في حديث لـ"اقتصاد".. مدير "صدى قرى حمص المنسية" ينتقد الفوضى والمحسوبيات في توزيع الإغاثة بريف حمص

كل مجلس يعمل لمنطقته فقط دون النظر إلى حاجات القرى الصغيرة المهمّشة إعلامياً
أسعى إلى وجود أرشفة وسجلات ومؤسسة متكاملة بكوادرها المتنوعة
"صدى قرى حمص المنسية"، مشروع شبابي مدني يهدف إلى تسليط الضوء على بعض المناطق الثائرة في ريف حمص، والعمل على تصحيح مسار الثورة في هذه المناطق، ويتنوع نشاط هذا المشروع بين التغطية الاعلامية لمجريات الثورة في الريف الحمصي، وتشجيع الفعاليات الثقافية والسياسية والإغاثية والخدمية المتنوعة، عبر مبادرات فردية يقودها الناشط الإغاثي سومر الأكسح الملقب أبو الليث.
كان سومر كان يعمل مدير مبيعات في شركة تجهيزات طبية بالمملكة العربية السعودية، لكنه ترك عمله هناك منذ 10 أشهر ليكرّس جهده ووقته وماله في إغاثة أهالي القرى المنسية في ريف حمص، وخصوصاً تلك الواقعة شرقي نهر العاصي، والتي ذاقت الويلات على يد النظام بشار الأسد.

"اقتصاد" التقت الناشط سومر الأكسح، الذي شرح فكرة هذا المشروع الإغاثي والغاية منه، قائلا: الفكرة كانت موجودة منذ زمن، وكنا نعمل كمجموعة من الناشطين بشكل فردي وشخصي بدون أي مسمى، ودون أن نكون تابعين لأية مؤسسة أو أي تنظيم كان، ولكن جاءت فكرة إنشاء مؤسسة مجتمع مدني نظراً لما آلت له الأحوال في كثير من مناطق ريف حمص، ولما رأيناه من تكريس لمبدأ "المناطقية" بكل صراحة، أي إن كل تكتل أو مجلس يعمل لمنطقته فقط، دون النظر إلى حاجات القرى الصغيرة المهمّشة إعلامياً، ووصلنا إلى مرحلة صار من اللازم فيها أن يكون هناك تنظيم للجهود التي نقوم بها ليكون عملنا تحت غطاء يمكن القول أنه قانوني "نوعا ما"، سعيا لإبعاد "الشخصنة" عن العمل الإغاثي، ورأينا أن من الواجب جعل العمل مؤسساتياً، بحيث لو فشل الشخص فإن العمل لا يتوقف في هذه المنطقة أو تلك، بل يستمرتحت مسمى المؤسسة.
وواصل أبو الليث: للأسف، هناك مناطق في ريف حمص مغيّبة عن كل شيء، وهي من المناطق التي نالت نصيبا كبيراً من التقّتيل والتهديم والتهجير، ولكن لا أحد يهتم بها، أنا مقيم في السعودية ومنذ 9 أشهر أخذت إجازة من عملي ودخلت إلى ريف حمص، وشاهدت وضعاً مأساوياً، وهذا الشيء دفعني إلى تقديم استقالتي من عملي والالتحاق بالعمل الإغاثي.

*ذكرت أن عملكم يجري تحت غطاء قانوني، فما المقصود بذلك؟
أقصد مجرد أن نكون مؤسسة، فهناك كادر عمل وتخطيط مؤسساتي، وعند سقوط النظام يجب على كل شخص ممن يعمل في مجال الإغاثة، وخصوصاً إن كان هناك أموال أن يكشف أوراقه ويعمل بشفافية، أنا أسعى إلى وجود أرشفة وسجلات ومؤسسة متكاملة بكوادرها المتنوعة، حتى إن سئلت في الأيام القادمة عن شيء يكون تحت مسمى مؤسسة، ولا يمكن لأي فرد التلاعب به، وإن وفّقنا الله في العمل سنعثر على جهة قانونية مرخّصة تتبنى هذا العمل المؤسساتي.

