"ببجي" تتسبب بفقدان بعض الشباب السوريين لفرص عملهم في إسطنبول


تسببت اللعبة الإلكترونية الأشهر على منصات التواصل الاجتماعي "ببجي"، بضياع مستقبل عدد من العمالة السورية في تركيا، بسبب الانشغال بتلك اللعبة لمدة طويلة تصل حتى ساعات الصباح الأولى، ما جعل كثير منهم يتغيبون عن العمل بدون عذر، مما تسبب في النهاية بطردهم وجلوسهم في منازلهم من دون عمل.

وفي التفاصيل، ذكر اللاجئ السوري "عمار أبو أحمد" لـ "اقتصاد"، أنه بات شخصاً عاطلاً عن العمل بعد أن أبلغه صاحب العمل التركي أن غيابه المتكرر بات لا يحتمل، وأنه تم الاستغناء عنه بسبب ذلك.

وينحدر الشاب العشريني "أبو أحمد" من ريف إدلب شمالي سوريا، ويعمل في مشغل للخياطة براتب شهري لا يتعدى الـ 2800 ليرة تركية، إلا أن إدمانه على لعبة "ببجي" جعله اليوم بلا عمل.

"أبو محمد الحلبي" وهو خال الشاب "أبو أحمد"، تحدث لـ "اقتصاد"، أن ابن شقيقته (أبو أحمد) بدأ سلوكه يتغير مؤخراً، بعد أن كان ملتزماً بعمله، حتى أنه كان يعمل لأوقات إضافية من أجل أن يجمع المال لإرساله إلى أسرته التي تعاني من ظروف معيشية صعبة وتقطن في أحد مخيمات النزوح.

وأضاف أن "الشاب أدمن على لعبة (ببجي) مؤخراً، حتى أنه باع هاتفه النقال (الجوال) ليشتري هاتفاً آخر (موديل) وبسعر مضاعف، ولم يبق لديه سوى مبلغ بسيط يعينه لعدة أسابيع فقط".

وأشار إلى أن "الشاب ورغم طرده من العمل، لكنه لا يبالي، بل وجد في ذلك الأمر وقتاً مناسباً لممارسة إدمانه على لعبة (ببجي) من ساعات الصباح وحتى بعد منتصف ليل كل يوم، حتى أنه لا يكلف نفسه من أجل البحث عن فرصة عمل أخرى، بل همه الآن الجلوس لساعات طويلة على تلك اللعبة".

ويقيم الشاب "أبو أحمد" في إحدى "المساكن الشبابية" في مدينة إسطنبول التركية، ويدفع بشكل شهري نحو 450 ليرة تركية، مقابل إقامته في غرفة سكنية مشتركة مع شابين من بينهم خاله "أبو محمد".

بدوره، قال الشاب السوري "إحسان الحمصي" والذي يعمل كمستخدم في إحدى الشركات التجارية،  ويقيم في إسطنبول، إن شقيقه يبلغ من العمر 21 عاماً، ويعمل في متجر لبيع المواد الغذائية، لكنه خسر عمله قبل أيام بسبب السهر لساعات طويلة على لعبة (ببجي)، مضيفاً: "حاولنا إقناعه بترك هذه اللعبة لكن من دون جدوى، حتى أنه بات شخصاً عصبي المزاج كونه متأثر جداً بتلك اللعبة وما يجري فيها من أحداث".

من جهته، قال الناشط الإغاثي "همام الشامي" المقيم في إسطنبول ويدرس في إحدى جامعاتها بقسم الإعلام ويعمل في شركة إنترنت، في تصريحات لـ "اقتصاد"، إن "نسبة الشباب الذي أصبح عاطلاً عن العمل بسبب لعبة (ببجي) قد يصل إلى نحو 15% تقريباً من السوريين، إذ يوجد الكثير من الشباب المدمن عليها"، حسب وصفه.

وأضاف أن "اللعبة سبب كبير في تضييع الشباب وحرف بوصلتهم عن المسار الصحيح، وبحكم الواقع الأليم الذي نعيشه يرى الشباب فيها مهرباً وملجأ للتملص من المسؤوليات الشخصية أولاً على مستوى العمل والدراسة، واجتماعياً على مستوى العمل الوطني أو التطوعي".

وتابع: "أنا لست ضد الترفيه أو اللعب ولكن عندما تصبح الألعاب مثبطة للهمة ومقعدة عن العمل وتصبح أكبر القضايا في حياة الشاب، عندها تكون أداة هدم خطيرة وعلى النخب الاجتماعية التصرف حيال هذا الأمر".

وقال إنه "فيما يتعلق بتفشي هذه الظاهرة فإن التعلق بها في مجتمعنا أكثر من غيره فسببه برأيي، تقصير النخب من علماء ومشايخ وباحثين في نشر الوعي وإيجاد البدائل الفعالة والمفيدة، وبحكم عملي في شركة إنترنت وجدت أن مما يزيد في خطورتها هو تعلق مختلف الفئات العمرية بها، فإلى جانب الشباب هناك الأطفال وحتى الرجال ممن تزيد أعمارهم عن الـ 35 سنة".

وتعدّ لعبة (ببجي PUBG) من أشهر ألعاب الفيديو القتالية المنتشرة حالياً في كل العالم على الهواتف الذكية والحواسيب، وتقوم فكرتها على معارك يشارك فيها لاعبون من مختلف أنحاء العالم عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، وتنتشر بشكل خاص في أوساط المراهقين.

ترك تعليق

التعليق