عمرو سالم.. وعقدة المنصب

 

المتابع لكتابات وزير التجارة الداخلية السابق في حكومة النظام، عمرو سالم، بالإضافة إلى تصريحاته لوسائل الإعلام، سوف يلاحظ بأن هذا الرجل لا يصدّق بأنه أصبح خارج أي منصب حكومي، فهو يكتب ويتحدث مستعرضاً الحالة المثالية التي كانت عليها الأوضاع أثناء وجوده في منصبه، دون أن يتوانى عن الطعن بمن خلفه، وبأنه دمّر ما كان قد عمل عليه خلال توليه الوزارة.


هذه الحالة لم تظهر لدى سالم عقب إقالته من وزارة التجارة الداخلية في العام الماضي فحسب، وإنما تعود إلى ما بعد إقالته من منصب وزير الاتصالات في العام 2007 على إثر تهم بالفساد، إذ ظل يتودد للنظام طوال السنوات التالية، وحتى العام 2021، عندما قرر بشار الأسد أن يوليه وزارة التموين، مع أن طبيعة اختصاصه وعمله وخبرته في المعلوماتية والكمبيوتر والإنترنت، لا تتوافق وهذا المنصب، إلا إنه هو من زج بنفسه لتولي هذه المسؤولية، عندما تحولت كتاباته على صفحته الشخصية في "فيسبوك" وعلى مدى سنوات، في إطار تودده للحصول على منصب، إلى ما يشبه النقد القاسي لعمل وزارة التجارة الداخلية، وبأنه لو قيض له تسلم إدارتها فإنه سوف يجعلها تعمل كالساعة ويصحح الكثير من أخطائها.


ولا بد أن نشير إلى أن عمرو سالم أصبح لديه عقدة أخرى غير تلك المرتبطة بالمنصب ذاته، وهي عقدة السنتين في الوزارة، فهو تولى وزارة الاتصالات من العام 2005 إلى 2007، ثم تولى وزارة التجارة الداخلية من العام 2021 إلى 2023.. بالإضافة إلى أنه خرج من كلا الوزارتين بعد إشاعات وأحاديث في وسائل الإعلام عن تهم فساد.. وحتى لو لم تثبت تلك التهم عليه، فإنها لا شك تركت ندوباً كثيرة في شخصيته وطريقة حديثه. فمن يقرأ له أو يستمع إليه، سوف ينتابه شعور بأنه يتعامل مع شخص غير متوازن، وكأنه يدلل بذات نفسه على أن النظام كان على حق عندما أقاله من جميع المسؤوليات التي تولاها، وبعد فترة قصيرة.


على أية حال، كثيرة هي الأخبار التي تتداول كتابات وتصريحات عمرو سالم، سواء تلك التي يتم نقلها عن صفحته الشخصية في "فيسبوك" أو تلك التي يصرح بها لوسائل الإعلام، وجميعها تنطبق عليها وصف التصريحات المثيرة، فهو لا يتوانى عن الحديث في أي شيء، حتى فيما يمكن أن يطلق عليه اسم أسرار العمل الحكومي وتفاصيله، والتي لم يعتد السوريون قراءتها عبر وسائل الإعلام، مثل تسريباته للخطة التي قدمها لرئيس الوزراء من أجل توزيع دعم نقدي بدل العيني، وكيف أنه لم يتم الأخذ بها، بالإضافة إلى كشفه لبعض التجاوزات في عمل بعض الوزارات ومنها وزارته بعد إقالته منها، وتنظيره لما يجب أن يكون عليه العمل الحكومي، وكأنه يطرح نفسه هذه المرة، لمنصب أكبر من وزير.. وربما يطمح لأن يوليه بشار الأسد رئاسة الوزراء، وذلك خلال التغيير الحكومي القادم في أعقاب انتخابات مجلس الشعب، منتصف الشهر القادم..


ليس الأمر بمستغرب، فهو ينتمي لنظام ودولة، تعطي أهمية كبيرة للمنبطحين.. سيما وأن هذا الأسلوب كان قد أوصله لأكثر من منصب، ومنها تعيينه من قبل بشار الأسد مستشاراً شخصياً له لشؤون المعلوماتية في العام 2005.. فلماذا لا يحاول من جديد؟!

 

ترك تعليق

التعليق