قصّة نجاح.. نجّار سوريّ مبدع في أنطاكيا التركية


دخل منزله وقال لزوجته لملمي الأشياء التي نحتاجها، نحن مسافرون إلى تركيا، واختصري الكثير، واقتصري على ما غلا ثمنه وقل وزنه وحجمه.

قبل حوالي الساعة من دخوله المنزل كان الأمن السياسيّ يسأل عنه في الحارة، خلال وقت قصير باع محلّ النجارة الذي يملكه في حيّ مارتقلا في اللاذقية بأقلّ من نصف ثمنه، وقرّر الرحيل.

وصل إلى تركيا بعد رحلة استمرّت حوالي الأسبوع، كان صديق له من رفاق المظاهرات الأولى في اللاذقيّة قد أمّن له منزلاً متواضعاً بأجر شهري "800" ليرة تركية.

واشترى له بعض الأشياء المنزليّة التي يحتاجها الوافد الجديد.

بقي عدة أشهر لم يستطع تأمين عمل، حتى تمكن من العمل في ورشة نجارة بأجر يزيد قليلاً عن "1000" ليرة تركية.

استطاع أن يثبت وجوده بزمن قصير، واستقل بعمله بعد أن أثبت حرفيته، متفوّقاً على أقرانه من الأتراك في العمل والالتزام والإتقان، وفق زبائن تعاملوا معه.

كان لموقع "اقتصاد" لقاء مع "محمد حمادة" قال فيه "عانيت الأمرين قبل أن أستطيع إثبات وجودي عند عملي في أول ورشة لصناعة السلالم الخشبية الداخلية في المنازل الطابقية والفيلات المشادة، أثبتّ نفسي من خلال العمل الذي نال رضا المالك، وكان أن انطلقت في هذا العمل مع أنّني لم أعمل به من قبل في اللاذقيّة، اعتمدت على الاتقان والالتزام والأفكار الجديدة، واستخدام التجميل بواسطة الخشب من حفر وتلبيس وتشبيك مع الحفاظ على الجودة والمتانة".

وأضاف: "الآن أصبحت مستقلاً في عملي ولدي عدّة ورشات وطلبات للعمل أضعها على قائمة الانتظار، وأنا الآن أعمل على إكمال ورشة كاملة من أبواب وأدراج وأبجورات وسقائف وخزائن جدارية وخزائن متنقلة في فيلّا يملكها أحد التجار".


وتابع: "وضعت تصميماً كاملاً لكل ما تحتاجه الفيلّا، نال رضا ربّ العمل، تعاقدت معه، وحصلت على مبلغ مسبقاً من أجل شراء المواد الضرورية، وأنجزت أكثر من نصف العمل، وكان من نتيجة إعجاب الرجل أن دعا عدداً من أصدقائه من رجال الأعمال للإطلاع على عملي في الفيلا، وحاز عملي على إعجابهم وتعاقدت مع بعضهم لإنجاز أعمال مماثلة، واستطعت أن أفرض رؤيتي وتصوري لما سيتم العمل عليه في ممتلكاتهم".


وأضاف: "تمكنت من تطبيق رؤيتي وتصوراتي بعد أن اطلعت على عدد من التصاميم، وتعاونت مع مهندس ديكور سوريّ، ومازلت أتعامل معه. كان عملنا جديداً، وحاولنا إنجاز شيء من الإبداع والتطوير مع التخفيض في التكلفة المالية، واستخدمنا أفكاراً حديثة دخيلة على المجتمع التركي في أنطاكيا".


أبدى المالك الذي يعمل "محمد حمادة" في منزله إعجابه الشديد، واندهاشه من الأسلوب الجمالي الذي يستخدمه. وقال لموقع "اقتصاد": "لم أكن أتصوّر أنّ السوريين يملكون هذه الموهبة الخلاقة في العمل، وكنت أظنّ أننا متفوقون عليهم في مجال الديكور واستخدام الخشب، لكن أثبت (محمد أبو علي) أنه مبدع وقادر على مجاراة العصر والتفوّق على أقرانه من النجارين في أنطاكيا الذي يعملون منذ زمن طويل في نفس هذا المجال".

حصل "محمد حمادة" على عرضٍ للعمل، لصالح صاحب الفيلا الذي أنجز الأعمال فيها، مقابل راتب شهري أو وفق نسبة متفق عليها. لكن "محمد" أشار إلى رغبته في الحفاظ على استقلاليته، بعد جهد كبير جعله يصل اليوم إلى الوضع الذي يتيح له أن يحصل على عروض عمل عديدة، في نفس الوقت، ومن زبائن مختلفين.

ترك تعليق

التعليق