ريما فليحان لـ"اقتصاد": جهات إغاثية تكرّس مبدأ "المناطقية" في التعامل مع اللاجئين داخل الأردن

-  تأسس هذا المكتب بعد تفاقم حاجة اللاجئين داخل الأردن بسبب ازدياد أعدادهم

- قمت بتجميد عضويتي في الائتلاف حتى يضغط على الدول المانحة، وفعلا نجحت المهمة

- عملنا بشفافية وكل شخص في مكانه، وهذا ما ناقشته مع الخطيب وصباغ

- في الشهر الأول من هذا العام استطعنا مساعدة 1400 عائلة، وفي الشهر الثاني 2000 عائلة

تأسس المكتب الإغاثي للائتلاف الوطني في الأردن منذ عدة شهور؛ بهدف تقديم الإعانات المتنوعة للاجئين السوريين، وخلال فترة قصيرة من عمره استطاع هذا المكتب تقديم خدمات مميزة لآلاف العائلات السورية اللاجئة، من كوبونات غذائية وأجور بيوت للأسر الأشد عوزاً، وحملات إغاثة طارئة، وإعانات شهرية لأسر شهداء حمص.

ويقال إن وراء نجاحات هذا المكتب، المعارضة والناشطة المعروفة "ريما فليحان"، التي كانت من قبل وراء فكرة تأسيسه في الأردن؛ ليكون بمثابة مؤسسة إغاثية متكاملة تسعف اللاجئين السوريين.

ويسعى المكتب حالياً إلى إنشاء خريطة إغاثية تفاعلية، ستساهم في تحديد حاجات المناطق وطبيعة النزوح، عبر تقارير دورية من العاملين في الداخل.

  • حول فكرة تأسيس مكتب الإغاثة التابع للائتلاف الوطني، والظروف التي رافقت تأسيسه تقول ريما فليحان:

جاء تأسيس هذا المكتب بعد تفاقم حاجة اللاجئين داخل الأردن بسبب ازدياد أعدادهم وعدم قدرة الجمعيات العاملة وحدها على تغطية حاجيات هؤلاء واللاجئين، وانطلاقا من أن الائتلاف الوطني يعتبر ممثلا للشعب السوري وعليه أن يقوم بواجبه تجاه اللاجئين، من هنا جاءت فكرة أن يكون هناك مكتب للائتلاف يتولى مهام إغاثة اللاجئين في الأردن. وقبل ذلك -وعلى المستوى الشخصي- كنت أقوم بنشاطات إغاثية منذ بداية مجيئي إلى الأردن، وخاصة في مخيم "البشابشة" مع عدد من المتطوعين، كنا نؤمّن بعض حاجات اللاجئين من أغطية وأغذية وألبسة ومستلزمات منزلية أخرى، ولكن هذا النشاط كان فرديا وغير معلن، وعندما حصلت العاصفة التي ضربت مخيم الزعتري توجهت إلى هذا المخيم مع مجموعة من الناشطين، كنا يوميا نذهب لتوزيع المساعدات على اللاجئين المنكوبين هناك، وحينها قمت بالضغط من خلال الإعلام على الائتلاف الوطني والدول المانحة وتم توجيه نداءات متكررة، كما قمت بتجميد عضويتي في الائتلاف الوطني حتى يتحرك ويساهم بالضغط على الدول المانحة، وفعلا نجحت المهمة وأصبح هناك تجاوب من قبل هذه الدول لمساعدة لاجئي المخيم.

وقتها تناقشت أنا والائتلاف ومع الشيخ معاذ الخطيب ومصطفى الصباغ، تحديدا وشرحت لهم أن وضع اللاجئين السوريين خارج مخيم الزعتري لا يقل سوءا عن داخل المخيم، وبعد تجاوز أزمة المخيم كان لابد من العمل لمساعدة اللاجئين خارجه، واقترحت عليهم مشروعا كاملا لمؤسسة، وليس لجمعية خيرية أو مبادرة تطوعية، وهذه المؤسسة عبارة عن نظام إداري ومالي وتنفيذي متكامل نعمل فيه على مستوى مؤسسة تتبع لجهة يفترض أنها تمثل نواة لحكومة أوتعمل بمستوى يشبه المستوى الحكومي، كوننا نتحدث عن الائتلاف.

