
"كلمة السر"....من يموّل "داعش"؟ (1-2)
- بواسطة خاص - اقتصاد --
- 13 تشرين الاول 2013 --
- 5 تعليقات
التنظيم نادراً ما خاض مواجهات ميدانية مع نظام الأسد، بقدر ما يركّز على السيطرة الميدانية على المناطق المحررة.
كيف يطلق الأسد سراح المسجونين الأكثر خطورةً لديه، في حين يقتل ناشطين سلميين ينادون بالتغيير عبر المظاهرات.
جنّد مئات أو ربما آلاف الشبان المخلصين دينياً، ممن يقاتلون ببسالة، لكن قيادات التنظيم تبقى بعيدة تماماً عن أي خطر ميداني، وتبقى متخفية.
كيف يمكن أن تكون "داعش" تسعى لمحاربة الأسد، ومن ثم تحارب خصومه من الجيش الحر والكتائب الإسلامية الأخرى.
لن نعرض في تقريرنا هذا حقائق أو معطيات لا تقبل الجدل، إذ يستحيل ذلك، فالغموض يكتنف سبل تمويل ودعم "داعش" –"دولة العراق والشام الإسلامية"، الفرع العتيد لتنظيم القاعدة في سوريا.
لكن قد تكون إحدى جوانب أهمية هذا التقرير في أنه يوضح أن تمويل التنظيم المذكور تُهمة يتقاذفها الأعداء الإقليميون في المنطقة، بصورة تكشف عن شُبهات تحوم حول دعم وأداء "داعش"، والأخطر من ذلك، الاستراتيجيات التي تتبعها لتأمين الموارد اللازمة لتحقيق أجنداتها على الأرض السورية.
لذلك يحتوي هذا التقرير، أكبر قدرٍ ممكنٍ من النظريات والآراء التي تفسر من أين ينبع- وكيف يسير، شريان الحياة المالي للتنظيم المذكور؟، مع كل التنافضات التي تحتويها تلك النظريات.
حصان طروادة "الأسدي – الإيراني"
أولى تلك النظريات، وأكثرها رواجاً بين معارضي نظام الأسد، ومناوئي المحور الإيراني في المنطقة، تلك التي ترجّح أن تنظيم "دولة العراق والشام الإسلامية"، هي تنظيم مخترق ومُدار من جانب الاستخبارات الإيرانية والأسدية، وأنها حصان طروادة الذي يستخدمه بشار الأسد وأجهزته الأمنية، لاختراق الثورة وتشويه سمعتها، والإجهاز عليها.
يستند أصحاب هذه النظرية إلى بعدين: الأول يتعلق بممارسات التنظيم الذي نادراً ما خاض مواجهات ميدانية مع نظام الأسد، بقدر ما يركّز على السيطرة الميدانية على المناطق المحررة، وطرد ممثلي الكتائب المقاتلة الأخرى منها، حتى لو كانت من "جبهة النُصرة"، الفصيل المتحدر سابقاً من تنظيم القاعدة، وفرص قواعد سلوك قسرية، تُقدّم على أنها تمثيلٌ لشرع الله على الأرض، تمهيداً لتأسيس "دولة الخلافة" التي ستُعلي من كلمة الله، على حساب كلمة "الطاغوت" – من قوانين وتشريعات وضعية وبشرية.
أما البعد الثاني: فيتعلّق بشُبهات قوية حول اللحظات الأولى لتشكّل "جبهة النُصرة"، أحد فصائل تنظيم القاعدة، ومن ثم انتقال مقاتلي "داعش" إلى المشهد، خلال نهايات السنة الأولى من الحراك الثوري ضد الأسد، إذ تتشكل النواة الصلبة للتنظيمين، "النُصرة" و"داعش"، من مسجوني تنظيم القاعدة في سوريا والعراق.
وكان نظام الأسد قد أطلق في بدايات السنة الأولى من الحراك الثوري، أبرز رموز التنظيم المعتقلين في سجونه، في حين قُتل أبرز الناشطين السلميين من الثوار داخل تلك السجون، مما يُثير التساؤلات حول كيف يطلق الأسد سراح المسجونين الأكثر خطورةً لديه، في حين يقتل ناشطين سلميين ينادون بالتغيير عبر المظاهرات وآليات الاحتجاج المدني.
