سوريا مقبلة على كارثة جراء نقص أطباء التخدير


قالت رئيس قسم التخدير والعناية المشدّدة وتدبير الألم في كلية الطب البشري الدكتورة فاتن رستم، إن سوريا مقبلة على كارثة كبيرة خلال السنوات الخمس القادمة، بسبب النقص في اختصاص التخدير، مشيرة إلى أنه في مستشفى مركزي مثل المواساة، لا يوجد سوى 10 أطباء تخدير، أغلبهم على أبواب التقاعد، وهو ما أدى إلى توقف العمليات في أقسام، كـ الأذنية مثلاً، لأن هناك 45 موقع عمل في المستشفى بحاجة لأطباء تخدير.

وأوضحت رستم لصحيفة "البعث" التابعة للنظام، أن مشكلة النقص الحاصل في اختصاص التخدير مشكلة قديمة جداً تعود إلى ما قبل العام 2011، إلا أنها استفحلت اليوم بسبب قلّة الأعداد والهجرة، وأشارت إلى أن غياب هذا العنصر انعكس سلباً على باقي الخدمات الصحية، لأنه الشريان الذي يضخ لكلّ الجراحات من أعقدها إلى أبسطها، والذي يغذي كلّ مفاصل الجراحة، كونه يشمل مختلف وظائف الجسم.

وأكدت رستم أن مطالب قطاع التخدير كانت واضحة وبيّنة، ولا تخفى على أحد منذ البداية، إلا أنه كان من المجدي أكثر أن يكون الجميع يداً واحدة كي لا تتشتت الجهود، حيث تمحورت المطالب حول تصحيح وضع التخدير وإعادة النظر بالحقوق المادية وتوحيدها عند مختلف الوزارات، وتوحيد قانون المشافي سعياً للعدالة، أقلها ما بين مشافي الوزارة الواحدة، خاصةً وأن أطباء التخدير من ذوي الأعمار الصغيرة باتوا قلة قليلة وبالتالي إذا لم ينظر بتحسين طبيعة العمل 100% وتحقيق باقي المطالب، فستكون سوريا أمام مشكلةٍ كبيرة جداً في المستقبل القريب.

وشدّدت رستم على أهمية تطبيق قانون عادل تكون فيه حصة طبيب التخدير 40% والفني 10% عوضاً عن 5%، كونهما يشكلان مع الجرّاح فريق عمل واحد، وبينّت أن هناك الكثير من الأنظمة والقوانين التي صدرت، إلا أنها لم توضع حيّز التنفيذ، فلا تزال الفجوة كبيرة بين الأجر الذي يتقاضاه الجرّاح وطبيب التخدير، وخاصة في المشافي الخاصة، ما أدى لعزوف الكثير من الطلاب وعدم رغبتهم بهذا الاختصاص، هذا إضافةً إلى ضغوط عمل وضغط نفسي ومناوبات طويلة وإسعاف، وتعامل مع حالات ما بين الحياة والموت.

أما عن سبب الوصول لهذه المرحلة الحرجة فتبيّن رستم أنه يعود للافتقار لآلية صارمة من خلال تطبيق قوانين تضمن حق طبيب التخدير، سواء في القطاع العام أو الخاص، متسائلةً باستغراب: لا أفهم كيف يتمّ اقتطاع أجرة طبيب التخدير في القطاع الخاص، وهي مدفوعة سلفاً من المريض، بينما الجراح تصله أجرته؟

وأكدت رستم أنه في الولايات المتحدة الأميركية يعدّ اختصاص التخدير هو الثاني الأعلى دخلاً، وتوليه ألمانيا كلّ الاهتمام لمشاقه، بينما عمل القطاع الخاص في بلدنا على لعبِ دورٍ سلبي فيه، ما يستدعي فرض رقابة صارمة عليه، إضافةً إلى فرض تصنيف للمشافي حسب درجتها، وخضوع أسعارها لجهة رقابية عليا، فالطبيب الذي سيتعرض لغبنٍ، لا يعلم إلى مَن سيلجأ؟ أو من سيدافع عنه؟ النقابة أم الوزارة؟ وبالتالي من الضروري فرض رقابة مشدّدة على المشافي الخاصة، خاصةً وأن طبيب تخدير واحداً يضطر في أحيان كثيرة، للإشراف على أكثر من غرفة عمليات، وهو ما يخالف الشروط، بسبب الجهد والعبء الكبير المُلقى على عاتقه، والذي قد ينتج عنه اختلاطات للمرضى، تنتهي بكارثة.

ترك تعليق

التعليق