"خسى الجوع" تتلقى رشقات شبيحة الإعلام...اتهامات بـ "الأخونة" والتبعية لـ طلاس والخطيب
- بواسطة اقتصاد - خاص --
- 27 تموز 2013 --
- 0 تعليقات
لم تسلم حتى المبادرات الإغاثية التطوعيّة من رشقات التخوين والاتهام من جانب بعض "شبيحة" النظام السوري، الأكثر تطرفاً.
ففي دمشق التي قارب فيها بعض الناس حد الجوع، قام بعض الشباب المتطوعين بحملة لإطعام الجائعين، تحت اسم "خسى الجوع".
وأياً كانت خلفية هذه الحملة، والجهات الداعمة لها، فإن الوضع المزري الذي يعيشه أهالي دمشق والنازحون إليها من الأرياف والمحافظات، يتطلب غض الطرف، وتركيز الجهد على البعد الإغاثي –الإنساني، لكن ذلك لا يرد في قائمة أولويات بعض عُتاة "شبيحة" النظام السوري.
المبادرة التي أطلقتها مجموعة "ساعد"، تعمل على تقديم وجبات غذائية للأسر المحتاجة والنازحين من مناطق الحرب الدائرة في سوريا، ويعمل في هذه المبادرة العشرات من السوريين بشكل تطوعي، ويتركز عملهم في دمشق.
تقدم المجموعة وجبات إفطار للأسر المحتاجة والفقيرة بمساعدة أئمة المساجد ومخاتير الأحياء، وقد بدأوا عملهم مطلع شهر رمضان المبارك من خلال تقديم 500 وجبة إفطار والآن وصلوا إلى تقديم 1200 وجبة.
وتقدّم المجموعة وجبات الطعام للمحتاجين المتواجدين في مراكز الإيواء وكذلك للأسر الفقيرة التي تعاني من غلاء المواد وارتفاع الأسعار.
ويؤكد الشباب المتطوع في المجموعة أن هدفهم إيصال وجبات طعام لمن هو بحاجة لها بغض النظر عن انتمائه وتوجهه، ولا تقبل المجموعة إلا التبرعات العينية من مواد غذائية لأجل إعدادها وإيصالها للفقراء، ولا يقبلون أي تبرعات مالية تجنباً لأية إشكالات أو شُبهات.
حملة "خسى الجوع" لقيت اهتماماً إعلامياً واسعاً، فقد سلطت بعض وسائل الإعلام العالمية الضوء عليها، منها "سكاي نيوز"، وأيضاً حظيت المجموعة بتغطية من وسائل إعلام النظام، حتى أن وكالة الأنباء الرسمية الخاضعة للنظام، سانا، عرضت صوراً للمتطوعين ونشاطاتهم في الحملة.
كما لقيت الحملة ترحيباً من جانب بعض وسائل إعلام المعارضة، والناشطين في صفوفها.
ويبدو أن معظم من هلّل لهذه الحملة كان يضع نصب عينيه، البعد الإغاثي – الإنساني في عملها، مدركاً حجم الكارثة المعيشية التي تبسط جناحيها على دمشق وريفها، بما فيهما من سكان ونازحين ومحتاجين.
وقد انخرط في صفوف الحملة عشراتٌ من الشباب السوري المتطوع، مصرّين على أن الحملة لا تحمل أيّ بعد سياسي، وأنهم لا يتلقون دعماً من أي جهة كانت، لا في النظام وفي المعارضة، لكن هذه الحملة الإغاثية، لقيت حملةً تشويهية، ورشقات اتهام وتخوين، من طرف بعض "شبيحة" النظام السوري، وفي مقدمتهم، مسؤول "شبكة دمشق الإخبارية"، عمار اسماعيل، الذي اتهم الحملة بأنها واجهة لنشاط "حزب التنمية الوطني" المحظور بتهمة تمويل الإرهاب، وأنها حصان طروادة لنشاطات فراس طلاس ومعاذ الخطيب وآخرين من رموز في المعارضة السورية، تقوم بتمويل الحملة، حسب إدعاءات عمار اسماعيل.