ومن ثم حصلت أكبر عملية فرار جماعية من أكثر سجون العراق تحصيناً، خلال صيف العام الماضي، خرج عبرها مئات من أبرز رموز تنظيم القاعدة المسجونين في سجون المالكي، في حين يُعدم نظام العراق حالياً مئات من المسجونين الأقل خطراً، الأمر الذي يُثير أيضاً الكثير من التساؤلات، حول كيف تمت عملية الفرار تلك، من سجون محصّنة، في حين يرفض المالكي تلبية مطالب الحراك الشعبي "السنّي" المطالب بإطلاق سراح بعض المسجونين الأقل خطورة، ليُعدمهم لاحقاً مثيراً الكثير من الحساسية الطائفية في البلاد.
يقول أحمد الشامي في نشرة "بيروت أوبزرفر": "وحدهم السذّج من يعتقدون أن أثرياء الخليج هم من يموّل “القاعدة”…هذا سيناريو يصلح للسينما، أما في الواقع فالقاعدة من رأسها وحتى أصغر أمير في أقصى أقاصي الصحراء تخضع لوصاية المحور الصيني الروسي اﻹيراني وحلفائه. هذا يعني أن الكثيرين من البسطاء والمخلصين ممن ينتمون لهذا التنظيم يحاربون ويستشهدون في النهاية دفاعاً عن قاتليهم…هكذا فعل اﻷسد حين أرسل زبانيته لاختراق الطليعة المقاتلة في الثمانينات.
من ناحية النواة الصلبة للنصرة و"داعش" فالاثنان أتيا من سجون ومعتقلات اﻷسد والمالكي. نظام اﻷسد الذي ذبح “غياث مطر” أفرج عن الجولاني وقبله البغدادي والمئات من أتباعهما لسبب لايعلمه ٳلا الله وبشار اﻷسد.. وحين احتاجت “داعش” والنصرة للمدد بالرجال، أتاهما الفرج من سجون المالكي وبالمئات.
الغريب أن النظام اﻷسدي لم يتعامل مع الشهيد “مروان حديد” ورفاقه بنفس الطريقة فقتلهم في السجن، على عكس المعاملة التي تلقاها “صيصان” القاعدة هؤلاء.
كلا المنظمتين تتبعان ذات سياسة التخفي، مثل العصابات، فأمراؤهما ملثمون ويدعوننا ﻷن نصدقهم ونؤمن بهم وهم لا يجرؤون على كشف شخصياتهم! أي عاقل يمكن له أن يسلم قياده ﻷشخاص يصرحون أنهم يطلبون الشهادة ويعفّون عن الدنيا ثم يتخفون مثل المجرمين ولم “يستشهد” أي منهم ؟ هل يخشى هؤلاء أن ينكشف المستور ويعلم القاصي والداني أنهم من أصحاب السوابق؟
صحيح أن تجنيد المتطوعين يختلف مابين “داعش” التي تستقطب أساساً المهاجرين و”النصرة” التي تفضل تجنيد العنصر المحلي، لكن هذه السياسة تبدو أقرب لكونها ممارسة “نسويقية” لتوسيع نطاق التجنيد والوصول إلى فئات أوسع و”زبائن” جدد.
النصرة و"داعش" تريدان ٳقامة دولة الخلافة على اﻷرض و”الخليفة” الموعود هو على ما يبدو أمير اﻹثنين “الظواهري” القابع في حماية طهران وموسكو…وفهمكم كفاية....".
بطبيعة الحال لا يميّز الكاتب آنفاً بين "داعش" و"النُصرة"، في حين يصرّ مراقبون آخرون على رصد الفروق الجوهرية بين الطرفين، لكن موضوع اهتمامنا هنا يتعلّق بمن يموّل الطرفين، خاصة "داعش"، إذ يعتقد الكاتب أن النظام السوري وولي نعمته الإيراني، هم المموّل الفعلي لهذه التنظيمات، وهو من أطلق لحظة حركتها الأولى، حينما أطلق رجالها من سجونه في سوريا والعراق، واخترق قيادات التنظيم، ومن ثم جنّد مئات أو ربما آلاف الشبان المخلصين دينياً، ممن يقاتلون ببسالة، لكن قيادات التنظيم تبقى بعيدة تماماً عن أي خطر ميداني، وتبقى متخفية تدير تحركات التنظيم بصورة مشبوهة، تخدم نظام الأسد بوضوح، لتضرّ بالثورة وسمعتها ومصالح ممثلييها.
