"السورية للتجارة".. خمس سنوات من العمل على إذلال السوريين


مضى نحو خمس سنوات على قرار النظام السوري بدمج المؤسسة العامة الاستهلاكية ومؤسسة الخزن والتسويق، والمؤسسة العامة لتوزيع المنتجات النسيجية "سندس"، لإنتاج مولود جديد تم تسميته "المؤسسة السورية للتجارة"، كان الهدف منه الدخول على خط المنافسة مع التجار، لتأمين بعض المواد الأساسية، بسعر أقل من سعر السوق.
 
وخرجت "السورية للتجارة" بشكل فعلي في مطلع العام 2017، وبدأت صالاتها تنتشر في الأحياء والقرى والمدن، في شتى المحافظات السورية، حتى وصل عددها حتى الآن إلى أكثر من ألف صالة.

في تلك الفترة، لم تكن فكرة البطاقة الذكية مطروحة لدى مسؤولي النظام، وكان النقاش في مجمله يدور حول أن التجار يتلاعبون بالأسعار، ويرفعونها وفق مزاجهم، بينما أعلنت وزارة التموين أكثر من مرة عن عجزها في ضبط الأسواق، نظراً لحاجتها لعدد كبير من المراقبين التموينيين، بالإضافة إلى انعدام ثقتها بأن يمارس هؤلاء عملهم بإخلاص، بعيداً عن التورط بالفساد، الذي أخذ يستشري بشكل واسع، مع بوادر انهيار الوضع الاقتصادي والأخلاقي في البلد.
 
لم تستطع المؤسسة الجديدة الوليدة أن تؤكد حضورها في السوق، طوال ثلاث سنوات من العمل، بل على العكس، تصاعدت الشكوى ضدها، بأن أسعارها أعلى من سعر السوق، وبضائعها سيئة، كونها اعتمدت في البداية على استيراد البضائع الإيرانية، ومن جودة منخفضة، وفي كثير من الأحيان غير صالحة للاستهلاك البشري.
 
ظلت السورية للتجارة خارج المنافسة وخارج حسابات السوق، حتى مطلع العام 2020، عندما ظهرت فجأة فكرة البطاقة الذكية، في استحضار لفكرة البطاقات التموينية "البونات"، التي ظهرت في الثمانينات من القرن الماضي، واستمرت تقريباً إلى منتصف التسعينيات، والتي كانت الأسرة السورية تحصل من خلالها على مخصصات من السكر والرز والزيت والشاي، في ظل ظروف الحصار الاقتصادي، الذي عانت منه سوريا في العام 1984، واستمر حتى مطلع التسعينيات.
 
وبالفعل كانت نقطة التحول الكبرى في حياة السوريين، هو عندما تم إلزامهم بزيارة صالات السورية للتجارة، بهدف الحصول على مخصصاتهم على البطاقة الذكية، لتنطلق بعدها رحلة الطوابير الطويلة، وعمليات الإذلال التي سوف يتعرضون لها، من أجل كيلو سكر أو كيلو رز.

والأبرز من كل هذا، هو حملات التصعيد التي قادها النظام ضد التجار وأصحاب المحال، بوصفهم المسؤولين عن ارتفاع الأسعار بالدرجة الأولى، في محاولة لاحتكار السوق لوحده عبر صالات السورية للتجارة، والتي أصبحت بالفعل تعلن عن أرباح بمليارات الليرات السورية.

يمكن القول أخيراً، إن المكسب الذي حققه النظام من خلال النزول إلى السوق، بالإضافة إلى الأرباح، هو المزيد من السيطرة والتحكم بلقمة عيش المواطن السوري، عبر احتكار مواد بعينها، وبيعها في صالات السورية للتجارة على وجه الخصوص، وبذلك هو يوصل رسالة للتجار بأنه قادر على الاستغناء عن خدماتهم، في أي وقت يريد.

ترك تعليق

التعليق