بعد تصريحات عرنوس.. الجدل يحتدم حول الزيادة المرتقبة على الرواتب


أكد العديد من المتابعين والمعنيين أن موضوع زيادة الرواتب تم حسمه في الحكومة وذلك بعيد تصريحات رئيس وزراء النظام حسين عرنوس عن إعداد ملف كامل يتضمن تحسين الوضع المعيشي للسوريين بما فيها زيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة.

واختلفت الآراء حول نسبة الزيادة وطريقة تغطيتها، فبعد أن حذر رئيس لجنة الموازنة في مجلس الشعب، زهير تيناوي، قبل أيام من رفع أسعار حوامل الطاقة لتغطية هذه الزيادة، عاد مجدداً ليؤكد أن الحكومة لن ترفع أسعار المازوت والبنزين المدعوم وأنها استطاعت الحصول على إيرادات جديدة سوف تغطي من خلالها الزيادة، وهو ما جعل التكهنات تذهب إلى إحدى الدول الخليجية، التي تعهدت بتمويل زيادة الرواتب لمدة عامل كامل، على أن تقوم حكومة النظام في غضون ذلك بإعادة تأهيل قطاعاتها الاقتصادية وتغطية الزيادة من نتائج أعمالها، وذلك وفق شائعات تم تداولها على نطاق واسع في الشارع السوري.

وعلى ما يبدو أن الجدل حول وجود زيادة على الرواتب من عدمه قد حسم بالفعل، وتأكد للجميع أنها قادمة لامحالة، لكنهم اختلفوا في قيمتها ونسبتها، إذ تشير التحركات الحكومية، وتصريحات المسؤولين في وزارة المالية وغيرها من الوزارات الاقتصادية، إلى أن التحضير للزيادة يجري على نفس منوال الزيادات السابقة، من حيث التفكير بتخفيض قيمة المبلغ المعفي من ضريبة الدخل على الراتب بالإضافة إلى إعادة النظر بنظام الحوافز والمكافآت، وهو ما يعني أن الزيادة لن تتعدى في أحسن الأحوال نسبة الـ 50 بالمئة، بحسب ما رأى محللون اقتصاديون.

وهو ما كشف عنه مدير هيئة الضرائب والرسوم التابع للنظام، منذر ونوس، في تصريحات إعلامية مفادها أن هناك مقترحاً يتم العمل عليه لدى الإدارة الضريبية لرفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة وزيادة الحد الذي تنتهي عنده الشريحة الضريبية.

وبالعودة إلى رئيس لجنة الموازنة في مجلس الشعب التابع للنظام، زهير تيناوي، فقد أكد وفي تصريحات لصحيفة "تشرين" التابعة للنظام، أن الزيادة التي يجري التحضير لها سوف تكون كبيرة ، دون أن يحدد رقماً لها، ثم نسب هذا الكلام إلى اعتقادات خاصة به، من خلال أحاديث الفريق الحكومي في مجلس الشعب، الذين ألمحوا إلى هذا الأمر صراحة بحسب قوله.

وعلى مقلب آخر، ومع تصاعد الجدل حول مبلغ الزيادة على الرواتب المتوقع إقراره، رأت الباحثة والمحللة الاقتصادية رشا سيروب، أن أي زيادة لن تكون ذات قيمة إذا لم تأخذ بالحسبان معدلات التضخم منذ العام 2011 وحتى اليوم، مشيرة ونقلا ًعن أرقام رسمية إلى أن الأسعار زادت خلال هذه الفترة بأكثر من أربعين ضعفاً، فضلاً عن تآكل سعر صرف الليرة الذي جعل أرقام التضخم تصل إلى الآلاف بالمئة، بحسب ما اعترف المكتب المركزي للإحصاء بذاته.

وأكدت سيروب في منشور كتبته على صفحتها الشخصية في "فيسبوك" أن الزيادة العادلة للرواتب للوصول إلى مستويات العام 2011، عندما كان الحد الأدنى للرواتب والأجور هو 9 آلاف ليرة سورية، يعني أن الحد الأدنى اليوم يجب أن يكون على الأقل مليون ونصف المليون ليرة سورية، وفقاً لسعر الصرف المحدد من قبل المصرف المركزي.

واعتبرت سيروب أن أي زيادة على الرواتب لن تكون ذات معنى وتنقذ السوريين من أزماتهم المعيشية ما لم يتم حسابها على هذا النحو.

ومؤخراً دخل على خط التحليل الاقتصادي السوري، الخبير المرموق، الدكتور نبيل سكر، الذي قدم عدة رؤى تحدث فيها عن المطارح التي يجب العمل عليها لإنقاذ الوضع الاقتصادي في سوريا، ومنه زيادة الرواتب والأجور.

ونقلت العديد من وسائل إعلام النظام والموالية له، كتابات منسوبة لـ سكر، يضع فيها استراتيجية متكاملة للنهوض الاقتصادي، تقوم على تقوية القطاعات الإنتاجية وإصلاح النظام الضريبي وواقع الاستثمار في البلد.

ورأى سكر في هذه الاستراتيجية المقترحة أن زيادة الدخول والأجور تشكل المرتكز الثاني، وتعتبر حاجة ملحة لسببين، أولاً بسبب تدني معدلاتها الحالية التي لم تعد تكفي لتسديد عشر حاجات الأسر المتوسطة والفقيرة، وثانياً لزيادة القدرة الشرائية في السوق التي تعزز الطلب على المعروض الذي سينتج عن زيادة الإنتاج.

وأضاف أن زيادة الإنتاج ستؤدي إلى ارتفاع دخول المنشآت الإنتاجية الخاصة وبالتالي تعزيز قدرتها على زيادة أجور موظفيها، ولكن على الدولة من جهتها رفع أجور موظفيها إلى حد يتيح لهم العيش الكريم ويحميهم من إغراءات الدخل غير الشرعي، على أن تعوض الدولة هذه الزيادة من خلال مكافحتها للهدر والفساد في إنفاقها الجاري والاستثماري، وزيادة إيراداتها من ممتلكاتها العقارية، وتقليص التهرب الضريبي.

ترك تعليق

التعليق