تاجر الحرب محمد براء قاطرجي.. لماذا قتلوه؟

 

حتى الآن لم تتبنى إسرائيل عملية الاغتيال التي أدت يوم أمس الاثنين إلى مقتل أحد أبرز تجار الحرب المقربين من النظام، محمد براء قاطرجي، وذلك بحسب ما أعلنت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام، وكذلك وكالة "رويترز"، واللتان أكدتا بأن طائرة مسيرة إسرائيلية هي من استهدفت السيارة التي كان يستقلها "قاطرجي" في منطقة الصبورة بالقرب من الحدود السورية اللبنانية.


لكن بنفس الوقت هذا لا ينفي أن تكون إسرائيل هي من اغتالته بالفعل، فهو "صيد ثمين" وفقاً للتقارير الإعلامية الكثيرة التي تحدثت عن دوره في دعم أنشطة الميليشيات الإيرانية العسكرية المتواجدة في سوريا بالإضافة إلى دعم ميليشيا حزب الله، ما يجعل من قتله، إجراءً منسجماً مع ما تقوم به إسرائيل من تصفية لكل أذرع إيران التي تعتقد بأنها تشكل خطراً على أمنها القومي.


وإذا كانت إسرائيل هي من اغتالته بالفعل، فهذا يعني أنها المرة الأولى التي تستهدف بها شخصية غير عسكرية أو أمنية، فضلاً عن أنها ليست إيرانية وليست من منتسبي حزب الله، وهذا ما قد يشير إلى الدور الخطير الذي كان يضطلع به محمد براء قاطرجي في دعم الميليشيات الإيرانية، إلى الدرجة التي دفعت إسرائيل إلى اغتياله.. ولكن إلى أي حد هذا الكلام معقول..؟


الكثير من المصادر الإعلامية تحدثت عن أن الدعم الذي كان يقدمه محمد براء قاطرجي للميليشيات الإيرانية وميليشيا حزب الله، هو دعم مادي بالدرجة الأولى، لكن هذا الأمر لا يجعل منه رجلاً خطيراً في نظر إسرائيل ومطلوب اغتياله، اللهم إلا إذا كان يقوم بأدوار أكثر من الدعم المادي، مثل عمليات نقل أسلحة إيرانية إلى داخل سوريا أو مهام أكبر من ذلك بكثير، بحسب ما ذكرت بعض التقارير الإعلامية، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون صيداً ثميناً لإسرائيل.


وعلى جانب آخر، تحدث العديد من الناشطين بأن النظام هو من قام بقتل محمد براء قاطرجي، ضمن مساعيه للتخلص من كل شهود المرحلة السابقة ورجالاتها، تمهيداً لمرحلة جديدة عنوانها التقارب مع الدول العربية، وبالذات الخليجية.


وكما هو معروف فإن محمد براء قاطرجي، بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية، فهو معاقب من قبل المملكة العربية السعودية، منذ العام 2022، والتي وضعته على قائمة الإرهاب إلى جانب السوري علاء خنفورة، بسبب دعمهما لأنشطة الحرس الثوري الإيراني في سوريا، والتعامل مع تنظيم "الدولة الإسلامية -داعش".. لذلك بحسب هؤلاء الناشطين فإن التخلص من محمد براء قاطرجي فيه مصلحة كبيرة للنظام، وربما أكثر من إسرائيل، لأنه كان –مع أشقائه- الوكلاء الحصريين لإدارة أنشطة النظام في تجارة النفط والحبوب من المنطقة الشرقية، مع تنظيم "داعش" منذ العام 2014 وحتى العام 2017، ثم مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، المستمر حتى اليوم.


بكل الأحوال، تشير العديد من المصادر المحلية في مدينة حلب، بأن قتل محمد براء قاطرجي -48 عاماً-، لا يعني أبداً نهاية امبراطوريته المالية أو أنشطته التجارية المشبوهة، سواء مع النظام أو مع الميلشيات الإيرانية، فهي امبراطورية عائلية، فيها شقيقه حسام قاطرجي، عضو مجلس الشعب - 42 عاماً- ، وشقيقه الآخر محمد آغا -33 عاماً-، بالإضافة إلى ابنه، أحمد بشير محمد براء قاطرجي -25 عاماً-. فهم شركاء في جميع أذرع مجموعة قاطرجي التجارية والاستثمارية وبحصص شبه متساوية، ما يعني استمرار أنشطتها، وإن كانت ستختلف الحسابات من الآن وصاعداً بعد عملية اغتيال الشقيق الأكبر.


ومن ضمن السيناريوهات التي يرسمها البعض لاختلاف هذه الحسابات، هو أن يحاول من تبقى من الأخوة "قاطرجي"، تغيير مسار نشاط المجموعة نحو أعمال استثمارية، لا تقوم على التجارة المشبوهة والخطرة.. بل إن البعض يقول إن المجموعة قد بدأت بالفعل بهذا التغيير، عندما أعلنت مطلع الشهر الماضي، عن ما وصفته بأكبر مشروع صناعي بالشرق الأوسط في منطقة الشيخ نجار بحلب، والذي يمتد على مساحة تصل إلى 3 ملايين متر مربع، ويهدف إلى تجهيز 357 منشأة صناعية مختلفة، وسيوفر 300 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، بمدة تنفيذ ستستغرق 12 شهراً فقط.


حتى أن زيارة محمد براء قاطرجي الأخيرة إلى لبنان، والتي اغتيل في طريق العودة منها، تقول مصادر إعلامية خاصة لـ "اقتصاد" بأنها كانت تندرج ضمن مساعيه لتنفيذ مشروعه الجديد في مدينة حلب، بينما أعلنت هذه المصادر عن عدم إطلاعها على أية علاقات مباشرة تربط مجموعة القاطرجي بحزب الله أو الميليشيات الإيرانية، دون أن تستبعد وجودها.


إذاً يبقى السؤال اللغز.. ليس معرفة الجهة التي قتلت محمد براء قاطرجي.. بل لماذا قتلته؟

 

ترك تعليق

التعليق