المزيد من التشريح لموضوع التحول نحو الدعم النقدي

 

لا يزال قرار التحول نحو الدعم النقدي الذي أعلنت عنه حكومة النظام قبل عدة أيام، يلقى الكثير من التفاعل والتشريح من قبل عدد كبير من الاقتصاديين والمراقبين، فمنهم من رأى أنها خطوة في الاتجاه الصحيح وسوف تكافح الفساد، والبعض الآخر رأى العكس، بأن الفساد غير ناتج عن آلية توزيع الدعم، وإنما عن كيفية حساب تكلفة الدعم.


وفي هذا الإطار، قال الرئيس الأسبق للمكتب المركزي للإحصاء الخاضع للنظام، الدكتور شفيق عربش، إن الحكومة سوف ترفع سعر الخبز إلى 3000 ليرة وسيتم إعطاء المواطن 2600 ليرة وفق عدد الربطات الأقصى المخصص للأسرة، وكلما ارتفع السعر يتم تحويل المبالغ الإضافية إلى الحسابات حيث يتم الاقتراب إلى سعر التكلفة.


ورأى عربش في تصريحات لصحيفة "الوطن" الموالية النظام، أنه إذا كان الفريق المسؤول عن الأمر يعتقد أن هذا الإجراء سيخفف الفساد، فإن ذلك لن ينجح في التخفيف منه، لأن الفساد سببه الخطأ في احتساب التكلفة وهذا سوف يستمر، معتبراً أن هناك هدراً في مبالغ الدعم التي سوف توزع لأن كل البطاقات مدعومة ستأخذ نصيبها رغم أن الكثير من المواطنين ولأسباب متعددة لا يقفون على منافذ البيع وإنما يشترون مخصصاتهم أمام الأفران من البائعين المتواطئين مع عاملين في الأفران.


واعتبر عربش، الذي يعمل حالياً مدرّساً في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، أن توزيع الدعم بهذا الشكل هدر لموارد الدولة ويقضي على المالية العامة للدولة، فمن غير المنطق أن يعطى الدعم لـنحو 86 بالمئة من السكان الذين يملكون بطاقات. والدعم بهذه الطريقة مال مهدور ومرمي على الأرض.


واقترح عربش آلية للحل بالنسبة لموضوع الدعم تقوم على شقين، الأول عبر إصلاح سياسة الرواتب بحيث تصل الرواتب إلى الحد الذي يلبي متطلبات المعيشة الكريمة، فيصبح العامل غير محتاج للدعم، والشق الثاني يخص مجموعة الفقراء الذين لا يعملون في الدولة، ورأى أن الحل يكون من خلال منحهم قروضاً صغيرة من دون فوائد ومساعدتهم على إطلاق مشاريعهم بحيث تصبح متطلباتهم الحياتية ممولة عملهم وإنتاجهم، لافتاً إلى أن هذا أفضل بكثير ويشعر المواطن بكرامته عندما يعيل أسرته من تعبه، كما أنه يوفر بشكل كبير من الهدر وبهذه الطريقة يتم القضاء على الفساد.


من جهة ثانية رأى عربش أن المدة التي حددتها الحكومة بثلاثة أشهر لفتح حسابات بنكية لحاملي البطاقة الذكية، هي مدة غير كافية وتحتاج إلى وقت أطول، مضيفاً أن تقديرات مصرف سورية المركزي تقول إنها بحاجة إلى ستة أشهر على الأقل.


وبيّن أن أولى التحديات التي سيواجهها قرار التحول إلى الدعم النقدي، هو إشكالية عدم تغطية الجغرافيا السورية بالفروع المصرفية، وبالتالي فإن المقيمين في المناطق النائية في الأرياف سيتكبدون مشقة وتكاليف حتى يستطيعوا الوصول إلى أقرب فرع مصرفي وفتح حسابات والحصول على الدعم.

ترك تعليق

التعليق