الفريق الاقتصادي في الوزارة الجديدة.. المسؤوليات والتحديات

 

يتطلع مراقبون بتفاؤل لتشكيلة الفريق الاقتصادي في الحكومة السورية الجديدة، والتي يمثلها وزراء الاقتصاد والمالية والسياحة والزراعة والإسكان والطاقة والنقل والاتصالات، بالإضافة إلى حاكم مصرف سوريا المركزي الذي لم يتم تعيينه حتى الآن، لكن من الواضح أن الاختيار قد وقع على الدكتور عبد القادر حصرية، بحسب ما أعلن بنفسه في تصريحات لوسائل إعلام عربية، كما تم قبل نحو شهر تعيين رئيس للهيئة العامة للاستثمار، ما يعني أن التشكيلة أصبحت شبه مكتملة.

التفاؤل مصدره سيرة هذا الفريق الاقتصادي المميزة، وبالذات ما يمتلكونه من خبرات علمية وعملية في الاختصاصات التي تم تعيينهم فيها، لكن بنفس الوقت هذا لا ينفي أن حجم الصعوبات التي سيواجهونها في مواقعهم الجديد، سوف تكون كبيرة جداً، بسبب أن بيئات العمل التي عملوا بها سابقاً ونجحوا فيها، غير متوفرة في البيئة السورية، إن لم تكن معدومة، وذلك وفقاً للبيانات والمعلومات التي يتم تداولها عن واقع الاقتصاد السوري المدمر، والذي يحتاج إلى ما يشبه المعجزة من أجل النهوض من جديد.

في الكلمات التي ألقاها هؤلاء الوزراء قبيل تأديتهم القسم الدستوري، بدا واضحاً حجم الحذر في تقديم الوعود البراقة التي تمس حياة المواطنين على نحو مباشر، واكتفوا بالحديث عن الاستراتيجيات العامة التي ينوون العمل عليها في وزاراتهم، والتي تعنى بشكل أساسي بإعادة هيكلة العمل وتغيير دفته، من اقتصاد منفلت وفاسد ورثوه عن النظام البائد، إلى اقتصاد منضبط ويسير في الاتجاه الصحيح وفقاً لمعايير بناء الدول الحقيقي.

هذا يشير إلى أنه تم إطلاع الوزراء على كل كبيرة وصغيرة في الوزارات التي سيتولونها قبل أن يباشروا العمل فيها. وهذه الكبيرة والصغيرة، لا تزال معلوماتها مخفية عن الشعب السوري، ويتم تداولها ضمن دائرة ضيقة، تنحصر في الأشخاص الذين كلفوا بالإشراف وجمع البيانات في جميع مؤسسات الدولة السورية بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول من العام الماضي.

وأغلبنا ربما قرأ التسريبات التي تحدثت عن الفساد في القطاع الوظيفي، والعمالة الفائضة التي تقدر بمئات الآلاف بمؤسسات الدولة، لكن نؤكد لكم أن هذه ليست إلا معلومات بسيطة ومتوقعة، بالمقارنة مع ما تم كشفه من فساد بمليارات الدولارات، وفساد من نوع آخر يتعلق بالشركات التي تم السيطرة عليها وكانت تتبع للدائرة الضيقة المرتبطة ببشار الأسد وزوجته، ناهيك عن أن النظام ترك مؤسسات الدولة وهي أشبه بهيكل عظمي، تحتاج إلى سنوات من البناء لكي تعود للعمل من جديد.

شخصياً، أتيح لي الاطلاع من مصادر خاصة، على بعض الكوارث التي تم اكتشافها في بعض المؤسسات والوزارات وبعض شركات القطاع الخاص، والتي تشير في مجملها إلى أن النظام، وحتى قبل أحداث الثورة السورية في العام 2011، كان يتعامل مع البلد بعقلية الغزاة، ويخطط ويعمل على نهبها شأنه شأن أي محتل خارجي.

كل ذلك يضع البناة الجدد للدولة السورية أمام مسؤوليات ضخمة، وهم بالأساس قبلوا التحدي، عندما قبلوا بتولي مناصبهم الوزارية مع معرفتهم بسوء الواقع وحجم التحديات. لهذا لن يرحمهم الشعب السوري إذا لم يحسنوا التصرف.

 

 

ترك تعليق

التعليق


أعلى