*ماهي الخدمات التي تقدمونها كمؤسسة إغاثية لـ "ريف حمص المنسي"، كما تسمونه؟
فكرة المؤسسة مازالت جديدة نوعاً ما، ولكن -كما ذكرت- كنا في السابق نقوم بأعمال إغاثية متنوعة بشكل فردي، من مساعدات فردية وسلل غذائية نقوم بشرائها وتوزيعها، كما كنا نوزع أموالا على المحتاجين، وهناك توجه تعليمي، بمعنى أن هناك بعض الإخوة قاموا من خلال مبادرات شخصية بافتتاح مدارس صغيرة في منازلهم وقمنا بدعمها بمبالغ صغيرة وتقديم مساعدات للأطفال، ولدينا توجه إعلامي حيث يوجد بعض الناشطين الذين يغطون المنطقة إعلامياً، وينجزون بعض الريبورتاجات للقنوات ولصفحات التواصل الاجتماعي، وهناك الكثير من المشروعات المستقبلية الأخرى منها الثقافية والتعليمية والإعلامية والخدمية والقانوينة والتوثيقية، وآخرعمل قمنا به حملة هو "إفطار صائم" التي شملت أكثر من 6 آلاف عائلة في ريف حمص، طبعا هناك جهات داعمة وكان التنفيذ علينا، وقد استطعنا والحمد لله تغطية أكثر من 10 قرى في ريف حمص.

*من مول مشروع "إفطار صائم"، وما هي ثماره؟
تم تمويل الحملة من قبل تجمع السلام السوري ومقره في الريحانية على الحدود السورية التركية، هم يعرفوني من ريف حمص، وقد اتصلوا بي في الأيام الأولى من رمضان، وعرضوا علي الفكرة، وقمنا في البداية بتغطية عدد من النازحين في المدارس، ثم زدنا عدد الوجبات، ووزعنا لمهجري قرية "عيون حسين" وقرية "الدار الكبيرة" ممن لجأ أغلبهم إلى قرية الزعفرانة، وفي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك قمنا برفع الحصص حتى أصبحت تغطي عددا كبيرا من النازحين في قرى: الزعفرانة، المكرمية، السعن، المجدل، ديرفول، وعز الدين، كما استهدفنا العائلات الفقيرة في قرى: الغجر، الغاصبية، الوازعية، أبو همامة، عسيلة، حتى وصل عدد المستفيدين من هذا الإفطار في آخر 6 أيام من رمضان إلى أكثر من 6 آلاف شخص.

ملاجىء منزلية خاصة
*على ضوء عملكم الإغاثي، ما هي أكثر الاحتياجات إلحاحاً بالنسبة لأهالي ريف حمص؟
هناك مناطق في ريف حمص دُمّرت بالكامل، وأصبحت خط جبهة، وأعداد النازحين ضخمة جدا في بعض المناطق، والعمل الأهم بالنسبة لنا كان سدّ احتياجات ضيوف القرى التي استقبلت إخوتنا من باقي المناطق المنكوبة، وأنا قدمت مشروع ملاجئ تُبنى للنازحين حصراً قرب المدارس في حالات القصف أو الطيران، ولكن للأسف لم أجد من يدعم هذا المشروع، ولأنني حضرت يوم قصف عنيف من فترة 4 شهور في بلدتي "الزعفرانة" قمت مع عدد من المتطوعين بإجلاء أعداد كبيرة من النساء والأطفال من المدارس إلى ملجأ خاص في منزلنا خُصص لإيواء 10 إلى 15 شخص ولكننا للحاجة، اضطررنا لإيواء أكثر من 70 امرأة وطفلا ناموا فيه حتى الصباح.

