رفع المازوت الصناعي.. كيف انعكس على الصناعة والمعيشة في مناطق النظام؟


يدخل المازوت الصناعي في العديد من الاستخدامات الإنتاجية كمصانع المواد الغذائية والطبية "الصغيرة والمتوسطة والكبيرة"، ويزداد الاعتماد عليه في سوريا بشكل كبير جراء تواصل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة عبر استخدامه لتشغيل المولدات الكهربائية الضخمة.

برغم ذلك، قامت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في نظام الأسد برفع سعر المازوت الصناعي منتصف الشهر الماضي إلى 650 ليرة سورية لليتر الواحد بعد أن كان منذ العام 2017 بنحو 295 ليرة فقط.

ولا تختلف ذرائع مؤسسات النظام عند كل عملية رفع سعر لأيّة مادة، إذ غالباً ما تكون بسبب التكاليف الكبيرة لتأمين المشتقات النفطية، وكإجراء ضروري للحد من عمليات التهريب إلى لبنان عبر الحدود التي تُسيطر عليها ميليشيات حزب الله اللبناني.

رفع سعر المازوت الصناعي يُسبب بالضرورة رفع أسعار كثير من المنتجات الضرورية لا سيّما الغذائية منها والتي تُعد في سلم أولويات السوريين الذين بالكاد يتمكنون من تأمين قوت يومهم في ظل عجزهم عن تأمين موارد تقيهم العوز والحاجة، وفقاً لما قاله لـ "اقتصاد"، السيد "أبو ساجد"، وهو شريك في مصنع لمستلزمات الأطفال بالمدينة الصناعية بعدرا.

وأضاف أبو ساجد أنّه سيضطر لطرح منتجه في الأسواق بسعر مضاعف بسبب ازدياد التكلفة، مُشيراً بأنّ أسعار أكثر المنتجات في أسواق دمشق وريفها ارتفعت ما بين 20 و30% منذ الشهر الماضي، في حين أن ذريعة تذبذب سعر الصرف مختفية حالياً بسبب الاستقرار النسبي لسعر الليرة السورية أمام العملات الصعبة، ويتنبأ أبو ساجد بارتفاع أكبر في الأسعار بوقت قريب جراء عدم تحمل الصناعيين خسائر جديدة في الوقت الذي تعاني فيه الأسواق ضعف القدرة الشرائية لدى المستهلك السوري وركود في التصدير.

إضافة إلى مخاوف المدنيين في مناطق سيطرة نظام الأسد، حذرت شخصيات عديدة ونافذة من مغبة ومخاطر رفع أسعار المازوت الصناعي من بينهم "فارس شهابي" رئيس اتحاد غرف الصناعة حيث قال في تصريحات صحفية نشرها الإعلام الموالي، إنّ ذلك سيتسبب في ارتفاع تكاليف الإنتاج والشحن، كما سيكون سبباً في توقف عدد من المصانع، وخاصةً أن العديد من المناطق الصناعية والحرفية لديها انقطاعات كبيرة في التغذية الكهربائية.

"أبو وجدي" مدير مبيعات في مصنع خياطة بمدينة حسياء الصناعية، لا يرى رؤية اقتصادية واضحة لدى دوائر نظام الأسد بحسب ما قال لـ "اقتصاد"، فالتصريحات الرسمية متناقضة، إذ تٌبرر وزارة النفط رفع السعر نظراً لارتفاع التكلفة التي تُقدرها بنحو 800 ليرة سورية، بالتالي فإن مادة المازوت للصناعيين لا زالت مدعومة، بينما تقول وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأنّ تكلفة تأمين المادة بحدود 650 ليرة لليتر الواحد، علماً أنّ هذه الوزارة يجب أن تكون لصالح الصناعيين لعلمها المسبق باعتمادهم على السوق السوداء في تأمين ما ينقصهم من المازوت، وهي كميات كبيرة جداً يحصلون عليها بأسعار لا تقل عن 1000 ليرة لليتر الواحد.

للمفارقة فإنّ قرار رفع سعر المازوت الصناعي أتى بعد أيام قليلة من وصول باخرة إيرانية محملة بمليون برميل من النفط الخام إلى شواطئ بانياس، خلال أزمة بنزين بدأت في شهر آب الماضي وفرضت الطوابير على محطات الوقود.

وتُشكل المشتقات النفطية باختلاف أصنافها 84% من مستوردات القطاع العام سنوياً بحسب بيانات وزارة الاقتصاد. وتعتمد سياسة حكومة الأسد الحالية تعميم الصبر على القاطنين في مناطق إدارتها.

يُذكر أنّ حكومة الأسد سمحت لغرفة الصناعة والصناعيين منذ آذار 2019 باستيراد مادة المازوت براً وبحراً لهدف تأمين كميات إضافية تعزز استمرار العملية الإنتاجية، وتدعم توريدات المشتقات النفطية بما يلبي الحاجة، إلّا أنّ الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تحذر مجتمع شحن البترول البحري من نقل شحنات بما فيها الشحنات الإيرانية إلى النظام، ما وضع العديد من الصناعيين السوريين في موقف العجز.

يُشار أنّ سعر مازوت التدفئة بقي على حاله دون زيادة، إذ يُباع للمستهلك بشكل مباشر عبر البطاقة الذكية بسعر 180 ليرة سورية لليتر الواحد وبدفعات محددة مسبقاً، كما حافظ مازوت الأفران التموينية على سعر 135 ليرة لليتر الواحد.

ورغم تطمينات دوائر نظام الأسد حول واقع الأسعار إلّا أن السوريين في مناطق سيطرته يُبدون مخاوفهم من ارتفاع جديد في أسعار كافة المنتجات الأساسية.

ترك تعليق

التعليق