لماذا توقف الهجوم على وزارة التموين مع محسن عبد الكريم..؟


كتب وزير التجارة الداخلية السابق في حكومة النظام، عمرو سالم، على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، قبل عدة أيام، قائلاً: "إن بعض الإعلاميين لم يعودوا يهاجمون وزارة التجارة الداخليَة وحماية المستهلك على نفس الأمور التي كانوا يهاجمون الوزارة أيَامي بشراسةِ غير مسبوقة".

ملاحظة سالم جاءت ضمن سياق، كان يتحدث فيه عن أن بعض الأصدقاء يسألون عن سبب قلة تواصله معهم، ليمرر من خلال الجواب، العبارة الخطيرة السابقة، في معرض قوله إنه يعرف بأن هناك الكثيرين يحبونه، والبعض يكرهونه.

وعلى ما يبدو أن سالم خشي أن يتم فهم كلامه على نحو مختلف، لهذا بالغ في تقديم الولاء لرئيس النظام السوري، مكرراً في الختام، عبارته الشهيرة التي قالها لدى إقالته من منصبه نهاية آذار من العام الماضي: "أنا وزير بشار الأسد في الوزارة والبيت والقبر".

لكن ملاحظة سالم السابقة لا يمكن تجاوزها بسهولة، كونها لا تخصه فحسب، وإنما كل من تولى منصب وزير التجارة الداخلية قبله، فكلهم تعرضوا لهجوم شرس من قبل وسائل إعلام النظام والموالية له، وصل إلى حد السخرية اليومية منهم.. وعندما تم تعيين محسن عبد الكريم، قبل أكثر من عام، توقفت وسائل الإعلام وجميع الصفحات عن مهاجمة الوزير والوزارة بشكل كامل، مع أن الوزير الجديد لم يقدم أي شيء ولم يعالج أي مشكلة من المشاكل التي عجز سابقوه عن حلها.

التفسير -الأقرب للواقع- لهذه الملاحظة التي أوردها وزير التجارة الداخلية السابق، ربما تدفع البعض للتفكير على نحو طائفي.. كون آخر أربعة وزراء للتجارة الداخلية، ومنذ العام 2018، كانوا من الطائفة السنية، وهم عبد الله الغربي وعاطف النداف وطلال البرازي وعمرو سالم.. وبالفعل من كان يتابع وسائل إعلام النظام خلال تولي هؤلاء الأربعة لمناصبهم، سوف يلفت انتباهه الانتقاد اليومي الذي كانوا يتعرضون له، إلى درجة أن هذه الوسائل أخذت تحمّلهم أسباب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها المواطن السوري، لكن كل ذلك توقف تماماً مع محسن عبد الكريم، الذي ينتمي للطائفة العلوية.

كي لا نتسرع بالحكم، فإن هذه الملاحظة، دفعتني لسؤال أحد الأصدقاء الصحفيين الذي يعمل مع وسائل إعلام النظام إلى اليوم، والذي أفادني بالتالي، يقول: إن محسن عبد الكريم اشترط لكي يتولى منصب وزير التجارة الداخلية، أن تتوقف وسائل الإعلام عن توجيه الانتقاد له وللوزارة، وأن لا يتم نشر أي خبر يخص عمل الوزارة إلا بالتنسيق مع المكتب الصحفي الخاص بها.

وعلى ذمة هذا الصديق الصحفي، بأنه تم تحذير جميع وسائل الإعلام بما فيها التابعة للقطاع الخاص، بأن لا تنشر أي انتقاد يخص وزارة التموين، تحت طائلة المسؤولية والملاحقة القضائية.

ومن جهة أخرى، يرى هذا الصديق، بأن المسؤول هو من يحدد موقعه وهيبته لدى وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن جميع وزراء التموين كانوا مشاكسين ودائمي التصريح للإعلام، بسبب أو بدون سبب، باستثناء محسن عبد الكريم، الذي لم يقدم نفسه بخفة كما فعل غيره.

ويضيف أن نفوذ الوزير في كثير من الأحيان يلعب دوراً كبيراً في تعامل وسائل الإعلام معه، معترفاً بأن محسن عبد الكريم يتمتع بهذا النفوذ ولو على الصعيد النفسي، كونه ينتمي للطائفة العلوية.. لهذا من الطبيعي حسب قوله، أن يكون الإعلام حذراً معه.

بكل الأحوال، لا يمكن تبرئة النظام من تهمة تمييز محسن عبد الكريم عن أقرانه الذين سبقوه إلى المنصب، لأن غيره لم يستطع الحصول على الشروط التي حصل عليها، بالإضافة إلى أن خشية وسائل الإعلام من نفوذ وزير كونه ينتمي إلى طائفة معينة، هو بحد ذاته دليل واضح على وجود خلل في بنية الدولة وبنيانها. كما أنه يعطي مؤشراً على أن الخراب سوف يظل مستمراً فيها.

ترك تعليق

التعليق