لاحقا أرسلت هيكيلية مقترحة للائتلاف، تتضمن تكاليف العمل من نفقات ورواتب وتكاليف الإغاثة شهريا، وقبل أن يتم تأسيس المكتب تمت دراسة هذا الموضوع والموافقة عليه، وبدأ الائتلاف يرسل مبلغ يقدر بـ 88 ألف دينار شهريا، وبدأنا العمل كفريق منظم كلٌ في مكانه، عبر هيكلية إدارية، فيها مدقق حسابات، ومدير إداري، ولجنة مشتريات، وموظفون يعملون في الكشوف الميدانية وأمين مستودع، ومتطوعون للدعم النفسي، وهو الفريق يضم قرابة 13 شخصا.


ومنذ اليوم الأول استخدمنا برنامج "الأمين" للمحاسبة وعملنا دورة مستندية كاملة لأي وثيقة مالية، بحيث يتم تدقيقها وفلترتها ومتابعتها من أكثر من شخص وإدخالها في برنامج "الأمين"، وبرنامج آخر للفرز.

وفي كل هذه المراحل نعمل بروح الفريق، ولذلك اتفقنا أن ننشر حساباتنا شهريا، وأن نعمل بشفافية ونعتمد التوثيق والتنظيم لأبعد الحدود وأن يكون الخطأ في عملنا ممنوعا. وبالفعل عملنا بأقصى طاقتنا وكانت النتائج مبشرة، ففي الشهر الأول من هذا العام استطعنا مساعدة 1400 عائلة، وفي الشهر الثاني 2000 عائلة، وفي الثالث 1700 عائلة وفي شهر نيسان قمنا بتطبيق تجربة الكوبونات للمرة الأولى، حيث صرف المكتب كوبونات غذائية قيمة الواحد 40 دينارا، تم رفعها إلى 50 دينارا، بالإضافة إلى المساعدات النقدية وتغطية أجور المنازل للأسر المحتاجة.

كنا نأتي بالبيانات الخاصة بكل لاجئ عن طريق الاتصال بأرقام اللاجئين الذين سبق أن اتصلوا بنا وسجلنا أرقامهم، كما أخذنا البيانات الكاملة، مثل: عدد أفراد الأسرة وأسمائهم وأعمارهم ومكان السكن.
وعقب ذلك، يقوم الموظفون لدينا بالكشف عن اللاجئين المستهدفين ميدانيا، ومعرفة وضعهم واحتياجاتهم، وكل البيانات الضرورية كالوضع الصحي وحالة البيت الذي يسكنونه وأين كانوا يسكنون في سوريا قبل لجوئهم إلى الأردن.

وبناء على هذه المعلومات يتم تحديد نوعية المساعدات التي يجب أن تقدم إلى كل عائلة، ويتم تقسيم ميزانية المعونة بحسب ماهو مطلوب.

وعلاوة عليه فتحنا خطاً مع الجهات الإغاثية التى تعمل في الأردن، وكانت الغاية من ذلك الوصول إلى بيانات أكبر عدد من اللاجئين السوريين، الذين هم بحاجة إلى دعم، و"التشبيك" مع هذه الجهات بشكل جماعي، كما كان هدفنا الوصول إلى الناس الذين لانستطيع الوصول إليهم، فمكتب الائتلاف ليست غايته إلغاء عمل الآخرين بل استكمال عملهم.

ولكن للأسف واجهنا مشكلة سيئة جدا، وهي شيوع روح المناطقية لدى بعض الجهات الإغاثية في الأردن، فالعمل الإغاثي لدى هذه الجهات مقسم على أساس مناطقي، ولا أحد يعترف بالآخر، والجهة الوحيدة التي لاتعمل على أساس مناطقي هي المكتب الإغاثي للائتلاف الوطني الذي يحاول أن يساعد الجميع دون تركيزعلى المنطقة التي جاءوا منها، فأي سوري محتاج يستحق المساعدة، ولذلك كنا نسعى للحصول على بيانات خاصة للاجئين من كل الجمعيات.

