صندوق النقد يقول إن اللقاحات سوف تدعم تعافي الشرق الأوسط


قال صندوق النقد الدولي يوم الخميس إن الوصول الواسع إلى لقاحات فيروس كورونا المختلفة لا يزال حاسما لتحقيق الانتعاش الاقتصادي في الشرق الأوسط، محذرا من أن الطريق لا يزال "طويلا ومتعرجا" بالنسبة للبلدان التي تعاني بالفعل من الفساد والديون.

وقام صندوق النقد الدولي بتعديل توقعاته الاقتصادية لعام 2020 وما بعده لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويتوقع الآن انكماشا بنسبة 3.8 بالمئة فقط، حيث عزز ارتفاع أسعار النفط ميزانيات المنتجين، وعانت بعض الدول أقل مما كان متوقعًا خلال الأشهر الأولى من الوباء.

ومع ذلك، يمكن أن تتضرر الدول التي مزقتها الحروب والمثقلة بالديون بشكل أكبر من تأخر طرح لقاحات كوفيد-19، مما يزيد من تباطؤ أي انتعاش اقتصادي إقليمي مما وصفته الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة تضرب التوظيف العالمي منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي.

وقال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، لوكالة أسوشيتد برس: "هذه سنة إعادة التموضع، حيث أننا في سباق بين الفيروس واللقاح... هذا يتوقف على سرعة التطعيم ومخاطر موجة ثالثة من متحورات جديدة للفيروس".

ويتوقع صندوق النقد الدولي نموا اقتصاديا بنسبة 3.1 بالمئة في عام 2021، و4.2 بالمئة في عام 2022 للشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومع ذلك، قال أزعور إن الدول التي لديها إمكانية الوصول إلى أكبر عدد من اللقاحات من المرجح أن تكون أفضل حالًا من تلك التي لا تتمكن من ذلك. وأشار إلى البحرين والإمارات اللتين تتمتعان حتى الآن ببعض من أعلى معدلات التطعيم للفرد في العالم.

لقد قضى الوباء على صناعة السفر والسياحة، وهما محركان رئيسيان للتوظيف في الإمارات العربية المتحدة. وأدى انخفاض الطلب إلى قيام الشركات في جميع أنحاء المنطقة بخفض عدد الموظفين.

تقول منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة إن حوالي نصف العمال في الدول العربية يعيشون الآن في بلدان تضع قيود في مكان العمل بسبب فيروس كورونا، انخفاضا من 100 بالمئة تقريبا بين أبريل/ نيسان ويونيو/ حزيران. وخلال عام 2020، فقدت المنطقة حوالي 9 بالمئة من إجمالي ساعات العمل، أي ما يعادل 5 ملايين وظيفة بدوام كامل، وفقًا لمنظمة العمل الدولية.

وبالفعل، استفادت الدول الغنية بالنفط من ارتفاع أسعار النفط. وانتعشت الأسعار بعد أن دخلت أسعار العقود الآجلة في المنطقة السلبية في أبريل/ نيسان حيث أدت عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا إلى خفض السفر. وتم تداول خام برنت القياسي هذا الأسبوع حول 58 دولارا للبرميل حيث يعتمد التجار على انتعاش الطلب بعد أن أصبحت اللقاحات متاحة على نطاق واسع.

في إيران، قال أزعور إن صندوق النقد الدولي يواصل بحث طلب البلاد مساعدة بقيمة 5 مليارات دولار، والذي سيكون أول قرض لها منذ عام 1962. ولا تزال طهران تعاني من التضخم، ويقلص الوباء والعقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة ترامب مبيعاتها النفطية.

تابع أزعور: "ما تحتاجه إيران هو معالجة التوترات الاجتماعية أو القضايا الاجتماعية من خلال التأكد من أن تدابير الحماية الاجتماعية موجهة نحو حماية الفئات الأكثر ضعفاً".

وأضاف أنه "لا يزال من السابق لأوانه معرفة كيف ستكون السياسة الأمريكية تجاه المنطقة" في عهد الرئيس جو بايدن، لا سيما فيما يتعلق بإيران. وأشار بايدن إلى استعداده لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع القوى العالمية، على الرغم من أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، وصف أمريكا بأنها "ما زالت بعيدة جدا" عن التوصل إلى اتفاق مع إيران بسبب مخزون طهران المتزايد من اليورانيوم، وأجهزة الطرد المركزي المتطورة، وتخصيب اليورانيوم بدرجة تقترب من مرحلة الأسلحة النووية.

ثم إن هناك دول مزقتها الحرب مثل ليبيا واليمن.

قال أزعور: "لا يعاني اليمن وليبيا مشكلة الوباء فحسب، بل يعانيان أيضا من صراعات داخلية مطولة... السلام دائما سمة مهمة في أي رفاهية اقتصادية واجتماعية، وبالتالي فإن السلام سيكون أمرا بالغ الأهمية".

مع ذلك، قال أزعور إن البلد الوحيد المعرض لخطر المزيد من الانكماش الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط بأكملها هذا العام هو لبنان.

في العام الماضي، شهد لبنان انكماشا اقتصاديا بنسبة 25 بالمئة في الوقت الذي كان يصارع فيه أسوأ أزمة مالية في تاريخه وتعثر في سداد ديونه الخارجية. وجاء ذلك في الوقت الذي أدى فيه انفجار في مرفأ بيروت إلى تدمير المدينة الواقعة على البحر الأبيض المتوسط والوباء الذي أجبر البلاد على الإغلاق.

قال أزعور إن المزيد من الجمود السياسي مع سيطرة حكومة انتقالية على السلطة قد يؤدي لانكماش اقتصادها في 2021 بنسبة إضافية تبلغ 9 بالمئة. كما شدد على أن أي مساعدات من صندوق النقد الدولي تظل مشروطة بتشكيل حكومة جديدة وتبنيها لـ "برنامج إصلاح شامل".

وتابع أزعور: "كان لبنان في واحدة من أكثر الأزمات تحديا في تاريخه، على الأقل خلال المئة عام الماضية... الصندوق جاهز لإعادة التعامل مع لبنان بمجرد تشكيل الحكومة الجديدة حول الأولويات الرئيسية التي يحتاج لبنان إلى معالجتها".

ترك تعليق

التعليق