قراءة أولية في مشروع موازنة العام 2024


بدأت تتضح ملامح المرحلة القادمة من الاقتصاد السوري، مع إعلان المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي التابع للنظام، لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام القادم 2024، والتي تشير إلى أن النظام يمضي قدماً في سياسة التضخم النقدي "طباعة نقود جديدة"، على حساب توفير اعتمادات اقتصادية حقيقية للموازنة، وذلك بالمقارنة مع أرقام الموازنات السابقة بدءاً من العام 2019، عندما بدأت ملامح الانهيار الاقتصادي تلوح في الأفق، وإلى اليوم.

سريعاً، يمكن القول إن موازنة العام القادم التي تم تحديدها بمبلغ 35500 مليار ليرة سورية، هي أكثر من ضعف موازنة العام الجاري البالغة 16550 مليار ليرة، لكن من حيث القيمة الدولارية وفقاً لسعر الصرف الرسمي الصادر عن المصرف المركزي، فهي تعادل تقريباً ربع القيمة. إذ أن سعر صرف الدولار الرسمي في نهاية العام 2022، كان 3100 ليرة، أما اليوم فهو تقريباً، 11600 ليرة.

أما لدى مقارنة الأرقام مع سعر الصرف في السوق السوداء، فيمكن القول إن قيمة الموازنة هي ذاتها، خلال العام الجاري والقادم، إذ أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية كان في نهاية العام 2022 أقل من 6 آلاف ليرة، وهو اليوم أقل من 14 ألف ليرة.

بمعنى آخر، قيمة موازنة العام الجاري لدى إصدارها نهاية العام الماضي كانت تساوي بالدولار وفقاً لسعر الصرف الرسمي نحو 5.4 مليار دولار، وبالنسبة لسعر السوق الموازية كانت تساوي نحو 2.8 مليار دولار، بينما موازنة العام 2022 البالغة 8 تريليون ليرة ونصف، كانت تعادل نحو 3.8 مليار دولار وفقاً لسعر الصرف في السوق السوداء.

ويالنسبة لموازنة العام القادم، التي كما قلنا تم تحديدها بمبلغ 35500 مليار ليرة، فهي تساوي تقريباً 3 مليار دولار وفقاً لسعر الصرف في السوق الرسمي، ونحو 2.5 مليار دولار وفقاً لسعر الصرف في السوق السوداء.

يبقى هناك ملاحظة شديدة الأهمية، وهو أن النظام في كل عام، ومنذ 2017، يقوم دائماً بزيادة أرقام الموازنة بالليرات السورية – بصورة كبيرة-، من 2660 مليار ليرة إلى نحو 3180 مليار ليرة في العام 2018، ثم 3880 مليار ليرة في 2019، و4 تريليون ليرة في العام 2020، و8500 مليار ليرة في 2021، و13325 مليار ليرة في العام 2022، وصولاً إلى موازنة العام الجاري البالغة 16550 مليار ليرة. هذا يشير وفق العديد من المراقبين إلى أن النظام يقوم بتغطية هذه الأرقام التضخمية للموازنة، عبر طباعة نقود جديدة، أو ضخ نقود تم طبعها سابقاً ومتواجدة لدى المصرف المركزي، وهو في النهاية يفسر سبب انهيار سعر صرف الليرة السورية باستمرار، نظراً لزيادة المعروض منها في كل عام.

تجدر الإشارة إلى أن المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي التابع للنظام، والذي أعلن عن الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2024 بــ 35500 مليار ليرة سورية، لفت إلى أن الموازنة موزعة على 26500 مليار ليرة للإنفاق الجاري و9000 مليار للإنفاق الاستثماري.

ووفق مشروع الموازنة، بلغت قيمة الدعم الاجتماعي 6210 مليارات ليرة منها 50 ملياراً للصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية و75 ملياراً لصندوق دعم الإنتاج الزراعي و2000 مليار لدعم المشتقات النفطية و103 مليارات للخميرة و7 مليارات لصندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية و50 ملياراً لصندق التحول إلى الري الحديث، كما تم رصد مبلغ 75 مليار ليرة لدعم المناطق المتضررة من الزلزال.

ترك تعليق

التعليق