تحذيرات من انهيار مدوٍ للقطاع الزراعي السوري


حذّر خبراء في مجال التنمية من انهيار القطاع الزراعي بشكل مدوي في سوريا، خلال الأشهر القادمة، ما لم يحصل تدخل سريع من الحكومة والفريق الاقتصادي لإنقاذ الوضع على حد قولهم.

ونقل موقع "هاشتاغ" الموالي للنظام عن الخبير أكرم عفيف، قوله، إن تكاليف زراعة دونم الأرض بشكل يحقق عوائد تمكن صاحبه من إطعام أسرته، وإدخار مبلغ لتأمين متطلبات الزراعة في العام التالي يحتاج إلى مبلغ لا يقل عن 400 ألف ليرة لزراعة الدونم الواحد، بينما يحتاج الفلاح لزراعة ما لا يقل عن 40 دونماً، تكاليف تصل إلى 16 مليون ليرة، لكي يؤمن متطلبات وحاجيات أسرته المعاشية على مدار العام.

 وتساءل عفيف: "من أين سيؤمن الفلاح هذا المبلغ مع تدني أسعار الإنتاج وتراجعها، خاصةً أن الحكومة لا تمول سوى السماد والبذار، في حين على المزارعين تأمين الحاجة من المحروقات بأسعار تفوق 2500 ليرة للتر المازوت".

وبيّن عفيف أن الحال ذاته ينطبق على الثروة الحيوانية، حيث أن ارتفاع أسعار الأعلاف جعل المربين يتوجهون لخيار بيع المواشي الموجودة عندهم، ما أدى إلى تراجع أعداد الثروة الحيوانية مؤخراً إلى أكثر من النصف، لأن البقرة الواحدة تحتاج في اليوم إلى 10 كيلو علف مع التبن بمبلغ 25 ألف ليرة يومياً، أي 750 ألف ليرة شهرياً، و9 ملايين ليرة سنوياً وهذا غير الأمراض وتكاليف علاجها ومشاكل النفوق. والحال ذاته ينطبق على الأغنام، فمن يملك 400 رأس غنم يحتاج في اليوم إلى مبلغ لا يقل عن 600 ألف ليرة لإطعامها.

وأشار إلى أن الحكومة تشتري التبع من الفلاح بـ 3 آلاف ليرة للكيلو، وتقوم بتصديره بـ 75 ألف ليرة، متسائلاً، ما المانع لو كان هنالك من يريد استمرار الزراعة، من إعطاء الفلاح سعر أعلى حتى لو وصل إلى 10 آلاف ليرة للكيلو.

واعتبر عفيف أن مصلحة الفريق الاقتصادي في الحكومة هي في الاستيراد، لأن الاستيراد يحقق أرباحاً كبيرة، فمثلاً يستوردون السيارة من بلد المنشأ بمبلغ 5 آلاف دولار، ويبيعونها في سوريا بمبلغ 20 ألف دولار، ويخصصون بعض المبالغ هنا وهنالك بما فيها البنك المركزي، ويضعون ما تبقى في جيوبهم وبالتالي ليس من مصلحتهم دعم الإنتاج المحلي.

الخبير عفيف عقد مقارنة بين طريقة إدارة الحصار في الثمانينات مع اليوم، معتبراً أنها لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الشعب السوري للحصار، ففي مرحلة الثمانينات عانت البلاد من حصار اقتصادي أيضاً، ونقص في كل المواد، ولكن تم استغلال الحصار الاقتصادي في تلك الفترة للاعتماد على الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وخير دليل على ذلك كما يقول عفيف هو رفع أسعار الإنتاج الزراعي، حيث وصل سعر كيلو القمح إلى 11 ليرة بينما كان سعره العالمي 5 ليرات، فامتلأت المخازن وأصبح التخزين في العراء، ولم يفكر الفريق الاقتصادي وقتها في تخفيض السعر.

وأشار إلى أن عوائد الموسم الزراعي كانت تؤهل صاحبها لبناء منزل، بينما الآن عائدات موسم أكبر مساحة لا تكفي لتسديد ثمن رخصة منزل، لمهندس يجلس تحت المكيف ويأخذ تعب الفلاح لمواسم، بحسب قوله.

وفي سياق المقارنة بين طريقتي إدارة الأزمة في المرحلتين تحدث عفيف عن موضوع التعليم وكيف أصبح التعليم العالي يقتصر على المتفوقين في القطاع الحكومي، وعلى أبناء الأغنياء والسارقين في القطاع الخاص، بينما كان في السابق متاحاً لجميع الفقراء، لأن الرسم لم يكن يتجاوز 150 ليرة سورية، وتكاليف السكن في المدينة الجامعية مقابل مبلغ لا يتجاوز 25 ليرة.

ترك تعليق

التعليق