وأحب أن أنوه هنا إلى أننا لا نقوم بتسليم المبالغ لهذه الروابط والجمعيات أونترك لهم حرية التصرف بها، بل يقوم فريق مختص من المكتب بالكشف عن حاجة هذه العائلات وإذا كانت هذه الجمعيات والروابط هي التي تقوم بتوزيع الإعانات، يقوم مندوبونا بتسليم كل شخص بنفسه بعد أن يوقّع على وثيقة الاستلام، وبالتالي لا يكون هناك مجال للتحايل، وقبل أن نصل إلى هذه المرحلة نكون قد أدخلنا هذه القوائم إلى برنامج خاص يمكن من خلاله كشف "ازدواجية التسجيل"، فأحيانا يكون الشخص مسجلا في أكثر من جمعية أو تكون زوجته هي التي تسجل اسمها، ومن خلال رقم الهاتف ورقم المفوضية يمكن اكتشاف ذلك، ونقوم بفلترة الأسماء للتخفيف من نسبة الخطأ.


يتم "الطعن" بنا دائما

  • هل تعتقدين أن العمل الإغاثي في الأردن يفتقر إلى التوجه المؤسساتي، وما أسباب ذلك برأيك؟

بالتأكيد لأن الكثير من الجمعيات تعمل على مبدأ الأنانية، وعدم تعاونها مع بعضها البعض وعدم الإيمان بضرورة تنظيم ومأسسة العمل الإغاثي. يجب أن يكون هناك تمييز بين العمل التطوعي العشوائي الفردي، وبين إنشاء مؤسسة حتى لو كانت فردية، وإذا لم تكن قادرا على العمل بشكل مؤسساتي مدروس، فعليك أن لا تدخل هذا المجال لأنه شائك ومعقد، نحن اقتحمنا هذا المجال، ولكن للأسف يتم الطعن بنا دائما، علما أننا نعمل بشكل منظم وشفاف وننشر حساباتنا ووثائقنا لتكون متاحة للجميع.

ومن جانب آخر تفتقر الجهات الإغاثية في الأردن إلى التعاون، فكل واحدة منها يكرّس مبدأ "المناطقية" في التعامل مع اللاجئين، وهذا يعزز الشرخ الموجود داخل المجتمع السوري، ميزة المكتب الإغاثي للائتلاف الوطني أنه لا يكرّس شخصيات، لدينا نظام متكامل غير مرتبط بشخص واحد، واللاجئ لايعرف إلا أن الإعانة جاءته من المكتب الإغاثي، أما باقي الجمعيات والجهات الإغاثية فهي مرتبطة للأسف بأسماء القيّمين عليها وهذا أمر خطير.

تجارب تستحق الدعم

  • ماهي التحديات التي تواجه المكتب الإغاثي في الأردن الآن؟

هناك العديد من التحديات التي تواجه عملنا، وأولها استمرار الدعم من وحدة التنسيق لمشروعاتنا الحالية واللاحقة، ومن خلال جولاتنا على بعض الجمعيات الخيرية وجدنا أن هناك تجارب لدى هذه الجمعيات تستحق الدعم، ونحن يمكن أن نكون نافذة لتأمين هذا الدعم.

في الشهر السادس من هذا العام توقف الائتلاف عن إرسال المساعدات، وأرسلنا "إيميل" وحاولنا الاتصال مراراً دون جدوى؛ ما دعاني للسفر إلى مدينة "غازي عنتاب" في تركيا لأقابل وحدة تنسيق الدعم، وقدمت لهم مشروعات لها علاقة باستمرارية المكتب والكوبونات وإيجارات المنازل، وكان لدي مشروع للمساعدات النقدية التي تُعطى للجمعيات بغرض توزيعها على المسجلين لديها، وتم رفض المشروع الأخير.

مشروع الكوبونات مثلا يفترض أن يستمر 6 أشهر، في كل شهر ألف عائلة على أن تكون هذه العائلات غير مسجلة في مفوضية اللاجئين، أي إنها تستلم كوبونات منظمة الغذاء العالمي. نحن نقوم بتسجيل هذه العائلات وبعد أن تستلم إعاناتها نقدم أسماءهم إلى منظمة الغذاء العالمي لإدخالهم في قوائمها، ثم بعد ذلك نأخذ عائلات جديدة، وخلال 6 أشهر نكون قد ساعدنا 6 آلاف عائلة، وأدخلناها في قوائم منظمة الغذاء العالمي.

ترك تعليق

التعليق

  • نرجومساعدتنا في الاغاثة اعلاميا اجهزة اتصال