة أعطاني ليترا واحدا من أصل 5 ليترات زيت، وبعض المعلبات وطلب مني الرحيل، وعندما حاولت مناقشته طردني من المنزل".

قصص كثيرة يتحدث عنها النازحون ومنهم من يعيش نزوحه الثالث وربما الرابع، وهذا هو حال "أبو خالد" الذي أتى مع عائلته ووالده العجوز، الذي خرج من "دوما" إلى "كفر بطنا"، ومن ثم إلى المليحة وها هو اليوم يحصل على وجباتٍ غذائية من مطبخ مخصص لإعداد الطعام للنازحين تشرف عليه لجنة إغاثة، لا يعمل أي شيء بعد خسر ما يملكه بسبب تكرار نزوحه، ولخروجه مؤخراً في الثياب التي يرتديها هو وعائلته، وحتى أن أوراقه الثبوتية ذهبت في المنزل الذي كان يقطنه مؤخراً في المليحة.

ولعل البعض وجد من يعيله ويساعده لكن هناك عائلات إلى اليوم لا تجد من يقدم لها كسرة الخبز كما يقال، وحالات التسول التي تتضاعف في شوارع دمشق خير شاهدٍ على ذلك، وكذلك سندويشات "الأرز" الذي تعطيها بعض الأمهات لأطفالهم لتكون طعامهم، في فترة الدوام المدرسي، خير دليلٍ على حالات الفقر الحقيقية التي بدأت تظهر على السوريين.

وعلى الطرف الآخر يعجز الناشطون العاملون في الشأن الإغاثي من الوصول إلى كل العائلات، وتغطية حاجاتها، بسبب نقص المخصصات، فكل سلة غذائية تصل تكلفتها لما يزيد عن 4000 ليرة، توزع شهرياً على العائلات حسب حاجاتهم، وتشرح إحدى الناشطات:"نحن نعلم أن هذه السلة لن تكون كافية لتغطية حاجات العائلة لكنها للمساعدة على الحياة، نعلم أن هناك تكاليف أخرى تحتاجها العائلات النازحة نعمل جهدنا لتغطية جزءٍ منها، لكن وبسبب قلة الموارد وضعف التبرع لا يمكننا تغطية كامل الحاجة".

ترك تعليق

التعليق