مشروع موازنة 2025.. في ميزان النقد والتحليل

 

قدمت وزيرة الاقتصاد السابقة في حكومة النظام، لمياء عاصي، قراءة أولية في مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2025، والتي تم الإعلان عنها يوم الخميس الماضي، باعتمادات بلغت 52600 مليار ليرة، موزعة على 37000 مليار للإنفاق الجاري و15600 للإنفاق الاستثماري.


ورأت عاصي في تصريحات لموقع "المشهد" الموالي للنظام، أن الموازنة العامة للدولة لعام 2025 تتشابه مع الموازنات السابقة من حيث أنها تفتقر لتحديد المستهدفات والمؤشرات الاقتصادية، فمثلاً لم يتم تحديد معدل النمو الاقتصادي الحقيقي والتضخم المستهدف وكيفية محاربته أو تخفيضه، وكذلك نسبة البطالة وعدد فرص العمل التي ستوفرها الموازنة العامة للدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، وكذلك المنهجية التي يمكن إتباعها لتحسين المستوى المعيشي لغالبية المواطنين.


وانتقدت عاصي تصريحات رئيس وزراء النظام، محمد غازي الجلالي، لدى تعليقه على مشروع الموازنة ووصفها بأنها تستهدف سياسة مالية توسعية، مشيرة إلى أن السياسة المالية التوسعية تعرف بمكونات أهمها: أولاً، التوسع في حجم الأموال المتداولة في الاقتصاد، ثانياً، منح المستهلكين مزيداً من القوة الشرائية، ومن أجل تنفيذ هذه السياسة تلجأ الدولة إلى تحسين الواقع المعيشي وتتخذ إجراءات مثل منح الإعانات واعتماد برامج الرعاية الاجتماعية كما تلجأ إلى تخفيض الضرائب، وكل هذه الإجراءات تقوم الحكومة باتخاذها في سبيل زيادة الطلب المحلي أي زيادة الإنفاق الاستهلاكي الذي يشكل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي، الذي يتكون من الإنفاق الاستهلاكي والإنفاق الحكومي الاستثماري بالإضافة إلى صافي الصادرات والاستثمارات التجارية والصناعية.


وأضافت: بتحليل سريع لبنود الموازنة واعتماداتها نجد أن الموازنة العامة للدولة في سوريا 2025 لا تحتوي على ما يشير الى أي من الإجراءات السابقة، كما أنها لم تشر إلى تخصيص اعتماد لدعم المشروعات الصغيرة والصغيرة جداً أو لدعم مشاريع اقتصاد الظل للوصول إلى اقتصاد وطني تنافسي وبكفاءة أعلى من أجل تحقيق الهدف الخاص بتعزيز الإنتاج في الاقتصاد الوطني.


وتابعت أن مشروع الموازنة لم يشر إلى خارطة طريق لإصلاح سلم الرواتب والأجور في الوظيفة العامة ولتحسين الواقع المعيشي وزيادة القدرة الشرائية لغالبية المواطنين، إضافة الى سياسة المصرف المركزي باستمرار حبس السيولة وتقييد السحب النقدي من البنوك إلى حدود ضئيلة جداً.


أما أبرز النقاط الإيجابية في مشروع موازنة 2025، ذكرت عاصي أنها تتلخص بالآتي:


1- ارتفاع في نسبة الإنفاق الاستثماري لإجمالي الموازنة عن السنوات السابقة، فقد بلغت نسبة الإنفاق الاستثماري 29.6% من إجمالي الموازنة لعام 2025 بينما كانت هذه النسبة 25,4% تقريباً لعام 2024 أي هناك زيادة في شق الإنفاق الاستثماري لعام 2025.


2- انخفاض في معدل العجز المالي، حيث بلغ 21% في عام 2025، بينما بلغ العام السابق 26%، مشيرة إلى أنه يبدو أن هناك قناعة بالإقلاع عن التوسع بتخصيص الاعتمادات ثم اللجوء إلى (التمويل بالعجز).


3- اعتماد النمو الاقتصادي المقاد بإجمالي الطلب المحلي، وهذا يعتبر حسب رأيها، تحول جذري في الذهنية الحكومية، من خلال اعتبار أن الرواتب والدخول الشهرية هي أداة تعمل على تنشيط الدورة الاقتصادية، (الإنتاج، الاستهلاك).


وختمت الوزيرة السابقة كلامها بالقول، إنه يجب أن يسبق إعداد الموازنة العامة للدولة ورقة تشكل إطاراً للمفاهيم والمرتكزات الأساسية في صياغة السياسات الاقتصادية والمالية لكل اللاعبين في الاقتصاد الوطني، قطاع عام وخاص، منتجين ومستهلكين، كما يتوقع من الموازنة العامة للدولة أن تجيب على الأسئلة النابعة من التحديات التي يواجهها المواطنون السوريون، وأهمها الفجوة الكبيرة بين الدخل والمتطلبات الأساسية اللازمة للاستمرار على قيد الحياة الكريمة، ومن ثم الانتقال أخيراً لموازنة البرامج، بدلاً من موازنة البنود المعتمدة حالياً، خصوصاً في الشق الاستثماري.

ترك تعليق

التعليق