ونشر عمار اسماعيل في صفحته على الفيسبوك "شبكة دمشق الإخبارية" عدّة (بوستات) تتهم الحملة ومتطوعيها بالتبعية للإخوان المسلمين، وتتهم مخابرات الأسد بالإخفاق كون الحملة تعمل في قلب دمشق القديمة، وتنشط في أحياء العاصمة وأزقتها، لتقديم العون للنازحين والمحتاجين.
التعليقات على (بوستات) عمار اسماعيل، تراوحت بين من طالب بإيقاف الحملة تحت تأثير ما نشره اسماعيل، إلى جانب حديث بعض أنصار النظام عن أن الحملة تُطعم أسر "الإرهابيين" في دمشق، وبين من أدان هجوم اسماعيل على الحملة، مذكراً بأن عملها إغاثي – إنساني في ظروف معيشية كارثية يعيشها سكان دمشق، على اختلاف انتماءاتهم وخلفياتهم المناطقية والسياسية والمذهبية.
وذكرت بعض التعليقات أن (بوستات) لمعارضين سبق أن أشارت إلى أن الحملة تتم بتمويل من "السيدة الأولى" عقيلة رأس النظام، أسماء الأسد، في حين أشارت تعليقات أخرى بأن اسماعيل لم يقدّم أية أدلة على اتهاماته للحملة بالارتباط بالإخوان المسلمين أو بـ فراس طلاس أو معاذ الخطيب، موضحين بأن ما نشره عمار اسماعيل من اتهامات للحملة لا يتجاوز كونه تخمينات لا ترقى إلى مستوى الدليل الحاسم.
وإذا أردنا أن نتوقف قليلاً عند تحليل ما أحاط بهذه الحملة من جدل إعلامي، نلحظ بأن الغالبية من أنصار النظام ومن أنصار المعارضة، هللوا للحملة، مرحبين بجهود شباب سوري صغير السن أدرك أهمية السلوك التطوعي للتخفيف من وطأة الأزمة الحالية وآثارها على عائلات فقدت المُعيل، أو فرص العمل والمسكن، فكانت ضحية الصراع المسلح.
ما أحاط بهذه الحملة من ضجيج إعلامي، يُثبت أن هناك مكانا وسطا بين جميع الأطراف، معارضين وموالين، ويُثبت بأن بين أنصار النظام فئات معتدلة وسطيّة، وبين أنصار المعارضة فئات ما تزال تتذكر البعد الإغاثي، وضروراته الملحة اليوم، وفي الوقت نفسه، يوجد في الطرفين، صقور ومتطرفون، يشوهون أي عمل، ويسيئون لأية مبادرة خير، تريد أن تكون إضاءة طفيفة على عتمة النفق الذي بات السوريون يحيون فيه.
لا بد أن ننتبه إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت بعض صقور أنصار النظام إلى مهاجمة الحملة، كان تغطية متطوعيها لحاجات النازحين بدمشق، ومعظمهم من ريف دمشق، وينتمي غالبيتهم إلى المناطق الثائرة، الأمر الذي أشعر هؤلاء بالانزعاج.
وفي هذا السياق، يرد تعليق في صفحة عمار اسماعيل، يقول فيه كاتبه أن متطوعي الحملة أطعموا جنودا على حاجز جيش النظام القريب من مقر عملهم في قلب دمشق القديمة...وتساءل كاتب التعليقات بما يُفيد: "هل سيحظون الآن بالرضا؟".
لكن في جانب آخر من المسألة، يبدو أن متطرفي "شبيحة" النظام، لم يدركوا بعد أن دمشق بسكانها على شفير الجوع، فقد سجّل الكثير من المراقبين مؤشرات لحالات جوع حقيقي تعيشها بعض شرائح السكان في العاصمة، مما يُنذر بـ "ثورة جياع"، وكانت بعض التعليقات على (بوستات) عمار اسماعيل، قد لفتت إلى هذا الجانب، مشيرة إلى ضرورة دعم هذه المبادرات وتشجيعها أياً كان يقف وراءها، ما دامت النتيجة التخفيف من سوء الأوضاع المعيشية لشريحة ربما حينما تصل إلى حالة جوعٍ محكم، تنفجر، ويصعب ضبطها، لأن "الجوع كافر".
التعليق