يتم تجاهل احتياجاتهم ويُعاملون كالشباب ..اللاجئون المسنّون السوريون يعيشون طي النسيان في الأردن !

أم عامر لاجئة سورية مسنة في السبعين من عمرها هربت منذ أشهر مع ابنها المصاب الذي يستخدم كرسياً متحركاً، سنواتها السبعين لم تشفع لها أن تعيش بكرامة لذا اضطُرت للوقوف على أبواب الجمعيات الخيرية عسى أن تحصّل ما يمكّنها من العيش، وفي كل مرة كانت تقف في طابور هذه الجمعيات ساعات طويلة ليقال لها عودي الشهر القادم، سجلت –كما تقول– في أكثر من جمعية ولم تحصل إلا على طرد غذائي واحد، وتضيف: كلما راجعت إحدى هذه الجمعيات يقولون لي اذهبي ليس لك معونة، أو سنتصل بك فيما بعد فأعود إلى البيت خالية الوفاض وأغلب الجمعيات "تخصص أناسا على حساب أناس آخرين وتتم معاملة الكثير من المسنين بمحسوبية وقلة احترام". 

أم عامر هي واحدة من آلاف اللاجئين السوريين في الأردن الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً ويعانون في صمت من مجموعة من المشاكل الصحية والنفسية وفي تدبير أحوالهم المعيشية اليومية وبالذات أولئك الذين جاءوا بمفردهم أو مع عائلات أغلب أفرادها نساء وأطفال، ولعل الصعوبة الأكبر التي تواجه هؤلاء هي في تسجيل أنفسهم لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لأنهم لا يستطيعون الوصول إلى مراكز التسجيل بسهولة مما يضيع عليهم في أحيان كثيرة فرصة الاستفادة من المساعدات الغذائية والرعاية الصحية.

ووصف تقرير لمركز "كاريتاس" للمهاجرين صدر في آب/أغسطس الماضي كبار السن بأنهم "المهاجرون الذين غالباً ما يصبحون في طي النسيان ... ويتم تجاهل احتياجاتهم على نطاق واسع في خضم هذه الأزمة.
ويضيف التقرير: "نحن نعرف من التجربة أن كبار السن يعانون في صمت، ويتنحون جانباً بهدوء حتى يتمكن أعضاء أسرهم الأصغر سناً من الحصول على الخدمات والمساعدات". 

ولدى اللاجئين الأكبر سناً الكثير من الاحتياجات، التي لم تمثل بعد أولوية للجهات الفاعلة في مجال الإغاثة الإنسانية التي تستجيب لهذه الأزمة" فكبار السن لا يستطيعون تحمل نفقات أدويتهم، ويعتمد معظمهم وبالذات أولئك الذين حصلوا على ورقة المفوضية على المساعدات الإنسانية للحصول على احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء، لافتقارهم إلى فرص كسب الرزق وكثيراً ما يمضي هؤلاء ساعات طويلة في طوابير الجمعيات الخيرية آملين في طرد غذائي أومساعدة مادية أو كسوة تقيهم برودة الشتاء القارصة، وإذا كان عامة الناس من اللاجئين السوريين يعانون من الوقوف في طوابير الجمعيات فكيف بالعجائز وكبارالسن ممن تركت أحداث سوريا الأليمة أخاديدها المؤثرة على وجوههم، والكثير منهم امتُحن باستشهاد عزيز عليه أو فقدانه أو إصابته.

عصبية ومزاجية
أبو فيصل الهلال لاجىء مسن يرى أن الجمعيات الخيرية في محافظة المفرق (شمال الأردن) تساعد النساء على حساب الرجال ومنهم كبار السن، فأغلب الجمعيات تتعامل مع النساء بصورة خاصة، أما كبار السن فتعاملهم مثل الشباب، بل هم أدنى اعتباراً منهم، أبو فيصل الذي بلغ من العمر 75 عاماً جاء إلى الأردن بتاريخ 20/ 4 / 2012 وحتى الآن لم يحصل على أي طرد غذائي،كما قال: "كل الذين جاؤوا بعدي أو معي حصلوا على بطانيات وغازات وغيرها من المواد الضرورية أما أنا فلم أحصل على شيء" ، ويشير أبو فيصل إلى أن بعض القيّمين على هذه الجمعيات يتعاملون مع كبار السن بعصبية ومزاجية ولا يحترمون سنوات عمرهم 

الأولوية للمسنين
هناك ثلاث فئات من اللاجئين السوريين يرعاها المركز الإسلامي رعاية خاصة وهي الأرامل وزوجات الشهداء والجرحى والمصابين ثم كبار السن كما قال الدكتور صلاح قاظان مدير برامج إغاثة اللاجئين السوريين في جمعية المركز الإسلامي بالمفرق لـ"اقتصاد" معتبراً أن هذه الفئة –أي كبار السن- هم الأكثر ضعفاً في أوقات الطوارئ، لكنهم يعانون من الإهمال ولأنهم غير قادرين على العمل، فهم بحاجة إلى معونة دائمة، لذلك نعطيها الأولوية مع الفئات الأخرى كالنساء والأطفال. ولكن "نقص التمويل والقدرات يجعلنا غير قادرين على تلبية كافة الاحتياجات وتقديم المساعدة التي يستحقونها".

وأشارت طبيبة متطوعة في جمعية المركز الإسلامي الخيرية إلى أن "الناس في هذه الفئة العمرية يحتاجون إلى أدوية لعلاج أمراض طويلة الأمد مثل السكري وضغط الدم، و بعضهم بحاجة إلى جراحة للتخلص من الآلام المتعلقة بالانزلاق الغضروفي التي ترافق هذه المرحلة العمرية غالباً ولكننا للأسف لا نستطيع مساعدتهم. 
وهناك غيرهم ممن يحتاجون إلى العلاج الطبيعي ولدينا عيادة متخصصة بهذا الجانب ولكن أغلب كبار السن يأتون طلبا للمساعدة الغذائية والمادية ونحن نبذل قصارى جهدنا لتلبية طلباتهم.

ترك تعليق

التعليق