في اسطنبول.. هل نقل بعض السوريين إرث البعث الاقتصادي معهم؟


لم تغير الغربة والأمكنة الجديدة من عقلية بعض السوريين في تعاطيهم مع المال والأزمات، وما تربوا عليه طوال خمسين سنة من حكم آل الأسد يبدو أنه هو الذي يحرك أولئك الذين يعملون في تجارة العقارات وتأجيرها، ويرون في استغلال القادم إلى اسطنبول مثلاً (هبشة) يجب عدم تفويتها.

بالدولار.. فقط

يقول "ممتاز" القادم من إحدى الدول الاسكندنافية إلى اسطنبول، لـ "اقتصاد": "منذ أسبوع أبحث عن استديو صغير لأقضي فيه شهراً واحداً ريثما أرتب أموري التي قدمت لأجلها، ولكنني فوجئت بالأسعار المرتفعة جداً وبطريقة الدفع فكل المكاتب السورية التي تعمل بالعقارات طلبت مني الأجور بالدولار، وأما المكاتب التركية فيطلبون بالليرة التركية وبأسعار أقل بكثير".

أما عن الأسعار، فحسب "ممتاز"، هي للاستديو المكون من غرفة وصالون بمساحة لا تتعدى 40 متراً، ما بين 500 - 1100 دولار في منطقة الفاتح، حيث تجمع السوريين الأكبر.

أما لماذا بالدولار؟، فالسبب حسب الرجل: "قالوا لي أن الدولار سعره يتغير مقابل الليرة التركية كل ساعة لذلك الاتفاق سيكون بالدولار بينما الأتراك لم يأتوا على ذكر الدولار أبداً".

بيوت افتراضية

"هاشم"، شاب سوري آخر، تحدث لـ "اقتصاد" عن مفارقة أخرى حصلت معه: "اتصلت بأحد الأشخاص الذين ينشرون خدماتهم على الفيسبوك وأرسل لي صوراً لمنزل جميل في منطقة (ششلي) وطلب إيجاره 450 دولاراً وعندما ذهبت للعنوان المذكور وجدت مواصفات أخرى لا تشبه أبداً الصور التي أرسلها لي".

لا مكاتب أيضاً لهؤلاء على الواقع هي مجرد صفحات فيسبوكية، ويعملون كسماسرة فقط يتصيدون الزبائن، كما يقول "قاسم" أحد سكان منطقة الفاتح: "إذا طلبت مقابلة مع مسؤول الصفحة بعد التواصل معه على الهاتف الموجود مع الإعلان، سيطلب منك اللقاء في مكان ما ثم يأخذك إلى المنزل وإذا تم الاتفاق يذهب بك إلى المكتب الذي غالباً هو تركي ولكنه هو من يعقد معك الاتفاق ثم يأخذ عمولته ويمضي".

تربية بعثية

هنا يتعامل بعض السوريين مع ارتفاع الدولار كما كانوا يتعاملون معه في سوريا، فيرفعون تلقائياً أسعار السلع التي يعملون بها حتى لو كانت ذات منشأ محلي، وهذا ما يؤكده "أبو قاسم"، أحد السوريين من سكان منطقة بيرم باشا: "لم تتغير الأسعار بالرغم من تذبذب الليرة التركية في الفترة الأخيرة إلا عند السوريين، وأما في الـ (BIM) وهي سلسلة سوبرماركات تركية لم يتغير سعر أي سلعة".

يتابع "أبو قاسم" لـ "اقتصاد": "من يرفعون هذه الأسعار هم تنشئة وتربية حزب البعث في تعاطيه مع الاقتصاد، وهؤلاء يشترون بضائعهم بالليرة التركية ويسعرون بفارق الدولار بين يوم وآخر".

يحاول السوريون هنا تناسي أزمات الماضي، وكيف كان يتم استغلالهم قبل الثورة وبعدها، ويرون ما يحل بالسوريين في الداخل من غلاء وفقر، ويتمنون أن تكون الأمكنة الجديدة محطة لتعاملات أكثر إنسانية وكرامة.

ترك تعليق

التعليق