البنك المركزي العراقي يخفض قيمة الدينار 22٪ وسط سخط شعبي


أعلن البنك المركزي العراقي يوم السبت أنه سيخفض قيمة الدينار العراقي بأكثر من 20 بالمائة استجابة لأزمة سيولة حادة ناجمة عن انخفاض أسعار النفط، وهو إجراء أثار غضبا شعبيا في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة لتغطية نفقاتها.

تم إرسال شرطة مكافحة الشغب خارج مقر البنك المركزي في وسط بغداد قبل الإعلان في حال أثارت أنباء خفض قيمة العملة احتجاجات. وتسببت مسودة مسربة لقانون موازنة الدولة لعام 2021 في إثارة ضجة في الشارع العراقي الأسبوع الماضي حين تأكدت خطط خفض قيمة الدينار.

وتمثل المعدلات الجديدة انخفاضاً كبيراً عن السعر الرسمي السابق البالغ 1182 دينارا عراقيا للدولار، وهو أول تخفيض في أسعار الصرف تقوم به الحكومة العراقية منذ عقود.

وحدد البنك المركزي في بيان السعر الجديد للدينار المربوط بالدولار الأمريكي عند 1450 دينارا عراقيا للدولار عند بيعه لوزارة المالية العراقية. ويباع الدولار للجمهور بسعر 1470 دينارا عراقيا وبنوك اخرى بسعر 1460 دينارا عراقيا.

وأدى خفض قيمة العملة إلى زيادة احتمالات ضعف الدينار في الشارع. وارتفع السعر بالفعل إلى 1400 دينار عراقي للدولار يوم السبت من 1300 دينار عراقي الأسبوع الماضي لدى وكلاء صرف العملات.

قال أبو عابد الذي يعمل في مكتب صرافة في حي الكرادة بالعاصمة "توقفت عن صرف العملات". رفض أبو عابد عميلاً لديه ورقة 100 دولار، قائلاً إنه لا يمكنه البيع إلا بالسعر القديم البالغ 1300 دينار عراقي. وأضاف "من يدري، غدا يمكن أن يكون 1800 دينار عراقي".

منذ انهيار أسعار النفط في وقت سابق من هذا العام، يواجه العراق أزمة سيولة غير مسبوقة. واضطرت الدولة المصدرة للنفط إلى الاقتراض من احتياطيات البنك بالدولار لسداد ما يقرب من 5 مليارات دولار شهريا تمثل رواتب موظفي القطاع العام ومعاشات التقاعد. عائدات النفط، التي تشكل 90 في المائة من الميزانية، تجلب في المتوسط 3.5 مليارات دولار.

قوبلت الجهود المبذولة لإدخال الإصلاحات بالمعارضة وحتى الآن، تقترض الحكومة داخليا لسداد فواتير الدولة.

ومن شأن خفض قيمة العملة أن يمنح العراق الغني بالنفط، والذي يستورد جميع السلع تقريبا، مزيدا من الاموال لتسديد مدفوعات عاجلة. لكن تحديد سعر جديد كان بمثابة محاولة التوصل الى توازن دقيق لتلبية احتياجات الحكومة من السيولة دون التأثير على المواطن العراقي العادي.

وزارة المالية هي المسؤولة عن تخصيص مدفوعات رواتب موظفي القطاع العام، وهي أكبر قوة عاملة في العراق ومن بين أكثر الفئات استياء من إجراءات العملة الجديدة.

وبرر البنك التخفيض قائلا إنه نتاج "مداولات مكثفة" مع رئيس الوزراء ووزير المالية والمشرعين، وأكد أن خفض قيمة الدينار سيكون حدثا لمرة واحدة.

وقال البيان "يجب التأكيد هنا على أن هذا التغيير (الخفض) في قيمة الدينار العراقي سيكون لمرة واحدة فقط ولن يتكرر". وأضاف "البنك المركزي سيدافع عن هذا السعر واستقراره بدعم من احتياطياته الأجنبية" التي زعم أنها لا تزال عند مستويات مستقرة.

وألقى البنك باللوم على السياسات الاقتصادية السيئة خلال العقد الماضي. وقال إنه "لم يكن أمامه خيار سوى التدخل" لأن التخطيط الاقتصادي السيئ والسياسات المالية السيئة من جانب السياسيين العراقيين أدت إلى تحويل العراق إلى دولة مصدرة للنفط الخام مع توجيه الجزء الأكبر من الانفاق الحكومي لدفع رواتب وغيرها من متطلبات القطاع العام المتضخم.

أثار خفض قيمة العملة حفيظة العاملين في القطاع العام. ويخشى كثيرون من أن ضعف الدينار، وكذلك الخطط المقترحة في الموازنة لخفض الرواتب وفرض ضرائب، ستكون فعليا بمثابة تخفيض للأجور.

وبينما تتخذ خطوة نحو التقشف، تدعو موازنة الدولة المقترحة لعام 2021 أيضا إلى إنفاق قياسي يتوقع عجزا يقارب 40 مليار دولار. تم تأجيل جلسة مجلس الوزراء للتصويت على القانون إلى الأحد.

ومن هناك، سيتم التصويت عليها في مجلس النواب، وهي مهمة صعبة حيث لا تلقى التخفيضات قبولا، خاصة قبل الانتخابات الوطنية العام المقبل.

وقال النائب سركوت شمس الدين "سيكون من الصعب جدا (تمريره)". واضاف "من أجل إقناع النواب بالتصويت لمشروع القانون هذا، يجب على الحكومة أن تظهر أن لديها خططا أخرى.. لزيادة الإيرادات. هذه هي الاستراتيجية".

ترك تعليق

التعليق