"اقتصاد" ترصد تزايد السوريين في الغردقة المصرية على البحر الأحمر
- بواسطة اقتصاد - خاص --
- 01 أيار 2013 --
- 1 تعليقات
الانضباط الأمني عالٍ فيها مقارنة بباقي المدن المصرية
ارتفاع أجور العاملين في مجال السياحة
الإيجارات للساكنين الدائميين منخفضة مقارنة بأماكن تجمع السوريين قرب القاهرة
تجذب مدينة الغردقة المصرية يوماً تلو الآخر المزيد من السوريين اللاجئين إلى مصر. وأصبح من الممكن لك اليوم أن ترى سوريين يتجولون في شوارعها من حين لآخر، بعد أن كان العنصر السوري نادراً فيها قبل نهاية العام الماضي.
ما تزال مدينة 6 أكتوبر قرب القاهرة، تحوي أكبر تجمع للسوريين في مصر. كما توجد تجمعات أخرى أصغر للسوريين في مناطق أخرى قرب القاهرة، أو في مدينة الإسكندرية. أما في المدن المصرية الصغيرة والبلدات المتوسطة، يندر جداً أن تجد سوريين. لكن تلك الحال بدأت بالتغيّر في مدينة الغردقة على البحر الأحمر شمال شرق مصر.
تعدّ الغردقة ثاني وجهة سياحية مميزة في مصر على شاطئ البحر الأحمر بعد شرم الشيخ، حيث يقصدها أعداد كبيرة من الروس والإيطاليين، لكن يبدو أن الجنسية الروسية تغلب على زوار تلك المدينة الساحلية الساحرة بشواطئها المرجانية المعروفة، إلى جانب شهرتها العالمية كوجهة لهواة رياضة الغطس في مياه البحر.
ويغطي ساحلها الطويل بحوالي 22 كم على شاطئ البحر، عشرات المنتجعات متعددة المستويات. وتعدّ المدينة ذات الـ 90 ألف نسمة عاصمة لمحافظة البحر الأحمر، وأكبر مدنها، وتقع قُبالة شرم الشيخ تقريباً، على الشاطئ الإفريقي جنوب خليج السويس.
لماذا تزايد السوريون فيها؟
ما يجذب السوريين إلى هذه المدينة عوامل عديدة، قد يكون أبرزها: الانضباط الأمني العالي فيها مقارنة بباقي المدن المصرية التي تعاني حالياً شيئاً من الانفلات الأمني بسبب الظروف السياسية المضطربة في البلاد.
وهو نفس العامل الذي يجذب عشرات آلاف المصريين للإقامة والعمل في هذه المدينة، التي باتت اليوم فسيفساء متنوع من كل ألوان الطيف المصري.
يقول عمرو محمد، سائق تكسي مصري، إن الغردقة تتميّز بارتفاع منسوب الأمن فيها مقارنة بالقاهرة، ويخبر عمرو "اقتصاد" بحادثة واجهته في 6 أكتوبر إبان الثورة المصرية: "سُرقت سيارتي، فشعرت أن عملي لن يكون مجدياً في هذه الأوضاع الأمنية، فجئت إلى الغردقة، واشتريت تكسي واشتغلت هنا، حيث الضبط الأمني أقوى، بسبب التزام معظم الناس بالقوانين، حفاظاً على قوتهم وأرزاقهم المتوقفة على السياحة، والتي تتطلب استقراراً أمنياً كي تزدهر، لذلك تجد الناس هنا يطوقون أي مشكلة بسرعة تجنباً لاتساع نطاقها، خوفاً من أن تؤثر على أزراقهم، فجميع من يعيش في الغردقة هنا، أتى ليعمل بالسياحة أو بنشاطات مرتبطة بها، ويريدون أن تبقى الأجواء هنا مستقرة أمنياً".
ويخبرنا مايكل سعيد، موظف مصري في أحد الشواطئ السياحية، أن كل الذين يعملون في الغردقة من المصريين مرتاحون مادياً نسبياً، لذلك تجد أن هناك حالة مقبولة من الرقي في التعامل بين الناس، إلى جانب التزام الجميع بالابتعاد عن المشاكل، حتى تبقى الأجواء هادئة، وتبقى السياحة مزدهرة، أما في القاهرة فيكثر الفقراء والبلطجية والعاطلون عن العمل، لذا تكثر المشكلات الأمنية هناك.