*الملاجىء مشروعات حيوية في ظروف الحروب، ولكن لم يتم الاستفادة منها في سوريا اليوم، ما أسباب ذلك برأيك؟
- في بلدتنا "الزعفرانة" لا يخلو بيت من ملجأ، والكثير من الملاجىء الجيدة حفرها أناس يملكون المال، ومن ليس معه مال قام بحفر حفرة صغيرة يلتجئ إليها هو وعائلته، ولكن بقي موضوع الملاجئ في أماكن تواجد النازحين، أو ملجأ في سوق القرية في حال القصف الفجائي فهي غير موجودة لا في الريف ولا في المدن للأسف، وعندما طرحت فكرة إقامة ملجأ عام يتسع لمئات الناس لم أجد من يمول هذه الفكرة، وكانوا يقولون إن هناك أموراً أكثرة أهمية، كالغذاء وغيره، فأي مبلغ يأتي يضعونه في الإغاثة مباشرة، وليس هناك اهتمام بهذا الموضوع مع أن تكلفة الملاجئ العامة المخصّصة لعدد كبير من الناس ليست ضخمة.

*ما مصادر تمويلكم ومن أين تتم تغطية تكاليف خدماتكم التي تقدمونها؟
أغلب مصادر تمويلنا من دعم فردي يقوم به بعض الأصدقاء، طبعاً هذا لا يكفي، ومن ناحيتي أنا أقوم بتغطية مصاريف سفري بين حمص وتركيا والسعودية.

المحسوبيات
* ذكرت في بداية اللقاء أن العمل الإغاثي في حمص تحديدا يعاني داء "المناطقية" هلّا فصلت أكثر؟
هناك احتياجات كبيرة دائمة، والشيء الذي يأتي لا يغطي إلا النزر القليل، وطبعاً مع طول فترة الثورة كاد الإيثار أن يزول من القلوب للأسف، ولم يعد أحد يُؤثِر على نفسه، والذي حصل أن بعض المناطق المشهورة إعلامياً والتي أخذت صدى إعلامياً ضخماً تتفرد بكل شيء، بينما يتم نسيان القرى الصغيرة بالإضافة إلى حالة الفوضى السائدة في مجال الإغاثة.

* فوضى.. مثل ماذا؟ 
للأسف هناك فوضى كبيرة في اللجان المسؤولة عن هذه الأمور، وهناك تكريس لمبدأ المحسوبيات، لا أريد أن أذكر أحدا بعينه، ولكن منطقة ريف حمص الشمالي الشرقي عانت جدا من هذه الأمور.

* حدثنا عن الجانب الميداني في عملكم، لا بد أنكم تواجهون مخاطر في إيصال المساعدات؟ 
- أكثر المخاطر كانت تتمثل في حال قصف النظام لمكان عملنا، كون كوادرنا ضخمة جداً، و بعض الصعوبات تتعلق بالنقل وإيصال الإغاثة لجميع المناطق قبل الإفطار، وإرضاء الناس الذي هو غاية لا تُدرك كما تعرف، طبعاً نسأل الله أن يكون عملنا خالصاً لوجهه تعالى، وأن نجعل الناس راضية عن عملنا.
وقد واجهتنا أيضاً صعوبات في تأمين مواد الحملة؛ لأنك تعلم أن المنطقة خاضعة للحصار، وأحب أن أنوّه هنا إلى أن الكثير من القرى الصغيرة المغيبّة إعلامياً بحاجة لمن يوصل صدى صوت أبنائها ومعاناتهم للكل، مثل قرية "عيون حسين" التي تقع شرقي تلبيسة وإلى الشمال الغربي من المشرفة، وقد عانت هذه القرية الكثير ودُمرت بالكامل، وهي تكاد تكون خط جبهة حالياً، وأهلها يسكنون في المزارع وفي خيام لا تقيهم برد الشتاء ولا حرّ الصيف.

ترك تعليق

التعليق

  • 2013-08-12
    جميل يا جميل
  • كلام جميل ورائع بس الحكي شي والتنفيذ شي تاني ولكن أظن ان مصيرها متلها متل غيرها من الجمعيات نصب وسرقة واثراء وشهرة لعائلات معينة واشخاص معينين الله يوفقكم ان كان القصد خالصا لوجه الله والله يخزيكم ان القصد المال والشهرة