شارع " الشانزليزيه " في الزعتري مجتمع اقتصادي متكامل يلبي حاجات اللاجئين !

600 محل ودكان تبيع البضائع المتنوعة ومقاه ير تادها اللاجئون للتسلية 
اللاجئون يأخذون «بدل خلو» لدكاكينهم بمبالغ تتراوح بين (200-250) دينار 

في مخيم الزعتري ( شمال الأردن ) وعلى امتداد حوالي واحد كم ما بين البوابة الغربية والشارع الرئيسي العام تمتد على جانبي طريق اسفلتي يبدو من كثرة الحركة عليه وكأنه مترب عشرات المحال والدكاكين التي بناها أصحابها من الخيش والصفيح والخشب ، ليبيعوا فيها كل ما يخطر على البال من ألبسة وغذائيات إلى أجهزة الموبايل والساعات والأدوات المنزلية والأجهزة الالكترونية، كل شي متاح هنا فكأن الزائر في سوق مدحت باشا أو سوق الحميدية في حمص .

ويبدو هذا السوق المفتوح الذي أطلق عليه اسم " الشانزليزيه " لقربه من المشفى الفرنسي منظماً إلى حد ما مقارنة بواقع المخيم العام الذي يعج بالفوضى، وروى لنا أحد أبناء المخيم أن السوق في البداية كان متواضعاً لا تتجاوز خيامه عدد أصابع اليد ، ولكن بعد تزايد سكان المخيم من اللاجئين اختلف الوضع البنيوي للسوق وأصبح هناك دكاكين من صفيح وألمنيوم وحديد ، والبعض بدأ ببناء مشروعه من الاسمنت والطوب، وصار من المألوف أن ترى بضائع من كل شكل ولون قادمة من سوريا تباع على امتداد هذا السوق.

مجتمع اقتصادي
 ويرى محمود الشيخ أحد اللاجئين في مخيم الزعتري أن فكرة السوق بدأت من قيام أحد اللاجئين السوريين ببيع السجائر على ناصية الشارع المقابل للمستشفى الفرنسي في المخيم ومن هنا جاءت التسمية الطريفة للشارع " الشانزلزيه " .ومع الوقت توسعت فكرة السوق وتحول من محال ودكاكين تجارية إلى مجتمع اقتصادي متكامل يلبي حاجات اللاجئين فبالإضافة إلى المحلات والدكاكين التي ناهز عددها على الـ 600 تجد في السوق مقاه يرتادها اللاجئون في أوقات فراغهم التي تطغى على حياتهم اليومية وأماكن لمشاهدة الفضائيات وقضاء أوقات للتسلية كطاولة البيمبون والشطرنج ولعبة الشدة وممارسة الألعاب الرياضية المختلفة يقول مالك مقهى " الأسمر" في سوق الشانزلزيه أنه استثمر ما كان يملكه بعد أن باع سيارة الأجرة التي كان يعمل عليها في دمشق وكرّس ثمنها في انجاز هذا المشروع، معتبراً أن استثماره كان ناجحاً " فالعديد من اللاجئين في المخيم يمضون أوقاتهم المسائية فيه وهم يشاهدون الاخبار عبر شاشة lcd كبيرة ويتسامرون ويدخنون الأرجيلة ,وهم يتذكرون أيامهم في مدنهم وقراهم ويتشوقون لبزوغ شمس الحرية على بلدهم سورية ، كما لا يخفى على الزائر أن يلاحظ انتشار محال للصرافة وتحويل الأموال ودعايات بخطوط عشوائية لمطهري الأولاد وعقود الزواج معاملات الطلاق وغيرها .

بدل خلو
مسؤول مفوضية اللاجئين  هاربر وصف فكرة السوق بالحركة الاقتصادية المثمرة التي بدأت تزدهر بشكل ملحوظ بحيث أصبح اللاجئون يأخذون «بدل خلو» لدكاكينهم بمبالغ تتراوح بين (200-250) دينار حسب الموقع. وأضاف أن الحركة التجارية داخل السوق قوية ونشطة فهناك رأس مال جيد داخل المخيم، وثمة تنسيق مع التجار من محافظة المفرق لتزويد السوق بالمنتجات المختلفة والتي تلقى رواجاً داخل المخيم.

وأوضح مسؤول المفوضية أن " هناك ظاهرة بدأت تبرز وهي مقايضة اللاجئين للمساعدات التي يتلقونها من المفوضية مقابل سلع أخرى يحتاجونها، بل إن البعض أصبح يبيع الحرامات التي تقدمها المفوضية لهم بأسعار زهيدة لا تتناسب مع قيمتها الفعلية" وقد لاحظ كاتب التقرير هذه الظاهرة قبل الدخول إلى المخيم حيث انتشر عشرات الباعة الذين يفترشون أكياس وصناديق تحوي مواداً غذائية وحبوباً وأغطية ومستلزمات منزلية بمحاذاة الطريق الذي يصل إلى بوابة المخيم.

تسهيل الحياة داخل المخيم
الباحث الاقتصادي " حزم المازني" يصف فكرة السوق بالجيدة كونها تجعل اللاجئين ينشغلون بالتجارة التي عرف عنهم إتقانها عوضاً عن الجلوس في المخيم وإثارة الشغب والتفكير السلبي، لذا تدعم مفوضية اللاجئين - كما يقول - هذه الأفكار البناءة التي من شأنها تسهيل الحياة داخل المخيم. وبالمقابل انتشر نشاط لسوق سوداء في المخيم منذ افتتاحه قبل حوالي العام، مع ظهور عصابات متنافسة تحاول السيطرة على مبيعات غير شرعية للسلع الإغاثية وسحب إمدادات الكهرباء الخاصة بالمخيم.إ

ضافة إلى عمليات تهريب غير شرعية للخيم التي تقوم المفوضية بتوزيعها على اللاجئين وبيعها بأسعار مهاودة مقارنة مع أسعارها الحقيقية، وفي هذا الإطار تشير مصادر للأمم المتحدة عن تكليف " كيليان كلاينشميت " كـ”عمدة” للمخيم، للتعامل مع هذا النوع من التجارة السوداء ومنع المهربين.

 وتضيف المصادر ذاتها أن " شارع الشانزليزيه" في مخيم الزعتري لا يزال بعيداً عن قرينه بالاسم بفرنسا كمكان لممارسة الأنشطة التجارية، رغم ما تبذله المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من جهود لجعل الحياة طبيعية في المخيم.

ترك تعليق

التعليق