حلفايا.. خبز بطعم الموت، والشبيحة يتحكمون بقوت الأهالي


على رائحة دماء المدنيين في بلدة حلفايا، وبقايا أشلاءهم التي كانت تملأ الجدران منذ سنوات، افتتح شبيحة النظام المخبز الآلي الذي شهد مجزرة كبيرة راح ضحيتها 160 شهيداً وجريحاً بعد قصفه من قبل الطيران الحربي لقوات الأسد في كانون الثاني 2012، لتمتزج في هذه المجزرة دماء الشهداء من الأطفال والنساء والرجال العزّل الذين كانوا يتجمعون أمام المخبز، بأرغفة الخبز التي كان بعضهم قد حصل عليها للتو، ليكون الخبز بطعم الموت.

في عام 2017، خرج الثوار من حلفايا، لتخضع لسيطرة النظام، حيث توقف المخبز الآلي عن العمل إلى حين افتتاحه من قبل شبيحة النظام ورموزه في حماة، وذلك في ذكرى المجزرة التي وقعت في المخبز قبل 8 سنوات، وكان الافتتاح على طريقتهم الدنيئة بالرقص والدبكة في ذات المكان، وبمشاركة بعض المتعاونين مع النظام من داخل البلدة الواقعة في الشمال الغربي من مدينة حماة.

 وهللت وسائل الإعلام الموالية لافتتاح المخبز زاعمة أنه خطوة لإعادة الحياة إلى القرى والبلدات "المحررة"، وأنه يخدم –حسب قولها- نحو 1500 أسرة في المدينة وبكمية 1200 ربطة يومياً. وتم تجهيز المخبز بخط واحد وبتكلفة 70 مليون ليرة.

 وعلّق عرّاب المصالحات "عمر رحمون" على حسابه في تويتر: "هذه رسالة لكل من يقول بأنه لا يوجد طحين بسورية الأسد، نقول له الطحين موجود والخبز متوفر وافتتاح هذا المخبز وغيره أكبر دليل على ما نقول".


وروى ناشط فضل عدم ذكر اسمه لـ "اقتصاد"، أن أهالي حلفايا وبعد السماح لهم بالعودة إلى المدينة في منتصف كانون الأول من العام الماضي 2019، كانوا يحصلون على الخبز من مخبز مدينة محردة، وتم تسليم ملف الخبز للشبيح "فيض الله الرجب"، لما عُرف عنه من موالاة لنظام الأسد ولإسكات الأهالي خوفاً من بطشه وتقاريره التي اعتاد على رفعها للأفرع الأمنية في حماة –كما قال المصدر-، والذي أضاف أن المخبز كان يتبع لبلدية حلفايا منذ ما قبل الثورة، وبعد سيطرة مليشيات النظام السوري وتشكيل مجلس للمدينة تابع للنظام برئاسة ياسر الجوهر ونائبه "أيمن الصيادي"، ضمّن المجلس المخبز وفق مزاد بـ "أعلى سعر"، حسب إدعائهم، وتم تضمينه للشبيح "عمر رحمون" وشخص من آل بيت "كسار الياسين" بصورة شكلية، وكان ذلك مجرد توزيع للحصص فقط دون أي مزاد، حسب وصف المصدر.

 وأكد محدثنا أن أوضاع الخبز كانت مزرية بعد عودة الأهالي إلى المدينة وحتى الآن، حيث لا يكاد الشخص يحصل على رغيف واحد، مما دفع الأهالي إلى بناء أفران صغيرة في منازلهم لتأمين رغيف الخبز من الحنطة التي قاموا بتخزينها من قبل، وربما استغنوا عن هذه المادة، ناهيك عن أن الواقع الخدمي مزرٍ، فلا ماء ولا كهرباء والأسمدة الزراعية يتم منحها للشبيحة فقط.


 وتابع محدثنا أن سلطة الأمر الواقع في حلفايا قامت بتوزيع 200 لتر مازوت منذ فترة واتضح أن كل المستفيدين منها من الشبيحة.

وكشف المصدر أن هناك صراعاً الآن في مدينة حلفايا بين الشبيحة على تقاسم أراضي المهجّرين بين ضباط أمن الدولة والأمن العسكري والأمن السياسي عن طريق العواينية وتوظيف الشبيحة، و"الشاطر"–حسب قوله- من يأخذ أكبر مساحة ليزرعها.


وكان جيش النظام قد أصدر برقية في 11 آب/أغسطس الماضي جاء فيها "يمنع حراثة الأراضي الزراعية لغير المالكين الأساسين لها والعمل بها حتى انتهاء اللجنة المشكلة بالأمر الإداري رقم 3077، بتاريخ الثالث من يونيو/ حزيران 2020 من عملها، وذلك لورود معلومات تفيد بأن بعض المواطنين يقومون بوضع أيديهم على تلك الأراضي وعلى مسؤولية رؤساء البلديات وأمناء الفرق الحزبية ورؤساء مكاتب الفلاحين ومديري النواحي وقادة المفارز الأمنية".

ولم تنته مأساة الأهالي عند هذا الحد -بحسب المصدر-، فأي شخص نازح من أهالي حلفايا يريد العودة، عليه مراجعة الأفرع الأمنية ليدفع الرشاوى الباهظة أو يواجه الاعتقال في غالب الأحيان.

وخاضت مدينة حلفايا عدة معارك وتبادل سيطرة بين قوات النظام وفصائل المعارضة المسلحة، كان آخرها سيطرة النظام عليها قبل حوالي 3 سنوات، بعد حملة عسكرية وقصف مكثف من الطيران الحربي الروسي والتابع لقوات النظام.

ترك تعليق

التعليق