الدرّاجات الناريّة.. مشكلة وحلّ، في ريف اللاذقيّة المحرّر


يعاني ريف اللاذقيّة ومخيماته التي يقطنها عشرات الآلاف من قلة وسائل المواصلات، الأمر الذي دفعهم إلى الاعتماد على الدرّاجات الناريّة، في غالبيّة تنقّلاتهم وتأمين احتياجاتهم، رغم مخاطرها وإزعاجاتها.

وتنتشر عشرات المخيّمات في ريف اللاذقيّة المحرر، وتتكدّس قريبة من الشريط الحدوديّ مع تركيّا، ابتداء من جبل التركمان وصولاً حتى مشارف بلدة اليعقوبيّة في ريف جسر الشغور الشرقيّ.

اشتكى "جمعة الأحمد" المقيم في مخيّمٍ قريب من خربة الجوز في ريف اللاذقية لموقع "اقتصاد" من عدم توفّر وسائط نقل جماعيّة منتظمة، باستثناء بعض الحافلات التي تستطيع أن تقلّ "14" راكباً، وهي من نوعيّة قديمة غير صالحة للركوب أصلاً، وأصبحت مهترئة نتيجة استعمالها وركوبها في طرقات غير مؤهلّة لسير السيّارات، أو أنّها أصبحت عارية من طبقتها المعبّدة، نتيجة القذائف التي أصابتها من طائرات وصواريخ ومدفعيّة الأسد.

وأضاف: "هذه الحافلات غير منتظمة في خطّ سيرها أو وقت انطلاقها ووصولها، واستقلالها يضاعف الزمن اللازم للوصول، نتيجة كثرة التوقّف والحفر، وعدم وجود طرقات معبّدة".

الحلّ الآخر الذي لجأ إليه المواطنون هو استعمال الدراجات النارية، فهي تعتبر ضروريّة في كل منزل وخيمة، وباتت الوسيلة الأكثر استعمالاً، بعد أن تنوّعت مهام استخدمها.

فهي وسيلة الزيارة والتواصل بين الأهل والجيران وحتى القرى والمخيمات، وقد تصادف درّاجة ناريّة يركبها أربعة شباب أو عائلة كاملة مكونة من خمسة أفراد وأحياناً أكثر.

وغالباً ما ترى الدرّاجة على الطرقات محمّلة ببضائع للبيع، ويستعملها الباعة المتجولون، وتبلغ حمولتها خلال العمل أضعافاً مضاعفة لحجمها.

أو قد ترى سائق درّاجة يضع خلفه حملاً من الحطب الذي اقتطعه أو اقتلعه من الجبال القريبة.

ويعتبر المقاتل "أبو خالد" الدرّاجة الناريّة الوسيلة الأكثر توفيراً وأماناً بالنسبة للتنقّل بين مناطق ومخافر الحراسة المقابلة لمواقع تمركز نظام الأسد في جبليّ الأكراد والتركمان، فهي خفيفة وسريعة، ويمكنها السير على طرقات وعرة محفّرة، أو على طرقات جبليّة لا تستطيع السيّارات العاديّة السير عليها، كما أنها خفيفة في التنقّل ويمكن تمويهها، وتستطيع تجاوز المناطق المكشوفة بسرعة، وكذلك يمكن استخدامها لإيصال الماء والغذاء للمناوبين على النقاط الأمامية، وخسارتها ليست كبيرة فيما لو تم تدميرها.

يستعمل الجميع الدرّاجة الناريّة ويقرّون بمزاياها، ابتداء من قلّة استهلاكها للوقود، وصولاً إلى خفّتها وتوفرها ورخص ثمنها، وإمكان استخدامها من الجميع وحتّى صغار السنّ.

ولكنّهم مع ذلك يشكون من ارتفاع أسعار الوقود، وكثرة الحوادث على الطرقات، وكذلك يمتعضون من رعونة بعض الشباب الذين يحاولون إبراز مهاراتهم في قيادتها، أو الاستعراض لغايات أخرى، ناجمة عن طيش الشباب.

ركب "أبو أحمد" درّاجته الناريّة، وأردف خلفه زوجته وابنته الصغيرة، وانطلق باتجاه مدينة جسر الشغور، فهو مسرور لأن أحد أقربائه قد أرسل له حوالة ماليّة تعادل "400" ليرة تركية، ويستطيع تلبية طلبات زوجته بقائمتها الطويلة، وكذلك يريد أن يشتري لعبة صغيرة لابنته ذات العامين.

وفي منتصف اليوم التالي، عاد إلى منزله مستخدماً عكّازين تعوّضانه عن قدمه المكسورة، حيث اضطر أن يخرج من الطريق نتيجة رعونة سائق سيّارة من نوع "جيب سينتافيه"، مما أدّى لانقلابه وإصابته وتحطّم درّاجته.

ومع ذلك تبقى الدرّاجة هي الحل الأفضل والأرخص حاليّاً رغم إزعاجها، وصوتها العالي الذي يمنع الراحة والنوم خلال النهار، ويُوقظ الأهالي في المناطق القريبة من الطرقات، بل وحتى البعيدة عنها.

ترك تعليق

التعليق