أزمة مزدوجة للأدوية في سوريا.. والأسعار الرسمية في طريقها للارتفاع


بشّرت صحيفة مقرّبة من النظام بارتفاع جديدٍ مرتقب للأسعار الرسمية للأدوية في السوق السورية، تحت وطأة تفاقم أزمة مزدوجة، متمثلة بانقطاع عدد كبير من الأدوية، وتوقف بعض المعامل عن العمل. وانعكس ذلك بصورة تقنين للمبيع من الأدوية من جانب الصيدليات التي بقيت تعمل، بحيث يتم البيع بالظرف في بعض الحالات، بهدف تخديم أكبر عدد من المراجعين.

وأقرّت صحيفة "الوطن" أن أزمة الأدوية الراهنة جاءت بعد رفع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أسعار المحروقات، ورفع مصرف المركزي سعر صرف الدولار أمام الليرة. ونقلت عن عضو في المجلس العلمي للصناعات الدوائية، قوله إن "الصناعة الدوائية في سورية بأسوأ أيامها"، موضحاً أن تكاليف إنتاجها مرتفعة جداً ولا تتناسب مع التسعيرة المعمول بها حالياً.

وقال المصدر، الذي لم تكشف الصحيفة اسمه، أن زيادة الأسعار الموجودة حالياً في الأسواق بنسبة 100 بالمئة لن تفي بالاحتياج لاستمرار العمل.

ونقلت عن صاحب صيدلية في إحدى المناطق الشعبية أن كل مستودعات الأدوية توقفت عن تزويد الصيدليات بالأدوية، والمعامل التي لم تتوقف عن التوزيع عبر مندوبيها لجأت إلى تخفيض التوزيع إلى علبة من كل صنف ناهيك عن تحميل الصيدلي لأدوية أو مستحضرات تعقيم ومنتجات غير مطلوبة على أدوية الصادات الحيوية وأدوية الأمراض المزمنة.

بدوره، قال العضو في المجلس العلمي للصناعات الدوائية، إن تمويل المركزي للمواد الأولية الداخلة في الصناعات الأدوية يشمل أقل من 10 بالمئة من مدخلات الإنتاج في أفضل الأحوال، لكون أغلب المستلزمات لا تقوم معامل الأدوية باستيرادها من كرتون وعبوات… إلخ وتضطر لشرائها من مستوردين للسوق المحلية وبأسعار مضاعفة عن أسعار دول المصدر بسبب صعوبات الاستيراد بفعل العقوبات والحصار المفروض على البلاد، وإجراءات التسجيل على المنصة للحصول على التمويل، ويمكن التأكيد على ذلك بالنظر إلى قيمة المستوردات الممولة من المركزي لمعامل الأدوية.

ولفت إلى تأثير عدم وجود أسواق تصدير مجدية بسبب صعوبات الشحن والحصار والعمولات والسماسرة، ما جعله صعباً، موضحاً أن التصدير يتم بكميات قليلة لا تغطي خسائر المعامل نتيجة انخفاض أسعار المنتج في السوق المحلية.

وعن الحلول المطروحة من البعض باستيراد الأدوية من الدول الصديقة بهدف التدخل في السوق المحلية رأى عضو المجلس أن أي منتج سيتم استيراده سيكون بأضعاف أسعار المنتجات المحلية عدا أنه لن يكون بالجودة نفسها للأدوية المصنعة محلية.

وبالنسبة لتوقف بعض المعامل عن العمل كشف عن وجود نحو 15 معملاً توقفت عن العمل وإن لم تعلن عن ذلك صراحة، واصفاً توقفها بالمستتر بذريعة إعطاء عطلة سنوية للعمال والموظفين، وكذلك الحال بالنسبة للمستودعات التي توقفت بحجة الجرد.

بدورها أكدت نقيب الصيادلة في سوريا، وفاء كيشي، لـ "الوطن"، وجود نقص كبير في الأدوية في السوق المحلية، مشيرة إلى أن المستودعات تورد الأدوية للصيدليات بكميات قليلة جداً بسبب تقليل المعامل توريدها من الأدوية لها حتى إن هناك بعض الأدوية يتم بيعها بالظرف للصيدليات لتأمينها للمواطنين وخصوصاً ما يتعلق بالأدوية النوعية والتي تدخل في علاج الأمراض المزمنة، معتبرة أن الحل الوحيد حالياً هو إصدار تسعيرة جديدة للأدوية بما يتناسب مع سعر الصرف الرسمي الجديد.

وأشارت كيشي إلى أنه تم رفع دراسة إلى وزارة الصحة حول موضوع الأدوية وأن الوزير وعد بدراسة الموضوع، معربة عن تفاؤلها بأن يكون هناك تجاوب في الفترة القادمة، ومشيرة إلى أن تأمين الدواء مسؤولية الوزارة والنقابة.

ولفتت إلى أن الدواء حالياً مسعر على سعر الصرف الرسمي القديم وبالتالي فإن تعديل سعر الدواء أصبح ضرورة ملحة لتأمين الدواء في الأسواق وعدم استنزاف الدواء الوطني، مضيفة: كما أن تكاليف إنتاج الأدوية أصبحت مرتفعة جداً سواء تأمين المواد الأولية الداخلة في إنتاج الدواء والتي ارتفع سعرها عالمياً أو التكاليف الأخرى مثل المحروقات وغيرها من التكاليف.

ورأت أنه في حال استمر تسعير الدواء على سعر الصرف الرسمي القديم فإن المعامل مهددة بالإغلاق ثم يتبعها المستودعات، معتبرة أن توافر الدواء الوطني حتى لو أصبح سعره أغلى من السعر الحالي يبقى أفضل بكثير وأوفر على المواطن من الدواء الأجنبي وكذلك المهرب كما أنه يبقى أرخص من الأدوية المتوافرة في الدول المجاورة.

ترك تعليق

التعليق