يتفق طارق الحميد، كاتب صحيفة الشرق الأوسط، مع ما كتبه أحمد الشامي آنفاً، ويندرج رأيه في سياق دعم نظرية أن "داعش" هي من أدوات المحور السوري – الإيراني، وذلك في مقال له تساءل فيه: "من يمول المتشددين في سوريا؟".
ويدعو الكاتب إلى اعتماد القاعدة الذهبية: "تتبع الأموال"، للكشف عن حقيقة أهداف "داعش" ودواعي نشاطها في سوريا، متسائلاً كيف يمكن أن تكون "داعش" تسعى لمحاربة الأسد، ومن ثم تقوم بمحاربة مقاتليه من الجيش الحر والكتائب الإسلامية الأخرى.
ويضيف: "القول بأن الجماعات المتشددة في سوريا تستفيد من تمويل خليجي فردي، سواء من الكويت أو السعودية، كما نشر من قبل غربيا، أمر لا يستقيم، فأيا كان الدعم الكويتي الفردي فإنه غير مؤثر، ففي الكويت أيضا من هم مع الأسد لأسباب طائفية! وبالنسبة للسعودية فإن أقل متابع يعرف أن الرقابة الحكومية على حركة الأموال صارمة، ولا تهاون فيها، وليس الآن بل ومنذ سنوات بسبب الحرب على الإرهاب. كما أن القول بأن «الطموح» القطري هو السبب وراء تمويل الجماعات المتشددة غير دقيق الآن، فالتغييرات الأخيرة في قطر ملحوظة، ويترتب عليها الكثير في ملفات المنطقة، وأبرزها سوريا.
ولذا فلا بد من تساؤل جاد عمن يمول الجماعات المتشددة التي تخدم الأسد أكثر من كونها تعاديه، وعدم الاكتفاء بالإدانة، أو الاستياء، فالقصة أكبر، ومن يقرأ تاريخ العراق القريب بعد سقوط صدام، ومحاولة ترويج «الجهاد» هناك، سيخلص إلى نفس النتيجة وهي أن هناك أطرافا مستفيدة، وفي قصة سوريا تكمن الاستفادة بإرباك الجيش الحر، وتشويه سمعة الثورة، والسنة، وهذا ما يريده الأسد تحديدا، وهذا ما يخدم إيران دائما."
إذاً، فسيناريو العراق، الذي رُوّج للجهاد فيه بعيد سقوط صدام، والاحتلال الأمريكي له، حينما سهّل النظامان السوري والإيراني لحركة المجاهدين باتجاهه، يتكرر اليوم في سوريا، لكن فقط من الشرق، حيث دخل معظم مقاتلي وقيادات تنظيم القاعدة من الأراضي العراقية.
لا يمكن بطبيعة الحال الجزم بدقة هذا السيناريو، ولا يبدو أن من السهل "تتبع الأموال" لإثبات أن الأسد أو إيران هم الممولون الفعليون للتنظيم، لكن يبدو أن الشُبهات التي تحوم حول أداء "داعش" وبداياتها الأولى، وتساهل النظام السوري في إطلاق سراح رموزها من سجونه، تجعل نظرية كونها "حصان طروادة" الأسدي – الإيراني، تتمتع بقوة كبيرة.
لكن ذلك لا يمنع من الإقرار بوجود نظريات أخرى تتمتع بقوة منطقية هي الأخرى، تلك المتعلقة بـ "الدعم الخليجي الرسمي وغير الرسمي لتنظيم القاعدة"، والأخرى المتعلقة بـ "استراتيجيات القاعدة لتأمين التمويل الذاتي" وإسقاطات هذه الاستراتيجية الظاهرة حالياً في مساعي "داعش"، بالتعاون مع "جبهة النُصرة" في بعض المواضع، للسيطرة على المعابر الحدودية السورية –التركية بالدرجة الأولى، والسورية –العراقية بالدرجة الثانية.
يتبع في الحلقة القادمة
الجزء الثاني | ||
|
التعليق
شبهات
2013-10-13بلا داعش بلا جبهه كلهم كلاب النظام
2013-10-14التشكيلات الاسلامية وداعش
2013-10-31النصرة واعش
2013-10-31