الجلالي.. وحكومة التفكير خارج الصندوق

 

لاحظ الكثير من المراقبين أن رئيس الوزراء الجديد التابع للنظام، محمد غازي الجلالي، ردد أكثر من مرة عبارة بأن حكومته هي حكومة التفكير خارج الصندوق، وهو ما يعني شعار المرحلة التي سيتولاها، وذلك وفقاً للعرف الذي ميّز فترة حكم بشار الأسد لسوريا منذ العام 2000، حيث كان كل رئيس وزراء يتولى منصبه، يطلق عنواناً للمرحلة التي سيقودها.


هكذا سمعنا لأول مرة عنوان اقتصاد السوق الاجتماعي مع رئيس الوزراء محمد ناجي عطري، ثم مصطلح التشاركية بين القطاع الخاص والعام مع وائل الحلقي، إبان فترة الثورة السورية، وبعدها مصطلح إيصال الدعم لمستحقيه مع حكومة عماد خميس، ثم إلى حسين عرنوس، الذي قام برفع الدعم عن مستحقيه وغير مستحقيه، وصولاً إلى قدوم رئيس وزراء يريد التفكير خارج الصندوق بعد أن تم إفراغه من كافة محتوياته ومقتنياته.


فما الذي يبحث عنه محمد غازي الجلالي خارج هذا الصندوق ويمكن أن ينقذ الاقتصاد السوري المنهار..؟

 

حتى الآن، بدا أن الصندوق الذي يريد رئيس الوزراء الجديد التفكير خارجه، ليس من خلال التطلع إلى فتح باب الاستثمار الخارجي وتحسين بيئة العمل الداخلية، بل من خلال المزيد من التفتيش في جيوب السوريين وإفراغها من كل فلس، عبر رفع أسعار المحروقات، والاستمرار بسياسة رفع الدعم عن كل القطاعات الحكومية، من صحة وتعليم وكهرباء ونقل وزراعة، بالإضافة إلى فرض ضرائب جديدة، تطال الجميع بلا استثناء.


وهي حركات كان قد بدأها سلفه حسين عرنوس في نهاية عهده، دون أن تتكحل عيناه برؤيتها على أرض الواقع، لكن الكل كان يرى أن النظام يتجه نحو الخصخصة في المرحلة القادمة، وهو ما بدا واضحاً من خلال بيع محطات توليد الكهرباء للقطاع الخاص وبيع مطار دمشق الدولي وشركة الطيران السورية، بدعوى الاستثمار الأمثل لهذه الموارد الحيوية.


إذاً، ما سيقوم به محمد غازي الجلالي، وفقاً للكثير من المراقبين، هو سياسة مرسومة من قبل السلطات العليا في النظام، وتهدف إلى بيع المزيد من القطاعات الحكومية للقطاع الخاص، من بينها على وجه الخصوص المشافي الحكومية في المرحلة العاجلة، وقد تم البدء بهذه الخطوة في العديد من المشافي في دمشق وحلب، ثم يجري الحديث عن بيع المدارس الحكومية أو تأجيرها للقطاع الخاص، وهو ما تم الكشف عنه قبل نحو عامين، عندما ثارت فضيحة بدمشق عن قيام النظام بتأجير مدرسة الصناعة الثالثة في مزة فيلات غربية، بالإضافة إلى مدارس أخرى لم يتم كشف عددها حتى الآن.


أيضاً يجري الحديث عن بيع الحدائق العامة، وهو أمر تم البدء به أيضاً منذ مطلع العام الجاري، من خلال بيع حديقة الطلائع في منطقة المزة بدمشق وحديقة الحيوانات في العدوي، بالإضافة إلى حدائق أخرى بدمشق يجري التستر على هوية المستثمرين لها.


هناك مخاوف حقيقية من أن يقوم النظام ببيع مواقع تاريخية وأثرية، عدا عن تلك التي تسيطر عليها إيران، بحجة وجود مزارات دينية فيها. حيث يجري الحديث في الخفاء عن طرح مثل هذه المواقع للاستثمار من قبل القطاع الخاص، بذريعة تطويرها وتحسينها.


فهل عرفتم الآن طبيعة الصندوق الذي يريد محمد غازي الجلالي التفكير خارجه، والمقتنيات التي يحتويها..؟!

 

 

ترك تعليق

التعليق