أما السبب الثاني الذي يجذب السوريين إلى الغردقة، فهو ارتفاع أجور العاملين في مجال السياحة، ففي الوقت الذي تتراوح فيه أجور معظم فرص العمل المتاحة في القاهرة بين 800 إلى 1000 جنيه، يجد بعض السوريين فرص عمل في المنتجعات السياحية في الغردقة برواتب تصل إلى 2800 جنيه، وهو راتب مرتفع للغاية مقارنة بمستوى الأجور في مصر.
يروي (فراس، د)، سوري يعمل في مجال السياحة في الغردقة، لـ"اقتصاد"، كيف أنه عمل بدايةً في الإسكندرية براتب لم يتجاوز 2000 جنيه لدى سوري هناك في مجال تجارة آلات عصر الزيتون، وواجه الكثير من الضغوط والابتزاز من صاحب العمل السوري، لكن أحد أقاربه استطاع أن يدبر له فرصة عمل في منتجع بالغردقة بـ 2800 جنيه، وبظروف عمل أفضل من تلك التي أُتيحت له سابقاً.
(مهند، ج)، سوري بحث مطوّلاً عن فرص عمل في القاهرة، فلم يجد فرصة يزيد راتبها عن 1000 جنيه، علماً بأن الحد الأدنى لتكلفة معيشة أسرة من خمسة أفراد في مصر، مع إيجار المنزل، لا يمكن أن تقل عن 1600 جنيه.
الجانب الثالث الذي يجذب المزيد من السوريين إلى الغردقة، يتمثّل في أن الإيجارات للساكنيين الدائميين منخفضة فيها مقارنة بأماكن تجمع السوريين قرب القاهرة، حيث ارتفعت الإيجارات، فوصلت في 6 أكتوبر إلى ما يتراوح بين 1800 إلى 2500 جنيه لمنزل متوسط المستوى بغرفتي نوم، في حين يمكن لك استئجار نفس المنزل في الغردقة بـ 1200 جنيه، شريطة ألا تأتي للاستئجار في مواسم السياحة التي تبدأ مع الشهر الخامس من كل عام، حيث يُراعي أصحاب العمارات في الغردقة المستأجرين الدائميين، ويعاملونهم معاملة خاصة، ويفضلونهم على المستأجرين في المواسم السياحية، الذين يستأجرون بأسعار أعلى، لكن لأيام معدودة.
يمكن لك اليوم أن تسير في شارع الباشا، أحد شوارع الغردقة، فتلمح محل حلاقة رجالي يرفع علم الثورة السورية، كما يمكن لك أن تجد وراء السنترال في شارع الشيراتون محلين متقاربين للمأكولات السورية، وبعد مفرق ماركت أبو عشرة تجد كافتيريا ترفع علم الثورة أيضاً، كما يمكن لك أن تلتقط اللهجة السورية في كثير من تحركاتك في المدينة.
وقد اعتاد المصريون اليوم في الغردقة على تواجد السوريين وتزايدهم، بعد أن كان الأمر قبل أشهر معدودة غريباً عليهم، ويُشعرهم بالفضول للتعرف على شعب يعرفونه من بعض المسلسلات الشامية وبعض كلمات اللهجة الدمشقية المحببة بالنسبة لهم. ويمكن للسوريين الزائرين للغردقة أن يلحظوا ترحيباً كبيراً من جانب المصريين بهم، مقارنة بشيء من الامتعاض الذي بدأ يأخذ منحىً ظاهراً من جانب المصريين حيال تواجد السوريين الكبير في 6 أكتوبر قرب القاهرة، حيث سببوا ارتفاعاً في الإيجارات، ومنافسة في فرص العمل.
لكن رغم ما سبق، يبقى وجود السوريين في الغردقة محدوداً مقارنةً بالتجمعات الكبرى للسوريين قرب القاهرة، وفي الإسكندرية. ويبقى أن معظم السوريين الذين يريدون أن يتوجهوا لهذه المدينة، عليهم أن يعملوا في مجال السياحة أو النشاطات الاقتصادية المتفرعة عنها، مما يجعل مجالات العمل نسبياً أقل اتساعاً مقارنة بما هو متاح في العاصمة المصرية وضواحيها الكبرى، وفي الإسكندرية، ثاني المدن المصرية من حيث الكثافة السكانيّة.
التعليق